مع استمرار العدوان على قطاع غزة، يهدّد الجوع الجميع، فيما تواصل إسرائيل إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات واستهداف عمال الإغاثة والبلديات، مما أدى إلى نقص الطعام بشكل كبير، خاصة في شمال القطاع.
وقد أجبر النقص الحاد في المواد الغذائية أُسرًا على أكل الأعشاب وبعض بقايا المخزونات من المعلبات، رغم قلتها، لسد رمق جوعهم وذويهم وأطفالهم، الذين يعاني أغلبهم من الإصابة بسوء التغذية والجفاف.
تراجع في الضغط العالمي على إسرائيل
يحدث كل ذلك وسط تراجع ملحوظ في الضغط العالمي على إسرائيل، خاصة من جانب الولايات المتحدة، في فتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية والبضائع التي لا تغطي بالأساس احتياجات الأهالي.
إلى ذلك، أعلن البنتاغون عن إعادة تشغيل الرصيف العائم المؤقت لإيصال المساعدات بعد إعادة تركيبه، لكن دون آلية محددة وواضحة لعمله أو كميات المساعدات المقرر إدخالها من خلاله.
قيود تهدف للتأثير على مسار المفاوضات
ومن جهتها، رأت المقاومة الفلسطينية أن استمرار قيود الوصول وتقويض تسليم المساعدات والخدمات الإنسانية الضرورية في جميع أنحاء غزة، هدفه التأثير على مسار المفاوضات.
وفي المقابل، قالت منظمة الصحة العالمية إن الهدنة التكتيكية اليومية التي أعلنتها إسرائيل في جنوب القطاع، لم يكن لها أي تأثير على وصول المساعدات الإنسانية.
وأكد المكتب الأممي للشؤون الإنسانية، أن العاملين في المجال الإنساني لا يمكنهم التوجه إلى معبر كرم أبو سالم واستلام المساعدات الإغاثية بأمان تام، بسبب غياب الأمن.
"سلاح التجويع" عنوان الحرب
وفي هذا السياق، تشير المتحدثة باسم منظمة أوكسفام هديل القزاز إلى أن الحرب في غزة تختلف عن الحروب التي تحدث في أماكن أخرى من العالم، حيث يخضع أطراف النزاع للقانون الدولي الإنساني الذي يطالب ويحتم عليهم عقد هدن إنسانية بأوقات متقاربة، حتى يتمكن الناس من التزود بالغذاء والماء وتلقي العلاج اللازم.
وتؤكد في حديث إلى "التلفزيون العربي" من رام الله، أن من الواجب على الاحتلال، وفقًا للقانون الدولي الإنساني، توفير كل ما يلزم من حاجات إنسانية للسكان.
وتلفت القزاز إلى أن استخدام سلاح التجويع كان عنوان الحرب على غزة منذ بدايتها في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حيث لم تنفذ سوى هدنة إنسانية واحدة منذ بداية العدوان.
كما ترى القزاز أن الاحتلال يعتمد "عملية ممنهجة لإغلاق المعابر"، باستثناء معبر كرم أبو سالم الذي يقع في منطقة قتالية خطرة لا يمكن للمنظمات الإنسانية أن تمارس مهماتها فيها، مشيرة إلى أن تنسيق عمل المنظمات الإنسانية في القطاع يخضع للعرقلة من قبل سلطات الاحتلال.
الحرب فاقمت معاناة موجودة
ومن جانبه، يذكّر الأكاديمي والباحث السياسي الفلسطيني الدكتور حسام الدجني بأن الحصار المفروض على قطاع غزة لم يبدأ مع بداية العدوان بل فُرض منذ العام 2007، لافتًا إلى أن تقريرًا للبنك الدولي لعام 2020-2021 أفاد بأن مستويات الفقر في قطاع غزة تجاوزت نسبة 60%، فيما تجاوزت نسبة انعدام الأمن الغذائي 65% وبلغت البطالة نسبة مماثلة.
وفي حديث إلى "التلفزيون العربي" من القاهرة، يشير الدجني إلى أن قطاع غزة "كان يُطحن بشكل بطيء قبل الحرب دون أن يشعر المجتمع الدولي بهذا الواقع".
ويرى أن الحرب فاقمت المعاناة وكشفت الوجه الحقيقي لإسرائيل التي تمارس الإبادة الجماعية بكل الأدوات: بالأسلحة والتجويع، الذي لا يقل خطورة عن القتل بالقصف والمتفجرات.
كما يلفت الدجني إلى أن الحرب أفرزت مرضى كلى جدد نتيجة الجفاف وعدم توفر مياه الشرب الحيوية، قائلًا إن عددًا كبيرًا من المرضى في القطاع هم في عداد الشهداء بسبب عدم توفر العلاج والخدمات الصحية، بعد أن استهدف الاحتلال المستشفيات والطواقم الطبية بشكل ممنهج.
حدود للضغط الأميركي
وبشأن الضغط الأميركي على تل أبيب، ترى الدبلوماسية الأميركية السابقة سيسيل شي أن "هذا الضغط لم يتناقص"، مشيرة إلى أنه تم عرقلة إرسال شحنة أسلحة جديدة من الولايات المتحدة إلى إسرائيل.
لكن شي تعتبر أن "هناك حدود لهذا الضغط الأميركي في سنة انتخابية"، حيث يستمر الجمهوريون بتوفير الدعم العسكري لتل أبيب.
وفي الوقت نفسه، تلفت شي في حديثها إلى "التلفزيون العربي" من شيكاغو إلى أن الشعب الأميركي يريد أن تُمارس ضغوط على إسرائيل للحد من أعداد الشهداء ولإدخال المساعدت الإنسانية إلى القطاع.
لكنها تعتبر أن الضغط المطلوب يتحقق بتعاون الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يقوم بزيارة إلى المنطقة في محاولة للتوسط لوقف إطلاق النار في غزة، وفق قولها.