على مرأى ومسمع من العالم أجمع، يتساقط مزيد من الفلسطينيين في قطاع غزة بفعل سياسة التجويع الإسرائيلية الممنهجة، إلى جانب مظاهر القتل والإبادة الأخرى.
وتُشير آخر الأرقام إلى ارتفاع عدد ضحايا الجوع إلى 30 شهيدًا، غالبيتهم من الأطفال، وآخرهم سيدة في محيط مجمع الشفاء الطبي وطفل في مستشفى كمال عدوان شمالي القطاع.
وقال مدير مستشفى كمال عدوان حسام أبو صفية لـ "التلفزيون العربي": إنّ عددًا من المرضى الذين يعالجون في مستشفيات شمالي القطاع، باتوا عبارة عن هياكل عظمية بسبب انعدام الغذاء والدواء، محذرًا من ازدياد عدد شهداء المجاعة ما لم تُتخذ إجراءات عاجلة.
وتزامنت هذه المعطيات مع إصدار محكمة العدل الدولية أمرًا لإسرائيل باتخاذ كل الإجراءات الضرورية والفاعلة لضمان تدفّق المساعدات الإنسانية من دون عوائق إلى قطاع غزة.
وجاء الأمر بعد أن أصدرت المحكمة ذاتها في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، قرارًا يقضي بتجنّب إسرائيل أي أفعال قد تقع تحت طائلة اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية.
لم تذعن إسرائيل لقرار المحكمة، وواصلت مختلف صنوف حربها على القطاع وعلى رأسها حرب التجويع، عبر الحصار ومنع دخول المساعدات وقصفها واستهداف القائمين عليها وقتل منتظريها من الجياع.
تحذيرات من مجاعة كبيرة
في سياق ذلك، حذّرت هيئات دولية وأممية مختلفة من نذر مجاعة كبيرة في القطاع، وسط عجز المجتمع الدولي عن إجبار إسرائيل على وقف حرب التجويع وفتح المعابر.
وأحدث هذه التحذيرات، أصدرها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الذي قال إنّ مليونا ومئة ألف يتعرّضون لانعدام الأمن الغذائي الشديد في قطاع غزة.
بموازاة ذلك، أفاد مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية لوكالة لـ"رويترز"، بأنّ واشنطن تأمل بجعل "البوابة 96" بين القطاع وإسرائيل، نقطة تسليم منتظمة ويومية وعلى نطاق واسع لشاحنات المساعدات، كما أنّها تأمل في فتح ممر المساعدات البحرية بين منتصف وأواخر أبريل/ نيسان المقبل.
فما هي أبرز السبل الممكنة لإجبار إسرائيل على وقف حرب التجويع، وأبرز الحلول السريعة والناجعة لإيصال المساعدات؟
"المساعدات حاجة عاجلة"
أوضحت إيناس حمدان، القائمة بأعمال مدير مكتب "الأونروا" في غزة، أنّ الوكالة لم تستطع إيصال أي مساعدات إلى القطاع منذ أكثر من 6 أسابيع.
وأشارت في حديث إلى "العربي" من القاهرة، إلى أنّ وكالة "الأونروا" قدّمت خلال هذا الأسبوع تصاريح لإدخال قوافل المساعدات إلى القطاع، لكنّ الاحتلال رفضها رغم تدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع من مجاعة وسوء تغذية.
وأضافت أنّ المساعدات هي حاجة عاجلة في ظل الوضع الإنساني القاتم والكارثي في قطاع غزة.
"قرار محكمة العدل إجراء ملزم"
بدوره، اعتبر إياد ناصر أستاذ القانون الدولي الانساني، أنّ قرار محكمة العدل الدولية الأخير هو إجراء أساسي وملزم ومطلوب في هذه المرحلة من الحرب، ويحمّل الاحتلال المسؤولية الرسمية أمام المجتمع الدولي، ويمنح الدول صلاحيات تنفيذ هذه الإجراءات واتخاذ ما يلزم لضمان تنفيذ هذه التعليمات الواضحة.
وذكر ناصر في حديث إلى "العربي" من لندن، بأنّ قرار المحكمة تزامن مع قرار مجلس الأمن بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، لكنّ إسرائيل تتعنّت في تنفيذ هذه الإجراءات.
وأكد أنّ على مجلس الأمن والأمم المتحدة الضغط على إسرائيل بكل السبل الممكنة للالتزام والانصياع لهذه المعايير الدولية.
"سياسة التجويع لا تساعد بإيجاد حل"
من جهته، أشار بيتر همفري الباحث في العلاقات الدولية والدبلوماسي الأميركي السابق، إلى أنّ إسرائيل لا يُمكنها ممارسة سياسة العقاب الجماعي بحق الفلسطينيين.
واعتبر في حديث إلى "العربي" من واشنطن، أنّ على الولايات المتحدة أن تُوضح لإسرائيل أنّ قتل الفلسطينيين وممارسة سياسة التجويع في قطاع غزة لا تُساعد في إيجاد حل.
وأضاف أنّ سياسة إسرائيل في غزة يجب أن تتغيّر في الأيام المقبلة.