السبت 16 نوفمبر / November 2024

نذر انقلاب في البرازيل.. هل تصمد الديمقراطية أمام الشعبوية العاصفة؟

نذر انقلاب في البرازيل.. هل تصمد الديمقراطية أمام الشعبوية العاصفة؟

شارك القصة

"للخبر بقية" يناقش تداعيات اقتحام أنصار الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو للقصر الرئاسي ومقار رسمية في برازيليا (الصورة: غيتي)
تعود الشرطة في البرازيل لتحكم سيطرتها على المباني الحكومية في العاصمة بعد أن خاضت مواجهات عنيفة مع أنصار الرئيس السابق جايير بولسونارو.

تواجه البرازيل نذر انقلاب في أسوأ حدث أمني منذ استعادة الديمقراطية قبل عقود. أنصار الرئيس السابق جايير بولسونارو المصابون بسخونة حملات التحريض يغزون القصر الرئاسي ومبنى الكونغرس ودار القضاء. 

فبعد اتهامات بتسهيل ما حصل في البلاد، تعود الشرطة في البلاد وتحكم سيطرتها على المباني الحكومية في العاصمة برازيليا، بعد أن خاضت مواجهات عنيفة مع الآلاف من أنصار الرئيس السابق جايير بولسونارو الذين كانوا يرتدون قمصان المنتخب البرازيلي في لقطات دراماتيكية.

ولم يكن قد قضى أسبوع واحد على تنصيب لولا دي سيلفا في كرسي الرئاسة لتصدر الأوامر فورًا بإعفاء حاكم العاصمة من منصبه لتقاعسه في أداء واجباته، فضلًا عن إقحام الحرس الوطني لاسترداد النظام في العاصمة المغلقة من وسطها منذ الأحداث. وهي تغصّ بعشرات الحافلات المستخدمة في نقل المتظاهرين لتنفيذ ما وصفه مسؤولون بأنه "محاولة عبثية لفرض الرأي بالقوة". 

دي سيلفا يتوعد بالمحاسبة

ومع وصول التعزيزات العسكرية حول برازيليا وأثناء تفقده المقرات المبعثرة، خرج الرئيس اليساري المنتخب دي سيلفا بخطاب توعد فيه بالمحاسبة على ما تم ارتكابه، متعهدًا باستئناف العمل من مقرات الرئاسة في العاصمة والتعرف على من وصفهم بـ"الانقلابيين النازيين"، قائلًا "إنهم سيحاسبون".

في المقابل، تواصل الجهات الأمنية حملة اعتقالات واسعة تستهدف أنصار الرئيس السابق والذي بدوره يرفض من منفاه الاختياري في فلوريدا بالولايات المتحدة اتهامات دا سيلفا له بأنه هو من حرّض على اقتحام مقرات السلطة. وقال: "إنها اتهامات لا أساس لها"، مضيفًا عبر تويتر: "إن ما حصل جزء من الديمقراطية".

الرئيس البرازيلي دي سيلفا توعد في خطاب بالمحاسبة على ما تم ارتكابه - غيتي
الرئيس البرازيلي دي سيلفا توعد في خطاب بالمحاسبة على ما تم ارتكابه - غيتي

وبينما تحاول قوات الأمن إزالة خيام المحتجين حول الكونغرس، تضع كتلة اليسار، ليس فقط في البرازيل بل في عموم أميركا اللاتينية يدها على قلبها، في حالة قلق مضطرب فهي التي استطاعت مداواة جرحها عقب حملة بتشويه قادتها. لكنها الآن تستشعر تهديدات تيار اليمين المتضرر من صعود اليسار.

وبحسب محللين للحالة البرازيلية، فإن مخاوف تيار اليمين لها ما يبررها خاصة أن موجة اليسار هدّدت مصالح التيار، وآخر ذلك ما حصل في الهندوراس وبوليفيا والأرجنتين. ومن غير المستبعد كما يقول هؤلاء، أن تشكل حزبًا صلبًا متحالفًا مع روسيا ومع الصين. 

سلوكيات بولسونارو

وتعليقًا على تلك التطورات، يعتبر مدير المركز اللاتيني العربي للأنباء في البرازيل علي فرحات أن بولسونارو لا يمكن له أن يتنصل من المسؤولية، لا سيما أن ما حصل هو سلسلة متكاملة من سلوكياته السياسية منذ أن خسر الانتخابات الرئاسية.

