ألقى جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الجمعة، مناشير باللغة العربية في سماء غزة تطالب السكان بإخلاء منازلهم في المدينة فورًا، فيما واصلت طائراته قصف مناطق متفرقة من القطاع مع استمرار الحصار الذي يحرم سكانه من المياه والطعام والكهرباء والوقود.
وجاء في المناشير: "بيان عاجل الى سكان مدينة غزة. المنظمات الإرهابية بدأت الحرب ضد دولة إسرائيل ومدينة غزة أصبحت ساحة معركة، عليكم إخلاء بيوتكم فورًا والتوجه الى جنوب غزة، من أجل أمنكم وسلامتكم". وأرفق جيش الاحتلال المنشور برسم لخريطة غزة عليها أسهم تشير الى منطقة جنوب القطاع.
ويأتي إلقاء المنشورات بعد ساعات من مطالبة إسرائيل لسكان مدينة غزة بإخلائها والتوجه جنوبًا. في حين أشارت الأمم المتحدة الى أن الجيش أبلغها بضرورة حصول ذلك في غضون 24 ساعة.
نكبة ثانية
بالمقابل، رد الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، أبو عبيدة بالقول إن "الهجرة في قاموسنا ليست واردة إلا لمدننا المحتلة، والحرب النفسية التي يمارسها العدو تهدف إلى صناعة صورة نصر زائفة أمام جمهوره".
من جهته، أبلغ الرئيس الفلسطيني محمود عباس وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في عمّان اليوم الجمعة أنه "يرفض التهجير القسري" للفلسطينيين في غزة بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".
وقال عباس إن مثل هذا الحدث سيشكل "نكبة ثانية"، وأضاف أنه يجب السماح بفتح ممرات إنسانية عاجلة في القطاع الساحلي المحاصر لمنع وقوع كارثة إنسانية.
تنديد عربي
وفي السياق نفسه، رأى الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن مطالبة إسرائيل لسكان شمال القطاع بالانتقال إلى جنوبه يعد "جريمة حرب جديدة"، مؤكدًا أنه يحظر "على القوة القائمة بالاحتلال مباشرة نقل قسري للسكان".
ووجّه أبو الغيط، بحسب ما نشرت الجامعة على منصة إكس، خطابًا إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وطالبه "بضرورة أن يضع ثقله السياسي والمعنوي للحيلولة دون جريمة حرب جديدة تخطط إسرائيل لارتكابها، كجزء من حملتها الدموية المخزية ضد قطاع غزة عبر مطالبتها كافة سكان شمال قطاع غزة بالانتقال فوراً إلى جنوبه".
من جهته، حذر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني اليوم، إسرائيل من أي محاولة لتهجير الفلسطينيين قسرًا، حتى داخليًا، مشددًا على ضرورة عدم ترحيل الأزمة إلى دول الجوار ومفاقمة قضية اللاجئين.
ورأى جون كيربي المتحدث باسم البيت الأبيض لشؤون الأمن القومي أن دعوة إسرائيل لنقل مليون مدني في شمال قطاع غزة خلال 24 ساعة ستكون "أمرًا صعبًا".
أما جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فاعتبر أن الخطة الإسرائيليةف ي هذا الإطار "غير واقعية".
مخاوف أممية
بدورها، أكدت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، إن دعوة إسرائيل نقل أكثر من مليون مدني من شمال غزة خلال 24 ساعة "مروع" مضيفة أن القطاع يتحول بسرعة إلى "حفرة من الجحيم".
وقال فيليب لازاريني المفوض العام للأونروا في بيان: "طلب القوات الإسرائيلية بنقل أكثر من مليون مدني يعيشون في شمال القطاع خلال 24 ساعة مروع". وتابع: "نطاق وسرعة الأزمة الإنسانية التي تتكشف تقشعر له الأبدان. غزة تتحول سريعًا لحفرة من الجحيم وعلى شفا الانهيار".
من جهتها، قالت منظمة الصحة العالمية اليوم الجمعة إن السلطات الصحية في غزة أبلغتها إنه من المستحيل إجلاء المرضى الذين يعانون من حالات حرجة من المستشفيات في شمال غزة.
وأضافت: "لذا فإن نقل هؤلاء الأشخاص هو بمثابة حكم بالإعدام. ومطالبة العاملين في مجال الصحة بالقيام بذلك أمر يتجاوز القسوة".
وتتزايد المخاوف على سكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون، والذين يعانون من الحرب الخامسة خلال 15 عامًا في القطاع المحاصر منذ 2007، لا سيما بعدما شددت إسرائيل الحصار قاطعة إمدادات المياه والغذاء والكهرباء.
وأعلنت الأمم المتحدة ليل الخميس أنّ أكثر من 423 ألف شخص أُجبروا على الفرار من منازلهم في القطاع جراء القصف الإسرائيلي، حيث لجأ أكثر من 270 ألف شخص من هؤلاء إلى مدارس تديرها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
ويأتي أمر النزوح الجماعي وسط قصف واسع النطاق لغزة من قبل الجيش الإسرائيلي، مما أسفر عن استشهاد 1537 مواطنًا فلسطينًيا بينهم 500 طفل و276 سيدة، فضلًا عن إصابة 6612 آخرين.