سيبقى وجه الطبيب الفلسطيني غسان أبو ستّة علامة بارزة وشاهدًا مهمًا على فصل قاس في تاريخ القضية الفلسطينية، وستبقى الأحداث التي عايشها أبو ستّة وصنعها، مصدرَ إلهام لأجيال مقبلة.
وآثر غسان أبو ستّة الرجوع من بريطانيا فورًا في 8 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مع بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ليُشارك في تضميد جراح أهل غزة، بينما كان الواقعُ ينبئ بأنّ غزة ستخوض أصعب معاركها على الإطلاق.
وشهد أبو ستّة في غزة مجازر لا تحصى، لكنّ أبرزها كانت مجزرة المستشفى المعمداني التي شكّلت شهادته على تفاصيلها وثيقة مهمة يُمكن الاستناد إليها لإدانة الاحتلال الإسرائيلي.
قضى أبو ستّة في غزة أكثر من 40 يومًا متنقلًا بين مستشفياتها، ثمّ خرج منها بعد أن خرجت أغلبها عن الخدمة بفعل القصف والحصار الإسرائيلي.
برنامج جريء
والآن عاد أبو ستّة لمباشرة واستكمال مساره الأكاديمي، لكنّه لا ينفك فيه عن قضيته الإنسانية وقضية بلاده الكبرى، فقد ترشّح أبو ستّة لمنصب قيادي في جامعة غلاسكو الاسكتلندية ببرنامج اعتبره البعض متهورًا.
وتعهّد أبو ستّة في حال فوزه بمنصب "ريكتور" الذي يوازي في جامعات أخرى منصب رئيس الجامعة، أو الشخص الذي يفوّضه الطلاب لإدارة شؤون الجامعة لمدة ثلاث سنوات، بالعمل على سحب استثمارات الجامعة من الشركات الضالعة في دعم الاحتلال الإسرائيلي.
وبينما لم يكن كثيرون متفائلين بقدرة أبو ستّة على الفوز بالمنصب، خصوصًا مع نشاط مجموعات الضغط الداعمة للاحتلال الإسرائيلي في أغلبية الجامعات الغربية، إلا أنه حقّق المفاجأة إذ فاز بنسبة 80% من أصوات الطلاب، على أن يمثّل مصالحهم في المجلس الذي يدير الجامعة ومواردها.
لم تكن نسبة فوز أبو ستّة فقط هي المفاجئة، فنسبة المشاركة نفسها كانت مفاجئةً أيضًا، فقد حصل أبو ستّة على ما يزيد عن أربعة آلاف صوت، في حين فاز الرئيس السابق للجامعة بأقلّ من ألف صوت.
احتفاء عارم
واحتفل أبو ستّة بالفوز الكبير مع أعضاء حملته بصورة ارتدوا فيها الكوفية الفلسطينية. كما احتفلت الجامعة بانتخابه، ووسائل التواصل الاجتماعي أيضًا.
وقال حسن: "هذا مؤشر مهم جدًا حينما ينتخب طبيب فلسطيني من قبل الطلاب رئيسًا لأكبر جامعة في اسكتلندا بهذا البرنامج الجريء وبتلك النسبة الكبيرة، فهذا يعني أن المستقبل إن شاء الله سواد على إسرائيل وسرديتها في الغرب".
أما صالح فكتب: "هكذا رويدًا رويدًا، يفقد مشروع الاحتلال الصهيوني المسمى إسرائيل مشروعيته خطوة خطوة، حتى ينهار على نفسه، مراكمة الإنجازات تجعل المسخ الصهيوني خاويًا على عروشه، هكذا تصنع الضربات الإستراتيجية، وهو الذي فعله الطوفان وبركات الطوفان".
أما لينا فقالت: "أخيرًا، العالم الحر يُصحّح مساره، ويعيد المعايير إلى نصابها الصحيح. مبروك للدكتور غسان أبو ستّة".
وجامعة غلاسكو هي واحدة من أكبر جامعات اسكتلندا، ومن أقدم جامعات المملكة المتحدة بشكل عام. وقد ترأسها في وقت سابق وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور، صاحب الوعد المعروف بوعد بلفور، بإقامة "دولة يهودية" على أرض فلسطين.