مرة أخرى تتعرض منشأة نطنز النووية الايرانية لهجوم يتسبّب في تعطيل كبير في عمل المنشأة. وبينما تقرّ إيران بالهجوم وتحدّ من تداعياته وتصفه بالإرهابي، تتنصّل واشنطن من مسؤوليتها عن هذا الهجوم.
واتهمت إيران بشكل رسمي إسرائيل بالوقوف خلفه، لكنّ إسرائيل التي لم تتبنّ الهجوم صراحة، ولكن توعّد رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، بحضور وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، بمنع ايران من امتلاك السلاح النووي، أو السماح لها بتصنيعها.
إلى ذلك، رفض الاتحاد الأوروبي تقويض المحادثات بشأن الاتفاق النووي الإيراني الجارية في فيينا، مؤكدًا أن المشاكل المتعلّقة بالاتفاق يجب أن تُحلّ عبر المفاوضات لا بالهجوم.
ومع تضرّر برنامجها النووي، هل تفقد طهران ورقة قوتها في المحادثات النووية؟
أفقهي: الحادث قوّى موقف طهران في المفاوضات
شرح سيد هادي أفقهي، الدبلوماسي الإيراني السابق من طهران لـ"العربي"، أن تأثيرات الحادث "محدودة إذ أن العطل بدأ في بعض الخطوط الكهربائية، الأمر الذي أثّر على أجهزة الطرد المركزي من الجيل الأول، لكن منشأة نطنز تحتوي على أجهزة طرد مركزي متطوّرة (IR9S) التي تُعادل قوتها خمسين ضعف نسبة التخصيب التي تنتجها الأجهزة المتضرّرة من الحادث".
وأضاف أن الردّ الإيراني على الهجوم قد لا يكون عسكريًا أو أمنيًا، مشيرًا إلى أنه ردًا على اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده، كان الرد الايراني برفع التخصيب.
وقال أفقهي إن الهجوم سيقوي موقف ايران في المفاوضات المزمع عقدها الاربعاء، حيث ستذهب إيران بملف إنتاج اليورانيوم بأجهزة الطرد المتطوّرة بدلًا من ملف الأجهزة من الجيل الأول، مرجحًا أن تقوم واشنطن إزاء هذه التطورات أن تلجأ إلى التنازل التدريجي عن شروطها للعودة إلى الاتفاق النووي كما فعلت خلال الجولة الثانية من محادثات فيينا.
الحرب الخفية مستمرّة
واعتبر مهند مصطفى، مدير عام مركز "مدى الكرمل" للأبحاث في حيفا، لـ"العربي"، أنه بالنسبة لاسرائيل، المهم هو الحرب الخفية بينها وبين إيران، حيث تبذل تل أبيب كل جهودها لعرقلة البرنامج النووي الإيراني، من أجل الوصول إلى انتصار سياسي يتمثّل في اتفاق نووي يتوافق مع مصالحها.
وأضاف أن نتنياهو يفضّل العقوبات الاقتصادية على إيران بدلًا من أي اتفاق نووي جديد قد لا يُلبّي مطلباتها، كما أن إسرائيل تفضّل الحرب الخفية بدلًا من حرب مباشرة مع إيران.
وأشار إلى إسرائيل تعوّل في هجماتها على أن إيران، من خلال تجارب سابقة، تحاول أن تمتص الهجمات، لا الرد عليها بشكل مباشر.
حجر عثرة في طريق الديبلوماسية
رجّح جون كرزانياك، الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية من واشنطن لـ"العربي"، أن تكون إدارة بايدن قد أُبلغت بالعملية قبل ساعات من تنفيذها، خصوصًا وأن الهجوم تزامن مع وجود وزير الدفاع الأميركي لويد اوستن في اسرائيل.
وعزا الصمت الأميركي حول هذا الهجوم إلى نيّة إدارة بايدن للعودة إلى الاتفاق النووي، خصوصًا وأن الحادثة سيكون حجر عثرة في طريق الديبلوماسية.
واستبعد نشوب أي مواجهة مباشرة بين البلدين لأنه لا يصب في مصلحة أي منهما، لكن الحرب الظلّ ستستمرّ، مضيفًا أنه في حال قرّرت طهران الردّ على هذا الهجوم فإنها ستلجأ إلى أذرعها ووكلائها في الدول الأخرى.
ورأى أن الولايات المتحدة ستُحاول التخفيف من هذا التوتر عبر تشجيع الديبلوماسية، لكن الأمر يعتمد على طريقة تعاطي طهران مع المفاوضات النووية.