دعت الأمم المتحدة، السلطات في البرازيل إلى إجراء تحقيقات "عاجلة ومحايدة وشفافة" بشأن أعمال العنف التي شهدتها البلاد الأحد الماضي.
والأحد، تمكن أنصار الرئيس السابق جايير بولسونارو من اقتحام ونهب ثلاثة مبان حكومية في العاصمة برازيليا - مكتب الرئيس والكونغرس والمحكمة الفيدرالية العليا - قبل أن يتم احتواؤهم من قبل قوات الأمن واعتقال المئات منهم.
وبعد فوضى استمرت ساعات وذكرت بالهجوم الذي شنه أنصار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب على مبنى الكابيتول في واشنطن منذ عامين، استعادت قوات الأمن البرازيلية السيطرة على القصر الرئاسي ومقري الكونغرس والمحكمة العليا.
والإثنين فككت الشرطة خيام مناصري بولسونارو وتفذت عمليات توقيف، مكرسة بذلك سيطرتها على الوضع بعد الفوضى التي حصلت الأحد.
"هجوم على قلب الديمقراطية"
وأدان مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، في بيان صحفي، أعمال العنف التي قام بها آلاف من مؤيدي الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو.
وأعرب المفوض السامي عن صدمته إزاء هذه الأعمال التي وصفها بأنها "هجوم على قلب الديمقراطية البرازيلية".
وأوضح أن أعمال العنف كانت "ذروة لاستمرار تشويه الحقائق والتحريض على العنف والكراهية من قبل أطراف سياسية واجتماعية واقتصادية ظلت تشعل فتيل انعدام الثقة والشقاق من خلال رفض نتائج الانتخابات الديمقراطية"، وفق البيان.
وأشار تورك إلى أن "قبول نتائج الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة يقع في صميم المبادئ الديمقراطية الأساسية".
وأضاف أن "الادعاءات، التي لا أساس لها، بشأن حدوث أعمال تزوير انتخابي، تقوض الحق في المشاركة السياسية".
وشدد المفوض السامي على "ضرورة التوقف عن نشر التضليل وأعمال التلاعب بالجماهير".
ودعا السلطات إلى إجراء "تحقيقات عاجلة ومحايدة وفعالة وشفافة" بشأن أعمال العنف التي وقعت الأحد الماضي و"محاسبة المسؤولين عنها"، حسب البيان.
وحث تورك جميع القادة السياسيين في البرازيل، بمختلف انتماءاتهم، على التعاون مع بعضهم لاستعادة الثقة في المؤسسات الديمقراطية وتعزيز الحوار والمشاركة في الفضاء العام.
"سيدفعون ثمن فعلتهم".. أنصار #بولسونارو يقتحمون الكونغرس والقصر الرئاسي البرازيلي والسلطات تبدأ التحقيق في أسوأ هجوم على مؤسسات البلاد منذ اعادة الديمقراطية قبل 40 عاما#البرازيل pic.twitter.com/eRW0j6Tix9
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) January 9, 2023
وأشار المسؤول الأممي إلى أن 8 صحافيين على الأقل تعرضوا للاعتداء وتدمير معداتهم، ما منعهم من أداء دورهم الهام في إعلام البرازيليين والعالم بما يحدث.
وقال تورك: إن "الهجمات الأخيرة تؤكد التوجه المتزايد إلى الاعتداء الجسدي ضد الصحافيين في سياق المستويات المرتفعة من العنف السياسي".
وأكد المفوض السامي استعداد مكتبه لدعم الحكومة الجديدة في التعامل مع قضايا حقوق الإنسان التي تواجهها البرازيل.
ما علاقة الرئيس السابق في التحركات؟
وفي هذا الإطار، ترى أستاذة التاريخ المعاصر في جامعة ساو باولو، أرلين كليميشا، أن هناك تشابهًا بين اقتحام الكونغرس الأميركي عندما خسر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، وما حصل في البرازيل، مشيرة إلى أن المظاهرات التي خرجت هي من جانب مجموعة من المتطرفين في المجتمع لم تقبل نتائج الانتخابات الأخيرة التي أجريت في البلاد.
وفي حديث إلى "العربي" من العاصمة البرازيلية ساو باولو، توضح كليميشا أن المظاهرات جرى تنظيمها وتمويلها من جانب عدة قوى، لافتة إلى أن هناك دوافع وحوافز وأن الرئيس السابق له يد في هذه التحركات.
المئات من أنصار الرئيس البرازيلي السابق #جايير_بولسونارو يقتحمون عدة مبان حكومية رفضا لفوز لولا #داسيلفا في الانتخابات الرئاسية#البرازيل تقرير: فرح قداده pic.twitter.com/yvPstwlxcG
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) January 9, 2023
وحول دور قوات الأمن البرازيلية، تشير كليميشا إلى أن الجيش حتى هذه اللحظة لم يخالف دوره الدستوري.
لكنها تتساءل حول سبب عدم تدخل الجيش القريب من القصر الرئاسي والمسؤول عن حمايته لإيقاف التحركات، أو عن سبب عدم اعتراض شرطة العاصمة البرازيلية للمظاهرات التي دعا إليها المحتجون، مؤكدة أن التحقيقات جارية في هذا الإطار وأن كل شيء تحت السيطرة وأن وزارة العدل تحقق مع الجيش والقوى المختلفة وحاكم مقاطعة برازيليا.
وتوضح أن ما يجري في البرازيل هو انقسام جديد، بين القوى المؤيدة للديمقراطية التي وقفت إلى جانب الرئيس لولا وأيدت انتخابه، وبين المعسكر الذي يؤيد الاستبداد والحكم المطلق ويمثل الرئيس بولسونارو.