ارتفعت حصيلة قتلى الاشتباكات المستمرة في السودان بين الجيش النظامي والقوات شبه العسكرية إلى 56 قتيلًا مدنيًا، كما أعلنت نقابة الأطباء.
وقالت النقابة: إن "العدد الإجمالي للقتلى بين المدنيين بلغ 56 قتيلًا". وتحدثت عن "عشرات القتلى" في صفوف العسكريين، لكن لا تشملهم حصيلة القتلى هذه.
لجنة أطباء السودان المركزية حصر مبدئي أحداث يوم 15 أبريل استيقظ السودانيون والسودانيات صباح 15 أبريل 2023 على فاجعة اشتباكات بين قوات الشعب المسلحة وقوات الدعم السريع، أدت هذه الاشتباكات إلى وقوع عدد كبير من القتلى والإصابات المتوسطة والحرجة. pic.twitter.com/rRPu9tJvmL
— لجنة أطباء السودان المركزية CCSD’S (@SD_DOCTORS) April 16, 2023
واحتدمت المعارك في العاصمة السودانية حتى وقت مبكر الأحد بعد يوم من المواجهات العنيفة بين قوات الجيش التي يقودها الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع شبه العسكرية الموالية لحليفه السابق محمد حمدان دقلو.
وأفاد شهود عن سماع إطلاق نار ودوي انفجارات في شوارع الخرطوم المقفرة، في أعقاب إعلان قوات الدعم السريع عن سيطرتها على المقر الرئاسي ومطار الخرطوم ومنشآت حيوية أخرى.
لكن الجيش سارع إلى نفي هذه المزاعم، وفي بيان صدر في وقت متأخر السبت حذرت القوات الجوية السودانية المواطنين بضرورة التزام منازلهم مع استمرار الغارات الجوية ضد قواعد قوات الدعم السريع.
وكانت قوات الدعم السريع قد أكدت قبيل ظهر السبت "السيطرة الكاملة" على القصر الجمهوري في وسط الخرطوم وقصر الضيافة الذي يستقبل فيه كبار ضيوف الدولة ومطار الخرطوم ومطاري مروي (شمال) والأبيض (وسط)، فيما نفى الجيش السيطرة على المطار، مؤكدًا أن "عناصر من الدعم السريع تسللت إلى المطار وأحرقت طائرتين إحداها تابعة للخطوط السعودية" التي أكدت وقوع هذا الحادث.
مطالبات بوقف "فوري" للقتال في السودان
وطالبت الأمم المتحدة والجامعة العربية وواشنطن وموسكو بوقف "فوري" للقتال في السودان. أما الجارة مصر، فدعت الطرفين إلى "التحلي بأكبر قدر من ضبط النفس".
وقال بيان للأمم المتحدة: إن الأمين العام أنطونيو غوتيريش "تشاور مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي بشأن تهدئة الوضع"، مضيفًا أن مشاوراته شملت البرهان ودقلو.
ودعا الأمين العام وفق البيان إلى "الوقف الفوري للعنف والعودة إلى الحوار".
أما فرنسا، فاعتبرت أن "وحدها العودة إلى عملية سياسية تجمع كل الأطراف، وتقود إلى تعيين حكومة انتقالية وإجراء انتخابات عامة، يمكنها إيجاد تسوية دائمة لهذه الأزمة".
ومن المقرر أن تعقد جامعة الدول العربية بناء على طلب مصر والسعودية اجتماعًا عاجلًا الأحد لمناقشة الأوضاع في السودان.
وفي هذا الإطار، أفاد مراسل "العربي" من القاهرة، بأن جامعة الدول العربية، كانت قد أصدرت بيانًا على لسان أمانتها العامة استنكرت فيه بشدة الأحداث التي جرت في السودان من اشتباكات مسلحة.
وذكرت الأمانة العامة، حسب مراسلنا، أن الجامعة العربية مستعدة للانخراط فورًا في أي جهود تحقق المصالحة وتهدئة الأوضاع.
وأشار إلى أن الجهود الدبلوماسية المصرية تواصلت على مستوى وزارة الخارجية، حيث تلقى وزير الخارجية المصري اتصالًا من المبعوث الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون والسياسات الأمنية جوزيب بوريل.
