طرحت مجموعة السبع، في قمتها التي انعقدت في ألمانيا الأسبوع الماضي، فكرة وضع حد أقصى لسعر النفط الروسي بهدف زيادة الضغط على قدرة الكرملين على تمويل هجومه في أوكرانيا ومحاولة حماية المستهلكين وسط ارتفاع أسعار الطاقة.
وحذّرت موسكو من أن أي محاولة لفرض سقف لأسعار النفط الروسي ستلحق أضرارًا أكثر مما تنفع.
من جهتهم، شكّك خبراء، في حديث لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية، في نزاهة الاقتراح، محذرين من أن الخطة قد تأتي بنتائج عكسية إذا لم يشارك فيها مستهلكون رئيسيون، وقد ينفد الوقت لجعلها قابلة للتطبيق.
وقال محلل النفط نيل أتكينسون إن "شيئًا من هذا القبيل يمكن أن ينجح فقط، إذا جعلت جميع المنتجين الرئيسيين وجميع المستهلكين الرئيسيين، يعملون معًا، ومن ثم إيجاد طريقة ما لفرض أي خطة توصلت إليها".
وأوضح أتكينسون أن الصين والهند "استفادتا بشكل كبير" من خصم أسعار النفط الخام الروسي. وكانت الصين والهند تقتنصان النفط الروسي الذي كان يُباع بخصم كبير قدره 30 دولارًا أو أكثر، مقارنة بالعقود الآجلة لخام برنت الذي يُباع بـ 110 دولارات للبرميل.
وتوقّع بنك "جي بي مورغان" أن ترتفع أسعار الخام إلى 380 دولارًا للبرميل، في حال تسبّبت العقوبات الغربية في خفض الإمدادات الروسية بمقدار 5 ملايين برميل يوميًا.
عجز كبير في السوق.. توقعات بصعود أسعار الطاقة بعد قرار أوروبا حظر النفط الروسي#روسيا تقرير: علي الرواشدة pic.twitter.com/V1SrzXHSFa
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) June 3, 2022
كما سلط أتكينسون الضوء على الافتقار إلى الوحدة في الموقف بالنسبة للهجوم الروسي على أوكرانيا، بالنظر إلى أن الصين والهند لم تدينا حرب الكرملين صراحة.
وقال: "يمكنهم اللعب بإمدادات النفط والغاز بالفعل. كما يمكنهم العبث في بعض جوانب مجموعة السبع، لذلك أعتقد أن هذه الخطة لن تطبق".
آلية لا تعمل
من جانبها، قالت مديرة الأبحاث في "إنرجي أسبكتس" أمريتا سين، إن "هذه الآلية لا تعمل".
وأضافت: "لم يفكروا في الأمر، لم يتحدّثوا إلى الهند والصين"، متسائلة: "هل يعتقدون حقًا أنهما ستوافقان على هذا؟ وهل يعتقدون حقًا أن روسيا ستقبل بالفعل ولن تنتقم؟ أعتقد أن هذا يبدو، وكأنه مفهوم نظري، جيد جدًا، لكنه لن ينجح في تطبيقه على أرض الواقع".
وأوضحت سين أن الفكرة القائلة بأن جميع دول العالم تتشارك الأفكار نفسها مع صانعي السياسة الغربيين، لا سيما في ما يتعلّق بأمن الطاقة، هي "أكبر فكرة خاطئة في الوقت الحالي".
أهمية التأمين
وبالنسبة إلى كلاوديو غاليمبرتي، النائب الأول لرئيس شركة أبحاث الطاقة "ريستاد"، فإن الآلية الأكثر واقعية لفرض حد أقصى لسعر النفط الروسي هي عبر التأمين.
وأوضح أن "المجموعة الدولية لنوادي الحماية والتعويض في لندن تغطي حوالي 95% من أسطول شحن النفط العالمي"، مضيفًا أن الدول الغربية "يمكن أن تحاول فرض حد أقصى للسعر من خلال السماح للمشترين بالاحتفاظ بهذا التأمين، طالما أنهم يوافقون على دفع ما لا يزيد عن حد أقصى لسعر النفط الروسي على متن السفينة".
وقال: "مع ذلك، هناك العديد من العقبات التي يمكن أن تعرقل مثل هذه الخطة"، مشيرًا إلى أن من بين الأمثلة الأكثر وضوحًا هي أن روسيا "يمكن أن تقرّر ببساطة عدم البيع بالأسعار التي حدّدها الحد الأقصى، خاصّة إذا كان المؤشر القياسي منخفضًا جدًا وقريبًا من تكلفة الإنتاج".
وأكد أن الصين هي "العقبة التالية الأكثر ترجيحًا"، نظرًا لأن بكين قد تقرّر لأسباب جيوسياسية "تقديم الدعم لروسيا من خلال قبول التأمين الروسي الرديء، وبالتالي تسهيل ثغرة لسقف السعر".
وأضاف: "مع ذلك، من المؤكد أن تحديد سقف للأسعار هو إجراء يستحق النظر فيه في هذه المرحلة، على الرغم من أن الوقت ينفد، حيث إن الاتحاد الأوروبي مصمم على حظر واردات النفط الروسي بحلول نهاية العام".
والأربعاء، وصف نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك تحرّك القادة الغربيين للنظر في فرض سقف للسعر بأنه "محاولة أخرى للتدخّل في آليات السوق، والتي قد تؤدي فقط إلى اختلال توازن السوق، ما يؤدي إلى زيادة الأسعار".
وقال نوفاك إنه واثق من أن روسيا ستُعيد إنتاج النفط إلى مستويات ما قبل العقوبات خلال الأشهر المقبلة، وعزا ذلك إلى حد كبير إلى إعادة توجيه كمية كبيرة من الخام الروسي إلى الأسواق الآسيوية.