في ربيع عام 2021، نُشرت وثيقة سرية في تونس تضمنت ما فُسّر على أنه انقلاب دستوري. لكن الرئيس قيس سعيد نفى خلال لقاء رئيس حكومته هشام المشيشي، أن تكون له أي نوايا انقلابية.
وبعد شهرين، وتحديدًا في 25 يوليو/ تموز من ذلك العام، أعلن الرئيس التونسي تجميد عمل البرلمان، ورفع الحصانة عن النواب وأقال المشيشي ووزيري الدفاع والعدل ومدير القضاء العسكري، من خلال تطبيق تأويل مثير للجدل للمادة 80 من الدستور التونسي.
اعتبر سعيّد هذه الإجراءات حزمة من التدابير الاستثنائية، فيما عدّها معارضوه انقلابًا مكتمل الأركان.
كما فرض سعيد إقامة جبرية على عدد من النواب والمسؤولين السابقين، قبل أن يمدد الحالة الاستثنائية لأشهر، من دون توضيح أسباب قراراته.
#تونس.. المؤسسات التي طالتها إجراءات #قيس_سعيد منذ إعلانه التدابير الاستثنائية 👇#العربي_اليوم pic.twitter.com/QLT9whbYkA
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) April 22, 2022
خارطة طريق؟
في 22 سبتمبر/ أيلول 2021، أصدر الرئيس التونسي المرسوم 117 الذي اعتبر بمثابة إلغاء للدستور، وأطلق يده في التشريع والحكم، وأتبع ذلك بتعيين نجلاء بودن رئيسة للحكومة.
وفي 17 ديسمبر/ كانون الأول من ذلك العام، أعلن سعيّد عن خارطة طريق تضمنت القيام باستشارة لكتابة دستور جديد، من خلال استشارة إلكترونية، لم تتجاوز نسبة المشاركين بها 4,5% من إجمالي التونسيين.
وفي الأثناء، أقدم الرئيس التونسي على حل المجلس الأعلى للقضاء، وإحلال مجلس أعلى مؤقت للقضاة محله، كما قام بتغيير تركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وتعيين أعضاء جدد، وصفوا بالموالين للرئيس.
في 19 مايو/ أيار الماضي، أحدث الرئيس التونسي الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة، والتي تضمنت لجنتين للحوار الوطني والحوار الاقتصادي والاجتماعي، قاطعهما اتحاد الشغل وعدد من الشخصيات التي دعيت لهما.
كما أحدث سعيد لجنة ثالثة تضم عمداء كلية القانون لتعنى بكتابة دستور جديد. لكن هؤلاء، رفضوا عضويتها.
دستور جديد
ومع ذلك، قدم رئيس اللجنة الصادق بلعيد للرئيس التونسي مشروعًا لدستور جديد، لم يأخذ منه الرئيس شيئًا.
وفي 30 يونيو/ حزيران الماضي، نشر الرئيس التونسي مشروع دستور جديد يكرس نظامًا رئاسيًا صرفًا يعطيه صلاحيات واسعة، ويقلص جدًا من صلاحيات البرلمان الرقابية والتشريعية.
لكن المشروع تضمن عشرات الأخطاء، ما اضطر الرئيس لإعادة نشره من جديد، بعد إدخال 46 تعديلًا على النص الأصلي، بحسب خبراء.
ومر الدستور على استفتاء لم يسمح للمعارضة بالترويج لمقاطعته، وتم إقراره بالرغم من نسبة مشاركة متواضعة بلغت 30% من جملة الناخبين المسجلين، بحسب هيئة الانتخابات.
رغم ذلك، اعتبر الرئيس التونسي الاستفتاء ناجحًا ونشر الدستور الجديد بالجريدة الرسمية، ومر بعد ذلك إلى الاستحقاق التالي وهو الانتخابات التشريعية.
التدابير الاستثنائية للرئيس التونسي قيس سعيد، من أين بدأت وإلى أين وصلت، في الفيديو المرفق من سلسلة "خبر بلس".