مع اقتراب فصل الشتاء الثالث لجائحة كوفيد-19، في نصف الكرة الأرضية الشمالي، يدعو العلماء الحكومات والسكان المنهكين على حد سواء إلى الاستعداد لمزيد من موجات كورونا.
وفي الولايات المتحدة وحدها، قد يصل عدد الإصابات إلى مليون في اليوم هذا الشتاء، وفق ما ذكره لوكالة "رويترز" كريس موراي، رئيس معهد القياسات الصحية والتقييم، وهو مجموعة مستقلة في جامعة واشنطن تتابع الجائحة. وسيكون هذا حوالي ضعف الحصيلة اليومية الحالية.
وفي أنحاء المملكة المتحدة وأوروبا، يتوقع العلماء سلسلة من موجات كوفيد، حيث يقضي الناس مزيدًا من الوقت في أماكن مغلقة خلال الأشهر الباردة، وهذه المرة من دون وجود أي قيود تقريبًا تتعلق بوضع الكمامات أو التباعد الاجتماعي.
ومع ذلك، وفي حين أن الحالات قد ترتفع مرة أخرى في الأشهر المقبلة، فمن غير المرجح أن ترتفع الوفيات ومعدلات دخول المستشفيات بنفس الشدة، كما قال الخبراء. ويساعد في ذلك التطعيم وحملات الجرعات التنشيطية، والعدوى السابقة، فضلًا عن وجود متحورات أقل شدة، وتوفر علاجات كوفيد ذات الفاعلية المرتفعة.
وفي هذا الإطار، قال موراي: "الأشخاص الأكثر تعرضًا للخطر هم أولئك الذين لم يصابوا بالفيروس من قبل، ولم يبقَ أحد تقريبًا".
وتثير هذه التوقعات تساؤلات جديدة حول متى ستخرج الدول من مرحلة طوارئ كوفيد إلى حالة المرض المتوطن، إذ تشهد المجتمعات ذات معدلات التطعيم المرتفعة تفشيًا أقل، وربما على أساس موسمي.
وتوقع العديد من الخبراء أن يبدأ الانتقال في أوائل عام 2022، لكن ظهور المتحور أوميكرون من فيروس كورونا أربك تلك التوقعات.
وقال آدم كوتشارسكي، عالم الأوبئة في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي: "ينبغي أن ننحي جانبًا فكرة انتهاء الجائحة، ويرى هو وآخرون أن كوفيد يتحول إلى تهديد متوطن سيظل يسبب عبئًا كبيرًا.
وتظل الورقة القادرة على تغيير الوضع ما إذا كان سيظهر متحور جديد يتجاوز في شدته متحورات أوميكرون الفرعية المهيمنة حاليًا.
وإذا تسبب هذا المتحور أيضًا في مرض أكثر خطورة وكان أكثر قدرة على التغلب على المناعة السابقة، فسيكون هذا هو "السيناريو الأسوأ"، وفقًا لتقرير حديث لمنظمة الصحة العالمية بشأن أوروبا.
وقال التقرير الذي استند إلى نموذج أعدته كلية إمبريال في لندن: "تشير جميع السيناريوهات (مع المتغيرات الجديدة) إلى احتمال حدوث موجة مستقبلية كبيرة بمستوى سيئ على غرار موجات الجائحة في 2020-2021 أو أسوأ منها".
عوامل خارجية
في غضون ذلك، قال كثير من خبراء الأمراض الذين قابلتهم "رويترز": إن وضع توقعات لكوفيد أصبح أكثر صعوبة، إذ يعتمد الكثير من الناس على الاختبارات المنزلية السريعة التي لا يتم إبلاغ مسؤولي الصحة الحكوميين بها، مما يحجب معدلات الإصابة الحقيقية.
وينتقل BA.5، المتحور الفرعي من سلالة أوميكرون، الذي يتسبب حاليًا في وصول العدوى إلى ذروتها في العديد من مناطق العالم، بسرعة بالغة مما يعني أن العديد من المرضى الذين دخلوا المستشفى بسبب أمراض أخرى، ربما يكونون مصابين به ويتم احتسابهم من بين الحالات الشديدة، حتى لو لم يكن كوفيد-19 هو مصدر محنتهم.
ويقول العلماء إن الأشياء المجهولة الأخرى التي تعقد توقعاتهم تشمل ما إذا كان مزيج من التطعيم وعدوى كوفيد -ما يسمى بالمناعة الهجينة- يوفر حماية أكبر، وكذلك مدى فاعلية الجرعات التنشيطية.
وذكر ديفيد داودي، عالم أوبئة الأمراض المعدية في كلية جونز هوبكنز بلومبرغ للصحة العامة، أن "أي شخص يقول إنه يستطيع التنبؤ بمستقبل هذا الوباء هو إما مفرط في الثقة أو كاذب".
كما يراقب الخبراء عن كثب التطورات في أستراليا، حيث يتسبب موسم الأنفلونزا العادية مع الإصابات بكوفيد في الضغط على المستشفيات.
ويقولون إنه من الممكن أن تشهد الدول الغربية نمطًا مشابهًا بعد عدة مواسم هادئة للإنفلونزا.
وقال جون ماكولي مدير مركز الإنفلونزا العالمي في معهد فرانسيس كريك في لندن: "إذا حدث ذلك هناك، فيمكن أن يحدث هنا. فلنستعد لموسم الإنفلونزا بشكل مناسب".
وقالت منظمة الصحة العالمية: إن كل بلد لا يزال بحاجة إلى التعامل مع موجات جديدة من خلال جميع الأدوات المتاحة من اللقاحات إلى الاختبارات والتباعد الاجتماعي ووضع الكمامات.
وفي حديث سابق مع برنامج صباح النور عبر شاشة "العربي 2"، أوضحت منى كيال الاستشارية في الأمراض الجرثومية أن المتحورات الفرعية من أوميكرون بدأت بالانتشار في القارة الأوروبية، حيث عادت الإصابات من جديد إلى هذه المنطقة.