انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يزعم أنّه يُظهر عناصر من حركة المقاومة الإسلامية "حماس" يخرجون من أحد الأنفاق ويسلمون أنفسهم لقوات من جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال المعارك البرية في قطاع غزة.
وبالبحث عن الحقيقة، وجد موقع مكافحة الإشاعات والأخبار الكاذبة "مسبار" أنّ عناصر عدة تُشكّك في صحته، وتُرجّح أنه عبارة عن مشهد دعائي يأتي في سياق آلة البروباغندا الإسرائيلية تزامنًا مع العدوان على قطاع غزة.
إخفاء معالم المكان
صُوّر مقطع الفيديو في الليل في مساحة ترابية ضيقة تُظهر نفقًا يخرج منه بعض الأشخاص، ويعرض مشاهد التُقطت بشكل سريع، دون وجود أي تفاصيل أخرى عن المكان ومحيطه، وكأن هناك تعمّدًا في عدم إظهار طبيعة المكان وتفاصيله.
وزعمت الحسابات الإسرائيلية أنّ المقاتلين الذين يخرجون من النفق هم من المقاومة، وبالتدقيق في الصور تبدو بزاتهم مختلفة عن زيّ مقاتلي المقاومة خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، بل أقرب لعناصر أو جنود الجيوش النظامية أو القوات الأمنية (الشرطة).
ويرتدي الأشخاص في الفيديو ملابس وأحذية موحّدة، إضافة إلى أنّ أحدهم يلبس جعبة عسكرية ذات لون أخضر.
لكنّ في مقاطع الفيديو التي نشرتها المقاومة الفلسطينية في غزة، يتبيّن أنّ عناصرها دائمًا ما يرتدون في المعارك الأخيرة مع قوات الاحتلال، ملابس رياضية أو خفيفة ومختلفة مثل بناطيل الجينز، وأحذية رياضية أو خفيفة؛ بل وظهر بعضهم حافي القدمين في مشاهد عدة، ما يوضح أنه شكل عام تعتمده عناصر المقاومة في هذه الحرب ولا يعتمدون ارتداء زيّ موحد.
الأنفاق تتيح التنقل عبرها
وتُشير بعض التقديرات إلى أنّ شبكة أنفاق "حماس" تحت الأرض في قطاع غزة، هي الأكبر في العالم بعد شبكة المنشآت التي بنتها كوريا الشمالية تحت الأرض.
وهو ما أكدته إسرائيل مرارًا في بياناتها عن حجم شبكة أنفاق المقاومة المرتبطة ببعضها تحت الأرض في غزة.
وعليه، كان بإمكان العناصر الذين ظهروا في المقطع المنشور على الحسابات الإسرائيلية على أنّهم من المقاومة، البقاء داخل الأنفاق واستخدامها للابتعاد عن القوات الإسرائيلية الموجودة في المكان.
"لا مقاومة"
إلى ذلك، ظهر عناصر المقاومة في غالبية المشاهد التي بُثّت خلال الحرب الأخيرة، وهم يشتبكون مع القوات الإسرائيلية المتوغلة داخل قطاع غزة، من مسافات قريبة وبعيدة في بعض الأماكن.
إلا أنّ المقطع المنشور على الحسابات الإسرائيلية يُظهرهم وقد استسلموا دون أدنى مقاومة للقوات الإسرائيلية، على الرغم من وجود مسافة بين الجنود الإسرائيليين وفتحة النفق.
كما خرج الأشخاص من النفق وهم يحملون أسلحة، أي أنّهم كانوا على استعداد للاشتباك، وهو ما لم يحدث.
من ناحية أخرى، عادة ما تستخدم القوات الإسرائيلية المناظير الليلية لمنع تعرّضها للاستهداف أثناء الليل، لكنّهم يظهرون في الفيديو المنشور وهم يحملون الكشّاف الليلي لإضاءة المسافة إلى النفق، الأمر الذي يثير الشكوك في صحته.
إلى ذلك، لم يتجاوز طول المقطع المتداول الثواني المعدودة، وقد سُمع أثناءه صوت على أنّه لشخص من الذين خرجوا من النفق وهو يتحدث بالعربية ويقول: "محدش يطخ، هنسلم حالنا".
لكن عندما اقتربت الكاميرا، لم تظهر وجوه من يفترض أنهم سلّموا أنفسهم، وتوقّف التصوير قبل عرض ملامحهم.