بفوز الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في انتخابات الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، تصبح كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي ثاني امرأة أميركية تهزم أمامه، رغم أنها كانت في يناير/ كانون الثاني 2021 أول أميركية من أصول آسيوية تتولّى منصب نائب الرئيس.
لكن هذا لم يشفع لها للوصول إلى البيت الأبيض، تمامًا كما حصل مع المرشحة السابقة عن الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون في انتخابات عام 2016.
فما هي أسباب خسارة النساء في الانتخابات الرئاسية الأميركية؟ وهل الولايات المتحدة غير جاهزة بعد لوصول امرأة إلى سدّة الرئاسة على خلاف بلاد أخرى، ففي بريطانيا كانت مارغريت تاتشر أول رئيس وزراء لبريطانيا للفترة ما بين 1979 و1990، كما كانت زعيمة حزب المحافظين من 1975 إلى 1990؟
وفي ألمانيا، شغلت أنغيلا ميركل منصب المستشارة الألمانية في الفترة الممتدة بين 2005 و2021، وكانت زعيمة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي لنحو 18 عامًا.
فلماذا وصلت النساء هناك إلى المنصب السياسي الأعلى في بلادهن، وفشلن في الوصول إلى الرئاسة الأميركية؟
من الأسباب التي تركز عليها الدراسات، وجود تحيّزات جندرية. فتشير إلى أن الناخبين، بمن فيهم النساء، يميلون إلى دعم الرجال للوصول إلى المناصب القيادية العليا.
يضاف إلى ذلك أن التركيز ينصب في حالة المرشحات النساء في الولايات المتحدة، على مظهرهن وسلوكهن كنساء وليس على على كونهن سياسيات. وفي حالة هاريس، تم التركيز على نبرة صوتها وضحكاتها التي لم تعجب بعض الناخبين.
لكن العامل الجندري لا يكفي وحده لتفسير الظاهرة، ففي انتخابات عام 2016 التي خسرت فيها هيلاري كلينتون أمام دونالد ترمب، تجاهلت هيلاري والحزب الديمقراطي ثقل المشاعر المناهضة للمؤسسة الرسمية لدى الناخبين، بينما استثمر ذلك ترمب لصالحه.
وفي حالة هاريس، فإنها لم تنجح في بناء قاعدة لها في صفوف الحزب الديمقراطي نفسه منذ العام 2020، وتجاهلت الديمقراطيين الليبراليين والتيار الديمقراطي داخل الحزب.
تأخر انسحاب بايدن والتماهي مع سياساته
وساهم تأخر انسحاب الرئيس جو بايدن من السباق الانتخابي، وتماهي هاريس مع سياساته وخاصة تلك المؤيدة لإسرائيل في عدوانها على قطاع غزة، في خسارتها.
وكان فوز الحزب الجمهوري بالانتخابات كاسحًا، ولم يقتصر على منصب الرئاسة بل شمل مجلسَي النواب والشيوخ، ما يعني أن الهزيمة لم تكن فقط لهاريس بل للحزب الديمقراطي أيضًا.
وفي حالتها النسوية، بيّنت إحصاءات حصول ترمب على نحو 44% من أصوات النساء، متقدّما بثلاث نقاط عن نتائج انتخابات 2016.
وبحسب دراسات، فإن أحد أسباب هزيمة هاريس افتراض الحزب الديمقراطي أن النساء سيصوتن لصالحها نظرًا للعامل الجندري فقط، متناسيًا أن المرأة تُعنى بالاقتصاد والقضايا الحياتية الأخرى.
وتفاقم الأمر بالنسبة لهاريس بسبب ما تسمى سياسات الهوية الجنسية الجديدة، التي أثارت قلق بعض النساء في الولايات المتحدة إزاء الأسرة وتماسكها.