أدانت السعودية والولايات المتحدة، الأحد، بشدة عودة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى أعمال العنف فور انتهاء وقف إطلاق النار، ويؤكدان على أن "الحل العسكري للصراع غير مقبول".
وذكر بيان صادر من الرياض وواشنطن: "يعلن الميسران أن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع أظهرتا قيادة وسيطرة فعالة على قواتهما خلال فترة وقف إطلاق النار الذي جرى بتاريخ 10 يونيو/ حزيران 2023".
وأوضح أن ذلك "أدى إلى تراجع حدة القتال وانحساره في جميع أنحاء السودان ومكن من إيصال المساعدات الإنسانية الحيوية وتحقيق بعض تدابير بناء الثقة".
وأشار البيان إلى أن الرياض وواشنطن "على استعداد لاستئناف المباحثات بمجرد أن يظهر طرفي الصراع تقيدهما بما اتفقا عليه في إعلان جدة".
ووفق البيان "يعرب الميسران عن أسفهم الشديد جراء عودة الطرفين إلى أعمال العنف فور انتهاء وقف إطلاق النار، ويؤكدان على أن الحل العسكري للصراع غير مقبول ويدينان بشدة تلك الأعمال ويدعوان إلى وقفها فورًا".
#بيان | يعلن الميسران أن القوات المسلحة السودانية (SAF) وقوات الدعم السريع (RSF) اظهرتا قيادة وسيطرة فعالة على قواتهما خلال فترة وقف إطلاق النار الذي جرى بتاريخ ١٠ يونيو ٢٠٢٣م، مما أدى إلى تراجع حدة القتال وانحساره في جميع أنحاء السودان ومكّن من إيصال المساعدات الإنسانية الحيوية… pic.twitter.com/NU0Z7IxcYn
— وزارة الخارجية 🇸🇦 (@KSAMOFA) June 11, 2023
وترعى السعودية والولايات المتحدة منذ 6 مايو/ أيار الماضي محادثات بين الجيش والدعم السريع، أسفرت في 11 من الشهر ذاته عن أول اتفاق في جدة بين الجانبين للالتزام بحماية المدنيين، وإعلان أكثر من هدنة وقع خلالها خروقات وتبادل للاتهامات بين المتصارعين، ما دفع الرياض وواشنطن لتعليق المفاوضات.
وتجددت الاشتباكات بين الجيش والدعم السريع الأحد في الخرطوم، مع انتهاء هدنة لمدة 24 ساعة اقترحتها الوساطة السعودية الأميركية.
ويتبادل الطرفان السودانيان اتهامات ببدء القتال أولًا وارتكاب خروقات خلال سلسلة هدنات لم تفلح في وضع نهاية للاشتباكات المستمرة منذ 15 أبريل/ نيسان الماضي، والتي خلَّفت مئات القتلى وآلاف الجرحى بين المدنيين، إضافة إلى موجة جديدة من النزوح واللجوء في إحدى أفقر دول العالم.
معارك عقب انتهاء الهدنة
وكان الجيش السوداني أعلن مساء الأحد، أن قواته "تتقدم بخطى ثابتة نحو النصر"، فيما أعلنت قوات الدعم السريع أنها "تصدت لهجمات الجيش وكبدته، خسائر مادية".
وأضاف الجيش في بيان، أن "أشاوس القوات المسلحة يتقدمون بخطى ثابتة نحو تثبيت النصر، وبسط الأمن والاستقرار الذي لاحت بشائره".
من جانبها، أفادت "الدعم السريع" أن "قوات الجيش حاولت الهجوم على قوات الدعم السريع في عدد من المحاور في الخرطوم، وكان رد الأشاوس بتدمير ودك المعتدين وأعداد كبيرة من العتاد بلغت أكثر من 70 مركبة وآلية وأسر المئات من قوات الجيش شرقي الخرطوم".
وأضافت في بيان: "هاجمت ميليشيا البرهان (رئيس مجلس السيادة السوداني) الانقلابية وأعوانهم من النظام البائد والمتطرفين، قواتنا جنوبي الخرطوم، وتم تدمير القوة المهاجمة تمامًا، واستلام عدد 5 دبابات وحرق دبابتين".
وخلَّفت الاشتباكات بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان والدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مئات القتلى وآلاف الجرحى بين المدنيين، إضافة إلى موجة نزوح ولجوء جديدة في إحدى أفقر دول العالم.
لماذا عاد القتال أشدّ مما كان عليه بعد الهدنة؟
وفي هذا الإطار، يرى مدير مركز البحوث بالقوات المسلحة السودانية سابقًا أسامة محمد أحمد، أن هدنة اليوم الواحد كانت مستغربة جدًا لكثير من المحللين والمراقبين للحرب في السودان، باعتبارها قصيرة جدًا لا تسمح حتى لإبلاغ الأطراف المتقاتلة خاصة قوات الدعم السريع في أن هناك هدنة، ناهيك عن القيام بفتح ممرات إنسانية أو تقديم معونات للسكان المدنيين.
وفي حديث لـ"العربي" من استديوهات لوسيل، يضيف أحمد، أن بعد نهاية الهدنة كان هناك تحركات كبيرة جدًا للجيش السوداني للاستمرار في عملياته النوعية، باعتبار أن هدفه الأساسي لم يتغير منذ بدء ما وصفه التمرد، وهو القضاء عسكريًا على التمرد وإخراج الدعم السريع من أي معادلة سياسية.
استئناف المعارك العنيفة بعد الهدنة.. هل تُنهي #قمة_جيبوتي معاناة السودانيين؟ #السودان تقرير: رشدي رضوان pic.twitter.com/JNiSbCcqUl
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) June 11, 2023
ويعتبر أن الحرب في السودان هي حرب خاصة جدًا، ولا يمكن توقيت حسم المعركة، باعتبار أنها حرب المدن وعصابات، كما أنها تجري في مساحة عاصمة الدولة نفسها.
ويقول أحمد: إن "المتمردين (قوات الدعم السريع) بعد فشلهم في تحقيق نصر عسكري في الخرطوم، حاولوا أن ينقلوا هذه المعركة إلى دارفور، حيث تجري هناك اشتباكات، وتصفية على أساس عرقي".