الجمعة 13 Sep / September 2024

مسيرات ضد عنف الشرطة والتجسس.. هل تتجه فرنسا نحو "كبت الحريات"؟

مسيرات ضد عنف الشرطة والتجسس.. هل تتجه فرنسا نحو "كبت الحريات"؟

شارك القصة

"العربي" يطرح تساؤلات حول المعالجة الأمنية للتحركات في فرنسا (الصورة: رويترز)
تكثر التساؤلات حول المعالجة الأمنية للتحركات في فرنسا، والاستخدام المفرط للقوة من قبل الشرطة، والمضي نحو التجسس على هواتف المواطنين.

تظاهر ما لا يقلّ عن ألفَي شخص أمس السبت في باريس، وشهدت مدن أخرى احتجاجات مماثلة ضدّ عنف الشرطة، وذلك بعد أيّام على مقتل الشاب نائل م. برصاص شرطي خلال تدقيق مروريّ.

في التفاصيل، انطلقت التجمعات منذ ساعات بعد ظهر لإحياء ذكرى الشاب الأسود أداما تراوري الذي قُتل خلال عمليّة توقيف في يوليو/ تموز 2016.

ويتحدى الفرنسيون بذلك، أمرًا رسميًا بمنع إقامة ما اعتبرته "تجمّعات غير معلنة تنطوي على مخاطر إخلال بالنظام العام".

"صب الزيت على النار"

وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية، أطلّت شقيقة أداما، آسا تراوري، في ساحة الجمهورية ومعها عدد من نواب حزب "فرنسا الأبية" (يسار راديكالي)، وقالت وهي ومحاطة بقوات أمنية: "نسير من أجل الشباب، من أجل التنديد بعنف الشرطة".

وتابعت الناشطة التي لم تطلب بشكل مباشر من مؤيديها الانضمام إليها لئلّا تعتبر الشرطة ذلك تنظيمًا لمظاهرة غير قانونية: "فرنسا ليست في موقع إعطاء دروس أخلاقية. شرطتها عنصرية.. الحكومة قررت صب الزيت على النار وعدم احترام مقتل أخي".

وبُعيد كلمتها، طلبت القوات الأمنية من الناس التفرّق، وحصل بعض التدافع فيما هتف متظاهرون "العدالة لنائل"، كما ندد عدد من الصحافيين على مواقع التواصل الاجتماعي بتصدّي الشرطة لهم بعنف خلال تغطيتهم توقيف الشبان، وأرفقوا تصريحاتهم بصور.

الناشطة آسا تراوري خلال التحرك في باريس - رويترز
الناشطة آسا تراوري خلال التحرك في باريس - رويترز

غضب أحياء الطبقة العاملة 

وإلى جانب باريس، رُصدت نحو 30 مظاهرة أخرى ضدّ عنف الشرطة في فرنسا يوم أمس، حيث قدرت وزارة الداخلية أن أعداد المحتجين بنحو 5900 شخص في أنحاء البلاد، من باريس إلى مرسيليا جنوبًا مرورًا بنانت غربًا، وصولًا إلى ستراسبورغ شرقًا. 

ومنذ مقتل الشاب نائل البالغ من العمر 17 عامًا يوم 27 يونيو/ حزيران في نانتير، تشهد فرنسا احتجاجات متواصلة تكشف الصعوبات التي تواجهها أحياء الطبقة العاملة، والعلاقات المضطربة بين الشباب وقوات الأمن.

هذا ودعت نحو 100 جمعية ونقابة وحزب سياسي من اليسار، إلى "مسيرات المواطنين" للتعبير عن "الحداد والغضب"، والتنديد بالسياسات التي تعتبر "تمييزية" ضد الأحياء الشعبية، والمطالبة بإجراء "إصلاح عميق للشرطة ولتقنيات تدخلها وتسلحها".

قلق الأمم المتحدة 

في السياق، ردّت باريس على تصريحات لجنة خبراء أمميين انتقدوا بشدّة طريقة تعامل قوات الأمن مع أعمال الشغب، حيث نددت الخارجية الفرنسية بـ"تصريحات مبالغ فيها ولا أساس لها".

فقد أعربت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري، عن قلق عميق إزاء "استمرار ممارسة التنميط العنصري إلى جانب الاستخدام المفرط للقوة في إنفاذ القانون، ولا سيما من الشرطة، ضد أفراد الأقليات، بمن فيهم المتحدرون من أصل إفريقي وعربي".

فردّت الخارجية الفرنسية في بيان أمس السبت ذكرت فيه أنّ "أيّ إجراء للتنميط العنصري من جانب قوّات الأمن محظور في فرنسا"، مشدّدة على أن "مكافحة تجاوزات التدقيق" المرتبطة بالملامح "تكثّفت".

حشد للشرطة الفرنسية في باريس منعًا للتجمعات غير المرخصة - رويترز
حشد للشرطة الفرنسية في باريس منعًا للتجمعات غير المرخصة - رويترز

تساؤلات حول المعالجة الأمنية

هذا وتثار تساؤلات كثيرة حول المعالجة الأمنية للتحركات والاستخدام للقوة المفرطة، والمضي نحو التجسس على الهواتف في فرنسا بعد إقرار قانون جديد يسمح للشرطة بالتجسس على هواتف وأجهزة المشتبه بهم.

وهاجمت أحزاب اليسار قانون التجسس الجديد، فيما أطلق المدافعون عن الحريات عليه اسم "الميثاق الاستبدادي للتلصص".

بهذا الصدد، يتحدث الصحافي المتخصص في الشؤون الفرنسية علاء الدين بونجار لـ"العربي"، عن أن الحكومة الفرنسية تتحجج في قراراتها الأخيرة بأن فرنسا بعد المظاهرات وأعمال الشغب التي صاحبتها، لا تسمح بأن يكون هناك تجمعات تندد بعنف وعنصرية الشرطة.

ويتابع بونجار من باريس: "قانونيًا، التظاهر هو حق دستوري في فرنسا، ولكن للشرطة أيضًا حق في المحافظة على الأمن ومنع بعض التجمعات.. ولكن التجنيد الكبير لعناصر الشرطة لم يحول دون خروج هذه الاحتجاجات..".

كما يشبّه الصحفي ما يحصل في فرنسا بـ"السقوط الحرّ" من الناحية الأخلاقية، والقانونية، وملف حقوق الإنسان، واحترام الحريات الفردية.

ويردف: "هذا ليس بالأمر الجديد وبدأ منذ الاعتداءات الإرهابية عام 2015، حيث تم اتخاذ ذريعة الأمن لسن بعض القوانين التي تحدّ من حرية الأفراد وتسمح بالتجسس على المواطنين الفرنسيين".

وتطورت الأحداث بعد تحركات "السترات الصفراء" ضدّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وقانون التقاعد، وقبلها الأزمة الصحية، وفي كل مرةّ "نلحظ بأن هناك تشديد للإجراءات الأمنية والقانونية".

تابع القراءة
المصادر:
العربي - أ ف ب
Close