الجمعة 20 Sep / September 2024

مسيرة سياسية حافلة.. المجالي يروي خفايا مؤتمر مدريد واتفاقية وادي عربة

مسيرة سياسية حافلة.. المجالي يروي خفايا مؤتمر مدريد واتفاقية وادي عربة

شارك القصة

حلقة أرشيفية من برنامج "وفي رواية أخرى" يتحدث فيها رئيس الوزراء الأردني الأسبق عبد السلام المجالي عن مؤتمري مدريد وواشنطن واتفاقية وادي عربة
يتحدث رئيس الوزراء الأردني الأسبق عبد السلام المجالي عن مشاركته في مؤتمر مدريد وظروف محادثات السلام بين الأردن وإسرائيل ومعاهدة وادي عربة.

تناول رئيس الوزراء الأردني الأسبق عبد السلام المجالي في الحلقة الرابعة ضمن برنامج "وفي رواية أخرى" أهم الأحداث التي طبعت مسيرته السياسية.  

وتحدث المجالي في الحلقة التي سُجلت عام 2018 ويُعيد "العربي" نشرها بعد وفاة رئيس الوزراء الأسبق في 3 يناير/ كانون الثاني الماضي، عن مؤتمر مدريد الذي نُظم عام 1991 والذي جاء لإحياء السلام بعد حرب الخليج. 

مؤتمر مدريد

ويرى المجالي أن تلك الحرب كان لها فعالية خاصة في تغيير الإستراتيجية الغربية تجاه القضية الفلسطينية، معتبرًا أن وزير الخارجية الأميركية جيمس بيكر نجح في إرضاء العرب والإسرائيليين.

وكانت المشكلة بمشاركة الفلسطينيين في المؤتمر، فلجأ بيكر إلى الملك حسين وتقرر تشكيل وفد أردني- فلسطيني مشترك.

ويقول مجالي: "جميع الوفود المشاركة كانت تضم 14 عضوًا من البلد ذاته، بينما كان الوفد الأردني يضم 7 أردنيين و7 فلسطينيين"، لافتًا إلى أن الملك حسين وضع فلسطينيين ضمن الفريق الأردني لكي يضم ممثلين عن مدينة القدس. 

بذرة الاعتراف بالوجود الفلسطيني 

ويروي المجالي، الذي كان من بين أعضاء الوفد، أنه عند الذهاب إلى مدريد وجد أن الصورة في العالم أجمع صورة صهيونية وأن فلسطين هي أرض الميعاد بالنسبة لليهود فقط، أي إن "وجود الشعب الفلسطيني منكر والسائد أن اليهود قدموا إلى أرض بلا شعب وهم شعب بلا أرض".

الوفد الأردني الفلسطيني الذي شارك في مؤتمر مدريد
الوفد الأردني الفلسطيني الذي شارك في مؤتمر مدريد

ولفت المجالي إلى أن آلاف المؤسسات الإعلامية غطت أعمال المؤتمر ورأوا بأم العين أن الدعاية التي تروجها إسرائيل بأن الفلسطينيين إن وجدوا فهم إرهابيون، هي خاطئة. 

مفاوضات "الكوريدور"

وعند الذهاب إلى مفاوضات واشنطن، أصر الإسرائيليون على أن يفاوض المجالي عن الفلسطينيين لكنه رفض. ويقول المجالي: "رفضنا ومكثنا في الكوريدور عدة أشهر"، لذا أطلق على تلك المفاوضات اسم مفاوضات الكوريدور. ويضيف: "عندما نجحنا في فصل المسار الأردني عن المسار الفلسطيني أصبح الفلسطينيون يفاوضون عن أنفسهم وبالتالي أصبح هناك كينونة أخرى". 

ويلفت المجالي إلى أن الولايات المتحدة فكرت في هوية ممثلي الوفد الفلسطيني عند التوقيع وأنه بحال نجاح المفاوضات لا بد من الاعتراف بقيادة فلسطينية. وعندها جرى الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق شامير للاعتراف، لكنه رفض فسقطت حكومته. وخلفه إسحاق رابين.

الاعتراف الإسرائيلي بالقيادة الفلسطينية

انتخب رابين في يوليو 1992، وفي ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه طرد رابين 412 شخصًا من حركة حماس إلى لبنان في حدث غطته وسائل إعلام عالمية. 

واجتمع مجلس الأمن للنظر في الموضوع وتمنعت الولايات المتحدة عن التصويت. ويرى المجالي أن "رسالة رابين للشعب الفلسطيني كانت تفيد بأنه قوي لكن الدنيا تغيّرت". 

وبعد أشهر، اجتمع الكنيست الإسرائيلي وألغى القانون الذي يعتبر كلام الإسرائيليين إلى أي فلسطيني جريمة. وعقب ذلك بدأت مفاوضات أوسلو السرية. ويقول المجالي: "قبل إلغاء القانون لم يكن رابين يجرؤ على التفاوض مع الفلسطينيين حتى سرًا". 

رئيس الوزراء الأردني الأسبق عبد السلام المجالي مع المفاوض الإسرائيلي
رئيس الوزراء الأردني الأسبق عبد السلام المجالي مع المفاوض الإسرائيلي

وفي ظل مفاوضات أوسلو قام رابين بغزو لبنان واحتل جنوبه بهدف إظهار قوته، بحسب رئيس الوزراء الأسبق. 

