دعا نشطاء حقوق الإنسان في إسبانيا والمغرب إلى فتح تحقيقات في كلا البلدين بعد محاولة نحو 2000 مهاجر تسلق السياج الحدودي بين المغرب وجيب مليلية الإسباني والتي خلفت 23 قتيلًا على الأقل.
وقال مسؤولون إسبان: "إن نحو 2000 إفريقي شقوا طريقهم إلى السياج الحديدي فجر يوم الجمعة، وتمكن أكثر من 500 منهم من التسلل إلى منطقة مراقبة الحدود بعد قطع فتحة بالمقص".
وقال مسؤولون مغاربة في البداية إن خمسة أشخاص لقوا حتفهم في ما وصفوه بـ"التدافع". وفي وقت متأخر من مساء السبت، قال التلفزيون الرسمي المغربي إن عدد القتلى ارتفع إلى 23 شخصًا.
لكن المنظمات غير الحكومية قالت: "إن عدد الوفيات قد يكون أعلى"، بحسب صحيفة "الغارديان". وقالت هيلينا مالينو غارزون من منظمة "واكنغ بوردرز" التي تعمل على اتصال دائم مع الأفارقة الذين يسعون للعبور إلى إسبانيا من المغرب: "لقد تأكدنا من 37 حالة وفاة في مأساة مليلية".
دعوات لإجراء تحقيق
وانضمت المنظمة إلى أكثر من ست منظمات أخرى، بما في ذلك منظمة العفو الدولية في إسبانيا، للدعوة إلى "إجراء تحقيق في ما يعتبر اليوم الأكثر دموية في الذاكرة الحديثة على الحدود البرية الوحيدة للاتحاد الأوروبي مع إفريقيا".
وتظهر مقاطع الفيديو التي نشرتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان على الإنترنت عشرات الأشخاص محتشدين في منطقة بجوار السياج الحدودي - بعضهم ينزف والكثير منهم راقدون بلا حراك - بينما كانت القوات المغربية تحمل معدات مكافحة الشغب تراقبهم في أعقاب المعبر.
وقالت الجمعية على تويتر: "تُركوا هناك دون مساعدة لساعات، مما أدى إلى زيادة عدد القتلى". وفي مقطع فيديو آخر نشرته المنظمة، بدا أن ضابط أمن مغربي يستخدم هراوة للهجوم على شخص مستلق في وضعية انبطاح.
Amnistía Internacional expresa gran preocupación por los graves hechos ocurridos hoy en Melilla y en la frontera entre Marruecos y España, y pide una investigación independiente y exhaustiva https://t.co/5Q7AA54tje vía @amnistiaespana CC @StefSimanowitz
— Amnistía Internacional España (prensa) (@AIPrensaESP) June 24, 2022
وقال أحد الشباب الذين حاولوا العبور إن من حاولوا العبور والشرطة تراشقوا بالحجارة، لكنه أشار إلى أن الشرطة تتمتع بميزة ارتداء الحماية. وقال لصحيفة "ال باييس" الإسبانية: "كان العملاء المغاربة عنيفين للغاية، وأكثر عدوانية من الأوقات الأخرى، والناس أصيبوا بالذعر. هذا ما أثار التدافع".
وقال إن الشرطة نفذت في الأيام السابقة عدة مداهمات على المخيمات التي ينام فيها المهاجرون واللاجئون في ظروف قاسية، بينما كانوا ينتظرون فرصة العبور إلى إسبانيا. صادرت الشرطة الطعام وأي نقود تمكنت من العثور عليها، مما ترك المهاجرين قلقين ومرهقين بينما كانوا يصارعون مع مستويات أعلى من عدم الاستقرار.
وقال: "إن القوات المغربية ألقت الحجارة وأطلقت الغاز المسيل للدموع مباشرة على من يحاولون العبور". وأضاف: "مات الكثيرون لأنهم كانوا ضعفاء وجوعى".
تجارة بالبشر
ومن جهته، قال رئيس الوزراء الاشتراكي الإسباني، بيدرو سانشيز، للصحافيين يوم السبت إن القوات المغربية عملت بالتعاون مع الشرطة الإسبانية لدرء ما وصفه بأنه "اعتداء عنيف" و"اعتداء على وحدة أراضي" إسبانيا.
وأفاد مسؤولون إسبان بأن 49 من ضباط الحرس المدني أصيبوا بجروح طفيفة، بينما قال المغرب إن 140 من أفراد قواته الأمنية أصيبوا. وقد تمكن 133 شخصًا من عبور الحدود.
قال سانشيز: "إذا كان هناك أي شخص مسؤول عن كل ما يبدو أنه حدث على تلك الحدود، فإنها المافيا التي تتاجر بالبشر".
لكن تعليقاته قوبلت بانتقادات من داخل الحكومة الائتلافية، حيث قالت يولاندا دياز، وهي من الوزراء الخمسة الذين يمثلون الشريك الأصغر في الائتلاف "أونيداس بوديموس" على تويتر: "لا ينبغي لأحد أن يموت بهذه الطريقة. حان الوقت لتوضيح ما حدث".
وقد أدان الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية مصطفى بيتاس ما وصفها بالأفعال والمناورات التي تقوم بها شبكات التهريب من خلال بيع الوهم واستغلال المآسي للدفع نحو مغامرات غير محسوبة العواقب. ودعا السلطات لعدم التراخي على الحدود.
وقالت اللجنة الإسبانية للاجئين: "إن طالبي اللجوء الفارين من النزاع المسلح في السودان كانوا من بين أولئك الذين حاولوا العبور"، وإن "الاستخدام العشوائي للعنف لإدارة الهجرة والسيطرة على الحدود منع الأشخاص المؤهلين للحصول على الحماية الدولية من الوصول إلى الأراضي الإسبانية".
ومحاولة العبور الجماعية هذه هي الأولى من نوعها منذ تطبيع العلاقات بين مدريد والرباط في منتصف مارس/ آذار، إثر خلاف دبلوماسي استمر قرابة السنة.
وجاءت المصالحة بين مدريد والرباط قبل فترة قصيرة بعد قرار إسبانيا في منتصف مارس/ آذار تغيير موقفها المحايد إزاء نزاع إقليم الصحراء، لصالح مقترح الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب حلًا وحيدًا لإنهاء النزاع ما دفع لإنهاء أزمة دبلوماسية جراء استقبال إسبانيا زعيم جبهة بوليساريو إبراهيم غالي في أبريل/ نيسان 2021 لتلقي العلاج إثر إصابته بكوفيد-19.
ودخل في مايو/ أيار 2021 أكثر من عشرة آلاف مهاجر في غضون 24 ساعة إلى جيب سبتة مع تراخي الجانب المغربي في عمليات التدقيق الحدودية. كما تكررت محاولات دخول المهاجرين لمليلية مطلع مارس/ آذار ودخل في أكبرها على الإطلاق 2500 مهاجر، ودخل إلى إسبانيا 500 منهم.