يدلي الناخبون في فرنسا بأصواتهم اليوم الأحد في الجولة الثانية والحاسمة من انتخابات الرئاسة، التي ستقرّر ما إذا كان الرئيس إيمانويل ماكرون ـ المنتمي لتيار الوسط والمؤيد للاتحاد الأوروبي ـ سيحتفظ بمنصبه، أم ستطيح به مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان، الذي قد يكون بمثابة زلزال سياسي.
تفتح صناديق الاقتراع في الساعة الثامنة صباحًا (06:00 بتوقيت غرينتش) وتغلق عند الثامنة مساء (18:00 بتوقيت غرينتش). ومن المنتظر ظهور التوقعات الأولية من قبل منظمي استطلاعات الرأي فور إغلاق الصناديق.
عشية الصمت الانتخابي.. استطلاعات الرأي ترجح فوز #ماكرون برئاسة #فرنسا#العربي_اليوم تقرير: بهية مارديني pic.twitter.com/sPoxkJdwXc
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) April 24, 2022
وأيًا يكن الفائز فلهذا الاقتراع أهمية تاريخية، فماكرون إن فاز سيصبح أور رئيس يعاد انتخابه منذ انتخاب جاك شيراك عام 2002. أما لوبان فستصبح أول امرأة وأول زعيم لليمين المتطرف يتولى الرئاسة.
وأظهرت استطلاعات الرأي في الأيام القليلة الماضية تقدّم ماكرون على منافسته. لكن يخشى كل من ماكرون ولوبان امتناع ناخبيهما عن التصويت، لا سيما في هذه الفترة من العطلات في جميع أنحاء البلاد.
"شعور بالاضطراب السياسي"
ونقلت وكالة "رويترز" عن محللين أن لوبان لا تزال غير مستساغة بالنسبة لكثير من الناخبين، على الرغم من جهودها لتلطيف صورتها والتخفيف من حدّة بعض سياسات حزب التجمع الوطني.
بيد أنه ليس من المستبعد أن تحقق فوزًا مفاجئًا بالنظر إلى العدد الكبير من الناخبين، الذين لم يحسموا موقفهم أو غير متأكدين مما إذا كانوا سيصوتون أصلًا في الجولة الثانية من الانتخابات.
وكانت الاجتماعات العامة وتوزيع المنشورات والدعاية الرقمية للمرشحين قد مُنعت ابتداءً من منتصف ليل الجمعة ـ السبت. وحتى اللحظة الأخيرة، حث كل من المرشحَين مؤيديه على التوجه إلى مراكز الاقتراع. وأكدا أنه لم يحسم أي شيء، بصرف النظر عن التوقعات أو الاستطلاعات.
وفقًا لاستطلاعات الرأي، لا يمكن لأي مرشح أن يعوّل فحسب على المؤيدين الملتزمين، إذ يتوقف الكثير على مجموعة الناخبين الذي يوازنون بين تداعيات اختيار رئيس من اليمين المتطرف وبين الغضب من سجل ماكرون منذ انتخابه عام 2017.
وتشير "رويترز" إلى أنه في حال فازت لوبان من المرجّح أن يحمل ذلك الشعور نفسه بالاضطراب السياسي، الذي يصل إلى حد الذهول، تمامًا مثل تصويت بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي أو انتخاب دونالد ترمب رئيسًا للولايات المتحدة عام 2016.
"حرب أهلية" و"ازدراء الناس"
إلى ذلك، حذّر ماكرون (44 عامًا)، الذي فاز في الجولة نفسها قبل خمس سنوات من "حرب أهلية" إذا تم انتخاب لوبان، التي تشمل سياستها حظر ارتداء الحجاب في الأماكن العامة. ودعا ماكرون الديمقراطيين من جميع الأطياف إلى دعمه في مواجهة اليمين المتطرّف.
أما لوبان (53 عامًا)، فقد ركزت حملتها على ارتفاع تكاليف المعيشة في سابع أكبر اقتصاد في العالم، إذ يقول الكثير من الفرنسيين إن تكاليف المعيشة زادت بشكل كبير مع ارتفاع أسعار الطاقة العالمية.
وركزت أيضًا على أسلوب ماكرون في قيادة البلاد، والذي تقول إنه يظهر ازدراء النخبة للناس العاديين.
#لوبان تتوعد بمنع الحجاب في الأماكن العامة في حال فوزها بالرئاسة #فرنسا تقرير: محمد الحاجي pic.twitter.com/5S91Y0fVav
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) April 23, 2022
وأشارت في تجمع حاشد في بلدة أراس بشمال فرنسا يوم الخميس، إلى أن "السؤال يوم الأحد بسيط: ماكرون أم فرنسا؟". ولاقت رسالة لوبان صدى لدى العديد من الناخبين.
بعد ذلك التجمع، نقلت "رويترز" عن إريكا هيربين، حارسة بأحد السجون، وتبلغ من العمر 43 عامًا، قولها: إن لوبان "قريبة من الناس ويمكنها حقًا منح القوة الشرائية للناس وجعل الناس يبتسمون ومنحهم الأكسجين".
في حين أفاد آخرون، مثل جيسلين مادالي (36 عامًا)، مصففة الشعر في أوكسير بوسط فرنسا، أنهم لا يؤيدون لوبان.
وأوضحت مادالي أنها ستصوت لصالح ماكرون خشية ما ستكون عليه رئاسة لوبان. لكنها أشارت إلى أن كثيرات من زبائنها سيصوتن للوبان، لأنهن لا يشعرن بالرضا تجاه ماكرون.
وقالت السيدة التي تعود جذور عائلتها إلى المغرب عن لوبان: "أجد ذلك (التصويت لها) كارثيًا، لأنها عنصرية.. أنا قلقة على نفسي وعلى أبنائي".
تحدّي تأمين الأغلبية
وترفض لوبان، التي انتقدها ماكرون أيضًا بسبب إعجابها السابق بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الاتهامات بالعنصرية. وقالت إن خططها لإعطاء الأولوية للمواطنين الفرنسيين للإسكان الاجتماعي والوظائف وإلغاء عدد من مزايا الرعاية الاجتماعية للأجانب، ستفيد جميع الفرنسيين بغض النظر عن دينهم أو أصولهم.
وإذا فاز ماكرون فسيواجه فترة ولاية ثانية صعبة، مع عدم وجود أي فترة سماح كان يتمتع بها بعد فوزه الأول، ومن المرجح استمرار الاحتجاجات على خطته لمواصلة الإصلاحات المؤيدة للأعمال، بما في ذلك رفع سن التقاعد من 62 إلى 65.
وإذا تمكنت لوبان من الإطاحة به، فسوف تسعى إلى إجراء تغييرات جذرية في سياسات البلاد المحلية والدولية، ويمكن أن تبدأ احتجاجات في الشوارع على الفور. وسيصل صدى الصدمة إلى جميع أنحاء أوروبا وخارجها، وفق "رويترز".
وبغض النظر عمن سيفوز، سيكون التحدي الرئيسي الأول هو الفوز في الانتخابات البرلمانية في يونيو/ حزيران لتأمين أغلبية عملية لتنفيذ برنامجه.