Skip to main content

مطالبات بطرد جماعي.. ما دلالات تصاعد أزمة المهاجرين في تونس؟

الخميس 6 يوليو 2023

تشهد المناطق التونسية الساحلية غليانًا عنوانه "المهاجرون الأفارقة"، حيث أدت جريمة القتل التي راح ضحيتها أربعيني تونسي على يد مهاجر إلى تأجيج ردود الفعل الغاضبة إلى حد الانتقام.

وترافق ذلك مع مطالبات بضرورة تنفيذ حملات طرد جماعية لآلاف المهاجرين الذين على ما يبدو قد اتخذوا عددًا من المناطق وتحديدًا صفاقس مقرًا مؤقتًا لهم في أثناء رحلاتهم إلى أوروبا.

تقارير مختلفة وفيديوهات تسجل انتهاكات وممارسات عنصرية ضد المهاجرين الأفارقة في تونس قبل وبعد جريمة القتل. أما قوات الأمن التونسية فقامت بحملات اعتقال واسعة استهدفت العشرات من المهاجرين في محاولة لتهدئة سكان المنطقة الساحلية.

فقد قام سكان بقطع بعض الطرقات بالإطارات المشتعلة، وحاول آخرون استهداف دور إيواء لعدد من المهاجرين، ما استدعى قيام قوات الأمن بوضع العشرات منهم في مراكز لتجنب استهدافهم من قبل المواطنين الغاضبين وفق تقارير رسمية.

بدورها، تنفي السلطة في تونس كل الاتهامات من قبل منظمات دولية بارتكاب قوات الأمن انتهاكات بحق المهاجرين، ولا تقبل أي رواية من روايات المهاجرين أنفسهم كما لا تقر السلطات بأن هناك تعاملًا مع المهاجرين يتنافى مع المعايير الدولية.

الرئيس قيس سعيد الذي يؤكد أن بلاده تقوم بما في وسعها للتعامل بما يتوفر من قدرات وإمكانات لاستقبال المهاجرين،  اتهم في وقت سابق من هذا الشهر جهات خارجية باستخدام بلاده كمحطة انطلاق نحو أوروبا.

سعيد نفسه كان تبنى حزمة من الإجراءات لشن حملة على المهاجرين واتهمهم بمحاولة محو هوية البلاد حسب تعبيره.

في غضون ذلك، تراقب أوروبا الوضع في تونس مع تفاعل ملف المهاجرين. فإيطاليا ومعها الاتحاد الأوروبي يريدان دورًا لتونس في التعامل مع أزمة الهجرة غير النظامية مقابل حزمة مساعدات واتفاقات واستثمارات للنهضة بالاقتصاد.

ولا يعرف ما إذا كان ثمن ذلك سيأتي على حساب التونسيين والمهاجرين في آن معًا.

"تنامي ظاهرة العنصرية في تونس"

وفي هذا الإطار، رأى رئيس المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في تونس مهدي مبروك أن كل التقارير التي صدرت في الأشهر الماضية تؤكد تنامي ظاهرة العنصرية لدى طيف واسع من الرأي العام التونسي.

مبروك دعا في حديث إلى "العربي" من تونس إلى التمييز بين "عنصرية الدولة" وبين العنصرية العادية التي يمكن أن تضرب فئات واسعة من أي مجتمع كما حدث في إسبانيا وإيطاليا.

واعتبر أن الخطير في الأمر هو تطور الوضع من عنصرية يمكن تطويقها بالقانون ومؤسسات الدولة إلى عنصرية تخترق حتى أجهزة الدولة.

ولفت إلى أن ما حدث في الأيام الماضية يشير إلى أننا "ربما ننحرف إلى "عنصرية الدولة" حينما تعجز مؤسسات الدولة وقوانينها عن حماية اللاجئين، مؤكدًا أن هذا المشهد مناهض للاتفاقية الدولية لحماية المهاجرين التي تحميهم وأفراد عائلاتهم بغض النظر عن وضعيتهم القانونية.

مبروك قال: "إنه ومنذ خطاب رئيس الجمهورية الذي ذهب فيه إلى حد اعتبار الهجرة مؤامرة كبرى تحاك على تونس، ربما أطلق العنان للمشاعر المناهضة "للأجانب السمر" وأعطى نوعًا من المشروعية الأدبية والأخلاقية والسياسية لهذه المشاعر المؤججة التي تتغذى من الأزمة الاقتصادية وبعض الأعمال التي يقوم بها مهاجريون ومنها جرائم القتل".

"للحقيقة وجه آخر"

بدوره، لفت الكاتب السياسي بلحسن اليحياوي إلى أن الرئيس سعيد يتحمل مسؤولية عدم الصياغة الجيدة لخطابه والمبالغة في تحميل الكلام ما لا يحمله، معتبرًا أن هذا الأمر جعل الصورة تصل على أن خطاب سعيد هو الذي غذى الشعور بالعنصرية لدى التونسيين.

وأكد في حديث إلى "العربي" من تونس أن العنصرية في تونس تجاه أبناء القارة الإفريقية لا يمكن وصفها إلا بـ"حالة الفصام".

واعتبر أن للحقيقة وجه آخر مختلف تمامًا، مشددًا على أن السلطة تفهم جيدًا أن المهاجرين من أبناء القارة الإفريقية ليسوا العدو بل الضحايا، مشيرًا إلى أن المشكلة الأساسية تكمن في تحميل تونس وزر إجرام الدول والشركات في استعمارها لتلك الدول.

اليحياوي أوضح أن هؤلاء الأفارقة كما التونسيين هم ضحايا لتلك السياسات، مؤكدًا أن السلطة في تونس أشارت لهذا الأمر منذ البداية.

"أوروبا المستفيد الأول"

من جهته يؤكد الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر أن أوروبا هي المستفيد الأول مما يحصل في صفاقس وتونس عمومًا.

واعتبر في حديث إلى "العربي" أن تونس على استعداد لتقديم مزيد من التنازلات للجانب الأوروبي.

ورأى أن هدف الاتحاد الأوروبي اليوم إغلاق طريق الهجرة وتقديم تونس كمثال نجاح لتطبيق الميثاق الأوروبي للهجرة واللجوء.

المصادر:
العربي
شارك القصة