مخاوف من "حمام دم".. الاحتلال يجهز خططه للعدوان على رفح
يستعد جيش الاحتلال الإسرائيلي لـ"إجلاء" أكثر من مليون فلسطيني من مدينة رفح للشروع في تنفيذ عملية عسكرية واسعة على المدينة الواقع جنوبي قطاع غزة، فيما يعيش هؤلاء الفلسطينيون في ظروف بائسة بعد أن نزحوا من الشمال جراء العدوان الإسرائيلي.
وكانت وكالات الإغاثة حذرت من أن الهجوم العسكري في مثل هذه المنطقة المكتظة بالسكان قد يؤدي في النهاية إلى مقتل أعداد كبيرة من الأبرياء. وقالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، إنها لا تعرف المدة التي يمكن أن تستغرقها "مثل هذه العملية شديدة الخطورة".
من جهته، صرّح المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني: "هناك شعور متزايد بالقلق والذعر في رفح.. لأن الناس ليس لديهم أي فكرة على الإطلاق إلى أين يذهبون".
إسرائيل تستعد لتنفيذ عملية برية في رفح
وأعلن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمس الجمعة إنه طُلب من الجيش وضع خطة "لإجلاء السكان وتدمير" أربع كتائب تابعة لحماس قال إنها منتشرة في رفح، حسب زعمه.
وأضاف في بيان أن إسرائيل لن تستطيع تحقيق هدفها المتمثل في القضاء على "حماس" ما دامت تلك الوحدات باقية، فيما لم يذكر أي تفاصيل أخرى.
ويأتي صدور البيان بعد يومين من رفض نتنياهو اقتراح حماس لوقف إطلاق النار، والذي يتضمن إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم الحركة.
وهذا الأسبوع، اقترحت حماس وقفًا لإطلاق النار لمدة أربعة أشهر ونصف الشهر يتم خلالها إطلاق سراح جميع المحتجزين المتبقين وانسحاب القوات الإسرائيلية والتوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب، حسب وكالة "رويترز".
وكان هذا العرض رد حماس على اقتراح صاغه الأسبوع الماضي رئيسا المخابرات الأميركية والإسرائيلية ونقلته مصر وقطر للحركة، فيما رفض نتنياهو شروط حماس ووصفها بأنها "مضللة" وتعهد بمواصلة القتال، حسب تعبيره.
من جهتها، أكدت واشنطن، الداعم الرئيسي لإسرائيل، أنها لن تؤيد أي عملية عسكرية لا توفر الحماية للمدنيين، وأطلعت إسرائيل على مذكرة جديدة للأمن القومي الأميركي تذكّر الدول التي تتلقى أسلحة أميركية بالالتزام بالقانون الدولي.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير للصحافيين: "لا توجد معايير جديدة في هذه المذكرة. نحن لا نفرض معايير جديدة للمساعدات العسكرية". وأضافت: "لقد أكدوا (الإسرائيليون) استعدادهم لتقديم هذا النوع من الضمانات".
ويتكدس أكثر من مليون شخص، نزحوا جنوبًا بعد 4 أشهر من القصف الإسرائيلي، في رفح والمناطق المحيطة بها على حدود القطاع الساحلي مع مصر التي عززت الإجراءات الأمنية مخافة حدوث نزوح جماعي.
ويواجه الأطباء وموظفو الإغاثة صعوبات بالغة من أجل توفير المساعدات الأساسية للفلسطينيين الذين يحتمون بالقرب من رفح. والكثيرون محاصرون عند السياج الحدودي مع مصر ويعيشون في خيام مؤقتة.
وحولت القوات الإسرائيلية هجومها جنوبًا نحو رفح، بعد أن اقتحمت في البداية شمال غزة.
وشددت الأمم المتحدة الجمعة على وجوب حماية المدنيين في رفح لكن يجب ألا يكون هناك أي تهجير قسري جماعي وهو ما وصفته بأنه مخالف للقانون الدولي.
وقال يان إيجلاند الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين: "لا يمكن السماح بأي حرب في مخيم ضخم للاجئين"، محذرًا من "حمام دم" إذا امتدت العمليات الإسرائيلية إلى هناك.
"تهجير الشعب الفلسطيني"
بدورها، قالت الرئاسة الفلسطينية إن ما وصفته بخطط نتنياهو للتصعيد العسكري في رفح يراد بها تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه.
وقال مكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس: إن "إقدام الاحتلال على هذه الخطوة يهدد الأمن والسلم في المنطقة والعالم، وإن ذلك تجاوز لكل الخطوط الحمراء".
وأفاد مسؤول إسرائيلي طلب عدم نشر اسمه بأن إسرائيل ستحاول تنظيم انتقال النازحين في رفح إلى الشمال الذي فروا منه سابقًا قبل أي عملية عسكرية هناك، بحسب ما نقلت وكالة "رويترز".
وفي علامة أخرى على تأثير الحرب، يعاني واحد من بين كل عشرة أطفال في غزة دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد، وفقًا لبيانات أولية من الأمم المتحدة من خلال قياسات الذراع التي تظهر مستويات الهزال لدى الأطفال.
وقالت مؤسسة "أكشن إيد" الخيرية إن بعض الناس يلجأون إلى أكل العشب، مضيفة أنّ "الجميع في غزة يعانون الآن من الجوع ولا يحصل الناس إلا على لتر ونصف أو لترين من المياه غير الصالحة للشرب يوميًا لتلبية جميع احتياجاتهم".
الأوضاع في مجمع ناصر الطبي
من جهتها، أفادت وزارة الصحة في غزة بأن إسرائيل تضع حياة 300 كادر طبي و450 جريحًا ونحو 10 آلاف نازح ضمن دائرة "الخطر الشديد" في مستشفى ناصر بخانيونس جنوب القطاع.
وفي هذا الإطار، أفاد مراسل "العربي" من رفح أحمد البطة، بأن مستشفى ناصر كان في ذروة الأحداث خلال الساعات الأخيرة، بعد عودة الآليات العسكرية الإسرائيلية إلى حي النمساوي، حيث تم قصف الكثير من المباني بالإضافة لقصف مدفعي مكثف لمناطق محيطة بمجمع ناصر الطبي وسط استمرار الاشتباكات.
وأفاد باستمرار إطلاق جيش الاحتلال النار تجاه مباني والطوابق العليا العلوية للمجمع الطبي، مشيرًا إلى قنص شاب في البطن وهو أمام مستشفى مبارك داخل مجمع ناصر الطبي واستشهد على الفور، فيما أصيب اثنان من النازحين، حيث تم الوصول إليهم بصعوبة بالغة، بالإضافة إلى جثمان شهيدة أخرى ما يزال جثمانها ملقى تجاه البوابة الشمالية للمجمع، حيث يمنع الاحتلال أي أحد أن يصل إليها ويطلق النار تجاههم.
وتابع مراسلنا أن مدينة رفح شهدت أمس الجمعة ليلة صعبة ودموية، حيث استشهد 22 فلسطينيًا بينهم أطفال ونساء وصلوا أشلاء مقطعة بقصف الاحتلال الذي استهدف 3 منازل في حي الجنينة إلى الشرق من المدينة، وأيضًا في حي النصر ومنطقة ميراج إلى الشمال الشرقي من المدينة.