ويقول: "كل الدول العربية شتمت أوسلو لكنني أعتبر أن أوسلو مثل اعترافًا لأول مرة في تاريخ الصهيونية بوجود الشعب الفلسطيني وبوحدته على أرض فلسطين". 

ظروف التفاوض في مدريد وواشنطن

وحول ترؤسه لوفد مفاوضات السلام مع إسرائيل، يشرح المجالي أنه كان في ذلك الوقت مستشارًا لملك الأردن. وكان في باريس وتلقى برقية يدعوه فيه الملك للحضور. وعند مقابلته الملك أخبره أنه اختير لترؤس وفد السلام. فأجابه المجالي: "أنا الجندي وأنت القاضي" في إشارة إلى موافقته على المهمة من دون أن يسأل حتى عن أي تفاصيل. 

وقبيل سفره للمشاركة في المؤتمر ذهب لتوديع الملك ولسؤاله عن توصياته، لكن الملك أجابه: "ما تقبله أنت أقبله أنا والشعب الأردني".  

المجالي المفاوض

ويشرح المجالي كيف تعامل مع رئيس الوفد الإسرائيلى إلياكيم روبنشتاين المعروف بتحايله. ويرى  أنه نجح في مهمته لأنه كان يعتمد سياسة تفيد بأن يجتمع مع أعضاء الوفد الأردني كل ليلة لاستعراض ما قيل وأخذ آراء كل عضو من أعضاء الوفد في كل تفصيل. 

ويؤكد المجالي أن الوفد كان مستقلًا بآرائه، وكان يرسل تقريرًا يوميًا لقصر الملك حسين ولوزارة الخارجية في الأردن. ويلفت إلى أنه عند إعداد أجندة المفاوضات أراد المجالي اعتبار أي أرض أخذتها إسرائيل بعد عام 1948 هي أرض محتلة، لكن الفكرة لاقت معارضة فصححت لتشمل عام 1967. 

وذكر المجالي أن المفاوضات شملت الحدود والماء والأمن والوطن البديل، مفندًا عددًا من التحديات.

ويؤكد رئيس الوزراء الأسبق أن الأردن رفض التوقيع عل اتفاقية وادي عربة قبل التوصل لاتفاق أوسلو. 

ويوضح المجالي أنه كان يرسل موفدًا من قبله لإخبار وفود الدول العربية الأخرى بتفاصيل ما يجري في مفاوضات الأردن مع إسرائيل، فيما لم تكن تبادله الدول الأخرى الأمر نفسه.

اتفاقية وادي عربة

وفي مايو/ أيار 1993 كلّف الملك المجالي بتشكيل حكومة. وقد فاجأه الأمر. لكنه وافق على تشكيل الحكومة وأشرف على توقيع اتفاقية وادي عربة للسلام بين الأردن وإسرائيل.

رئيس الوزراء الأردني الأسبق عبد السلام المجالي وقع اتفاقية السلام مع إسرائيل
رئيس الوزراء الأردني الأسبق عبد السلام المجالي وقع اتفاقية السلام مع إسرائيل

ويقول المجالي: "في تلك الظروف كنت أؤمن بنهج السلام الذي يرجح الخيار العقلاني".  

ويعتبر أن الأردن تمكن من الحصول على ما يريد بذلك الاتفاق حيث كانت مشاكله محصورة بالماء والحدود والوطن البديل والاقتصاد. 

وشدد المجالي على أنه فخور بأنه وقع المعاهدة مع إسرائيل. وقال: "شكرت الملك حسين لأنه أعطاني الفرصة لكي أخدم وطني من دون قطرة دم". واعتبر المجالي أن العالم العربي بأكمله مطالب بالحفاظ على القضية الفلسطينية وليس الأردن فحسب. 

ويشرح المجالي كيف تفاوض الأردن مع إسرائيل بشأن أراضي وادي عربة والباقورة التي تتمتع بسيادة أردنية لكن الأردن احترم الملكيات الخاصة على أن تبقى ملكًا لإسرائيليين لمدة 25 عامًا ثم تستملكها الأردن، بحسب المجالي.

وينفي أن تكون الأردن تخلّت عن أي أراضٍ لإسرائيل. ويوضح أنه تم اعتماد الحدود التي حددتها بريطانيا حيث كان كل من الأردن وفلسطين تحت الانتداب البريطاني. وقبل ذلك كان البلدان بلدًا واحدة تحت حكم العثمانيين. 

وأوضح أنه قبل عام 1967 كان الأردن يعمل على مشروع بناء سد للاستفادة من نهر اليرموك لكن المشروع توقف بعد احتلال الجولان.

ويشير إلى أن اتفاقية وادي عربة أعادت للأردن حق الاستفادة من مياه الفيضانات من اليرموك. لكن بسبب غياب خزان مياه في الأردن اتفق الأردن أن تخزن المياه في بحيرة طبريا، على أن يأخذها الأردن في الصيف.

وأكّد المجالي أن اتفاقية السلام تقضي بأن عودة اللاجئين الفلسطينيين تكون بموجب القانون الدولي الذي ينص على العودة أو التعويض.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close