"نعيش اللحظة".. مخيم النازحين في خانيونس يعيد ذكريات نكبة 1948
فقد عشرات الفلسطينيين في قطاع غزة منازلهم أو فرّوا منها بعد أن طالب جيش الاحتلال أكثر من مليون فلسطيني آخر بإخلاء مناطقهم شمال غزة إلى جنوبها، خلال عدوانه المكثّف على القطاع.
وفي موقف السيارات المغبّر في خانيونس، يرتفع صف تلو الآخر من الخيام البيضاء التي وضعت لهم لإيوائهم. هناك ينتظر الجيران الذين تعرّفوا حديثًا إلى بعضهم بعضًا في الخيم، وجبتهم المشتركة من موظفي الأمم المتحدة، وهي عبارة عن رغفي خبز وعلب التونة أو الفاصولياء.
وأعادت مدينة الخيام في خانيونس، ذكريات النكبة الفلسطينية عام 1948، حيث هُجّر أكثر من 750 ألف فلسطيني من أراضيهم.
إلا أنّه بعد 75 عامًا على انتهاء الحرب، أصبحت تلك الخيام المؤقتة في الضفة الغربية وغزة والدول العربية المجاورة منازل دائمة من الطوب.
وقال داود كتاب الصحفي الفلسطيني الذي يقيم في الأردن لوكالة أسوشييتد برس: "هذه المشاهد أمر لا يمكن للعالم العربي أن يقبلها".
بدوره، قال رشيد الخالدي أستاذ الدراسات العربية في جامعة كولومبيا: "تتبادر إلى ذهني على الفور أحداث 1948 عندما يُطلب من الفلسطينيين في غزة إخلاء منازلهم، وعندما أرى تلك الخيام".
لكنّ وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة أكدت أنّ "المخيم ليس دائمًا، وأنّها وزّعت الخيام والبطانيات على عشرات الأسر النازحة في خانيونس الذين لم يتمكّنوا من الإقامة في مرافق أخرى تابعة للأمم المتحدة، بهدف حمايتهم من المطر وتوفير الكرامة والخصوصية".
وتضمّ غزة أصلًا، ثمانية مخيمات دائمة تحوّلت على مرّ السنين إلى أحياء حضرية متهالكة ومزدحمة.
"نعيش اللحظة"
بعد أن حاول وعائلته الاحتماء بإحدى مدارس الأمم المتحدة المزدحمة، لجأ محمد اليان مع زوجته وأطفاله الأربعة إلى مخيم خانيونس.
وقال اليان لوكالة أسوشييتد برس: "الظروف في مدراس الأونروا مروّعة، إنّها مكتظة ولا مكان للنوم أو للخصوصية. أما هنا، يُمكننا إغلاق خيمتنا على الأقل".
وأكد: "لقد تركنا كل شيء وراءنا، لكنّنا حتى هنا لسنا آمنين"، في إشارة إلى الغارات الجوية القريبة من المكان.
وقال: "نحن نعيش اللحظة، نُحاول ألا نفكر فيما سيأتي بعد ذلك، كيف أو متى سنعود إلى المنزل".
قلق إقليمي
وتزايد القلق الإقليمي بشأن مخيم خانيونس والتحذيرات الإسرائيلية حول الإخلاء، ما زاد من حدة الاحتجاجات الغاضبة التي تتصاعد في عواصم الشرق الأوسط بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة، والذي أدى إلى استشهاد أكثر من 4 آلاف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء.
وقال كتّاب: "الأمر مقلق للغاية بالنسبة للحكومة الأردنية التي لا تقبل بأي تلميح حتى لفك النزوح الفلسطيني مجدًدا".
ووفقًا للأونروا، يعيش أكثر من مليوني لاجئ فلسطيني مسجّل في الأردن، وهو أكبر عدد من لاجئي فلسطين في جميع أقاليم المنظمة.
وتنديدًا بالعدوان الإسرائيلي على غزة، شهدت العاصمة الأردنية احتجاجات حاشدة شارك فيها آلاف المتظاهرين بكثافة لم يسبق لها مثيل منذ سنوات.