ويقول في حديث إلى "العربي"، من إيغواسو، إنّ الرئيس السابق لم يبارك للولا دا سيلفا والتزم الصمت أمام التحركات الاحتجاجية التي كانت تقطّع أوصال البلاد، حيث كان يُعتدى على الممتلكات العامة، ثم سافر قبل التنصيب بيومين إلى الولايات المتحدة ورفض تسليم الوشاح الرئاسي".

ويلفت فرحات إلى تحقيقات تشير إلى أن مسؤولين ورجال أعمال مولّوا المظاهرة وحالات العنف المستمرة في كل الولايات البرازيلية. 

ويعتبر فرحات أن الصراع في البرازيل لم يعد صراعًا بين اليمين واليسار، بل بين مجموعات تؤمن بالديمقراطية مقابل تيار واحد متطرف يؤمن بالانعزالية.

ويشير إلى أن الجيش لم يستجب لنداء بولسونارو لإلغاء نتائج الانتخابات، لكن حياده كان مشبوهًا، حيث كانت بعض العناصر تتحدث مع مناصري بولسونارو، لافتًا إلى أن المؤسسات الأمنية كانت على العكس متحدة بعد أحداث الأحد التي أحرجت الجميع.

الجهات الأمنية في البرازيل تواصل حملة اعتقالات واسعة تستهدف أنصار الرئيس السابق - غيتي
الجهات الأمنية في البرازيل تواصل حملة اعتقالات واسعة تستهدف أنصار الرئيس السابق - غيتي

محاكاة للتجربة الأميركية

وتشبه أحداث برازيليا ما شهدته الولايات المتحدة الأميركية بعد فوز الرئيس جو بايدن حيث اقتحم أنصار الرئيس السابق دونالد ترمب مبنى الكونغرس.

من جهته، يلفت الباحث في مركز التقدم الأميركي لورانس كورب، إلى أن ترمب لم يحث أنصاره على الاقتحام فقط، بل لم يفعل شيئًا عندما وقعت الأحداث لإيقافها. لذلك أوصت لجنة التحقيقات في أحداث الكونغرس بإحالة ترمب على المحاكمة. وهو ما سيجنب البلاد حدوث أمر مماثل.

ويقول كورب في حديث إلى "العربي" من واشنطن: "إن وجود بولسونارو في فلوريدا يثبت أنه موافق على ما حدث في برازيليا".

ويعتبر أن التجربة الديمقراطية في البرازيل في مرحلة التجربة الآن. ويرى أن على الولايات المتحدة أن تجبره على الخروج والعودة لبلده. وأضاف: "إذا طالت فترة إقامته في الولايات المتحدة فإن الأوضاع ستسوء". 

اختلاف بين اقتحامي يناير

من جهتها، تعتبر مديرة قسم البرازيل في المجلس الأطلسي فالنتينا سادر أن هناك اختلافات كبرى بين ما حدث في الولايات المتحدة وبين ما حدث في البرازيل، حيث إن التحريض بدأ في البرازيل قبل شهر أكتوبر/ تشرين الأول، حيث حاول الرئيس البرازيلي السابق أن يزرع الشكوك بشأن شرعية الانتخابات وأدوات التصويت والمنظومة الديمقراطية. 

وتوضح في حديثها إلى "العربي"، من واشنطن، أنه في الحالة البرازيلية كان بولسونارو أصبح رئيسًا سابقًا للبرازيل يوم 8 يناير/ كانون الثاني الجاري، بينما كان ترمب لا يزال رئيسًا للولايات المتحدة في 6 يناير/ كانون الثاني 2020. 

كما أشارت سادر إلى أن نتائج الانتخابات البرازيلية التي فاز بها دا سيلفا بفارق طفيف تظهر أن نصف السكان يعارضون دا سيلفا ويؤيدون بولسونارو، مؤكدة أنه لا مبرر للعنف والدمار الذي شهدته البلاد. 

وخلصت إلى أن المؤسسات الديمقراطية في البرازيل متحدة في التنديد بتلك الأفعال التي جرت من اقتحامات للمقار الرسمية.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close