ووفقًا لبيان وزارة الخارجية، فإن بوريل أعلن عن دعم الاتحاد الأوروبي لجهود مصر المنخرطة في وساطة للتهدئة بين الأطراف المتنازعة.
وتحدث مراسل "العربي" عن وجود حالة من الغضب على وسائل التواصل بين المصريين للحالة التي ظهر بها الجنود المصريون في مقاطع الفيديو في قاعدة مروي العسكرية، مشيرًا إلى أن بيان الجيش المصري المقتضب والمطالب بصورة واضحة من الجهات المعنية بضمان أمن وسلامة الجنود المصريين خفف قليلًا من حدة هذا الغضب.
"في مكان آمن"
في غضون ذلك، لزم السودانيون بيوتهم للاحتماء من القتال. وأكد السفير الأميركي في السودان جون غودفري على تويتر أنه "مثله مثل كل السودانيين في مكان آمن" بعيدًا عن المعارك.
وكانت قوات الدعم السريع بادرت بالإعلان في بيان بأن القوات المسلحة "هاجمت في وقت متزامن قواعد ومقرات قوات الدعم السريع في الخرطوم ومروي ومدن أخرى جاري حصرها"، مؤكدة أن "قوات الدعم السريع قامت بالدفاع عن نفسها والرد على القوات المعادية وكبدتها خسائر كبيرة".
وأكد البيان أن قوات الدعم السريع تقف إلى جانب "جميع المواطنين وستواصل جهودها من أجل حماية مكتسبات الوطن وثورة شعبه المجيدة الظافرة المنتصرة" في إشارة إلى ثورة 2019 التي أطاحت الدكتاتور عمر البشير بعد ثلاثين عامًا في السلطة.
اتهامات متبادلة
وتبادلت قوات الدعم السريع والجيش السوداني الاتهامات بالمبادرة بالقتال.
وأكدت قوات الدعم السريع في بيان أنها "تفاجأت صباح السبت بقوة كبيرة من القوات المسلحة تدخل إلى مقر تواجد القوات (التابعة للدعم السريع) في أرض المعسكرات سوبا بالخرطوم وتضرب حصارًا على القوات المتواجدة هناك ثم تنهال عليها بهجوم كاسح بكافة أنواع الأسلحة".
من جانبه، قال الناطق باسم الجيش العميد نبيل عبد الله لفرانس برس: "هاجم مقاتلون من قوات الدعم السريع عدة معسكرات للجيش في الخرطوم ومناطق متفرقة في السودان". وأضاف أن "الاشتباكات مستمرة والجيش يؤدي واجبه في حماية البلاد".
قوات مصرية
من جهته، أعلن المتحدث الرسمي باسم الجيش المصري مساء السبت على فيسبوك أن "قوات مصرية متواجدة" داخل السودان "لإجراء تدريبات مشتركة مع نظرائهم السودانيين"، مؤكدًا أنه "جاري التنسيق مع الجهات المعنية في السودان لضمان تأمين القوات المصرية".
ونشرت قوات الدعم السريع مقطع فيديو على حسابها الرسمي على تويتر يظهر فيه جنود مصريون وأكدت أن "كتيبة من الجيش المصري سلمت نفسها لقوات الدعم السريع في مروي".
كتيبه من الجيش والقوات المصرية تسلم نفسها لقوات الدعم السريع بمروي⭕ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ#قوات_الدعم_السريع#جاهزية_سرعة_حسم pic.twitter.com/3t4oNoCpPg
— Rapid Support Forces - قوات الدعم السريع (@RSFSudan) April 15, 2023
وكانت وزارة الخارجية المصرية دعت صباحًا "كافة الأطراف السودانية لممارسة أقصى درجات ضبط النفس حماية لأرواح ومقدرات الشعب السوداني الشقيق".
وكان البرهان وحميدتي يشكلان جبهة واحدة عندما نفذا الانقلاب على الحكومة في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021. إلا أن الصراع بينهما ظهر إلى العلن خلال الشهور الأخيرة وأخذ في التصاعد.
وقبل يومين، حذر الجيش السوداني في بيان من أن البلاد تمر بـ"منعطف خطير" بعد انتشار قوات الدعم السريع المسلحة في الخرطوم والمدن الرئيسية.