شاع استخدام مادة الميلاتونين مؤخرًا خصوصًا لعلاج الأرق واضطرابات النوم، غير أن عددًا من العلماء حول العالم حذروا من الآثار الجانبية لهذه المادة.
فقد رصدت دراسة نشرت في دورية الجمعية الطبية الأميركية زيادة ملحوظة في استخدام هرمون الميلاتونين في أميركا خلال السنوات الماضية، من أجل الحصول على نوم سريع وهادئ في الليل.
لكن الاستعمال المفرط لهذه المادة دفع ببعض الأطباء إلى التعبير عن قلقهم نظرًا لارتباطها بآثار سلبية على المدى القصير والبعيد.
وفي هذا السياق، تقول ريبيكا روبنز الأستاذة في كلية الطب بجامعة هارفرد إن دراسات مستقبلية رصدت أن تناول مكملات النوم يرتبط بتطور حالات الخرف والوفيات المبكرة، فيما يعاني متناولو الميلاتونين من الصداع والدوخة والغثيان وتشنجات المعدة والاكتئاب والتوتر.
ووجدت دراسات سابقة أن 26% من مكونات الميلاتونين تحتوي على مادة السيروتونين وهو هرمون يمكن أن يكون له آثار ضارة حتى عند المستويات المنخفضة نسبيًا، ويمكن أن يؤدي تناول الكثير من هذه المادة عن طريق الجمع بين الأدوية مثل مضادات الاكتئاب وأدوية الصداع النصفي والميلاتونين إلى تفاعلٍ كيميائي خطير.
هذا الأمر قد يؤدي إلى أعراض خفيفة كالارتجاف والإسهال، فيما قد تصل بعض العوارض الخطرة إلى تصلب العضلات والحمى والنوبات القلبية وحتى الموت إذا لم تتم المعالجة بسرعة.
استخدام "مفرط"
ويوضح الاختصاصي في الأمراض الصدرية والعناية الحثيثة وأمراض النوم الدكتور محمد حسن الطراونة، أن الميلاتونين هو هرمون تفرزه الغدة الصنوبرية في الدماغ وهو مسؤول عن تنظيم النوم ودورة النوم ما بين مرحلة اليقظة والانتقال إلى النوم.
ويشرح في حديث إلى "العربي"، من عمّان، أنه في الفترة الأخيرة وبسبب جائحة كوفيد-19 وارتباطها باضطرابات النوم، ثبت وجود استخدام مفرط لهذه المادة التي تباع من دون وصفة طبية من قبل الصيدليات، الأمر الذي أدى وفق الطراونة بالعلماء لدراسة الآثار الناجمة عن استخدام هذه المادة على المدى البعيد.
فتبين في الدراسة التي نشرتها المجلة الطبية أن الاستخدام المفرط للميلاتونين يؤدي إلى العديد من الآثار الجانبية والتداخلات الدوائية مع العديد من الأدوية، أبرزها الصداع والإرهاق وغيرها.
وأيضًا كشف الاختصاصي أن العديد من الشركات تقوم بإنتاج مادة الميلاتونين بتراكيز أعلى من المسموح بها بنحو 4 أضعاف الأمر الذي يزيد من مخاطر هذه المادة.
أما عن الحالات التي يسمح لها طبيًا باستخدام هذه المادة فيوضح الطراونة أنها لمن يعانون من اضطرابات النوم مثل الأرق وغيرها، ولكنه يشدّد على ضرورة أن يكون هناك إشراف طبي على الوصفات إذ إن بعض الحالات تتطلب استهلاك هذه المادة لفترة معينة وقصيرة حتى يستطيعوا ضبط نومهم.
وينصح بالتالي قبل اللجوء إلى المستحضر الطبي المساعد على النوم "بتهيئة الجسم للحصول على النوم الصحي من خلال عدم اصطحاب الأجهزة الإلكترونية إلى غرفة النوم بحيث تكوت الغرفة مخصصة فقط للنوم، وبأن تكون الأضواء خافتة وهادئة".
كما يشير إلى ضرورة "عدم تناول السوائل بكميات كبيرة والمواد التي تحتوي على الكافيين قبل الخلود إلى النوم بهدف الحصول على قسط كافٍ من النوم".
وإذا لم يستطيع الشخص تحصيل "جودة النوم" على الرغم من اتباعه كل هذه الإجراءات، فيجب عليه حينها طلب المشورة من الطبيب المختص الذي سيشخّص الحالة بشكل محترف، بحسب الاختصاصي في الأمراض الصدرية والعناية الحثيثة وأمراض النوم.
في المقابل، قال الطراونة إنه علميًا لا تسبب مادة الميلاتونين الإدمان لأنها ليست مادة مخدرة، فهي هرمون لديه علاقة بالتداخلات الهرمونية الأخرى في الجسم ويتداخل دوائيًا مع الأدوية الأخرى.
لكن حذّر من أن الاستعمال الجائر طويل الأمد للميلاتونين سيشكّل مضاعفات بسبب وجود مادة السيروتونين التي ترفع نسبة حدوث هذه المضاعفات التي قد تصل إلى حد الوفاة المفاجئة.