بدأ مجلس النواب اللبناني اليوم مناقشة الموازنة في جلسات متتالية وذلك بعد تأجيل الجلسة التي كانت مقررة أمس بسبب عدم اكتمال النصاب لتزامنها مع ذكرى اغتيال رئيس الجمهورية الأسبق بشير الجميل.
هذه المناقشة تأتي على وقع اعتراضات سياسية وشعبية واسعة اعتبرت أن الموازنة ضرائبية وبلا تقديمات اجتماعية.
فبعض الكتل النيابية ترى أن هذه الموازنة لا تتضمن أي إستراتيجية أو رؤية وخطة للحل بل أشبه بكشف حساب.
وفي هذا الإطار، يلفت النائب وضاح صادق في حديث إلى "العربي" إلى أن الموازنة غير واضحة وتتضمن أكثر من سعر صرف في ظل غموض حول مصير الدولار الجمركي.
بدورهم، يرى المحتجون في الشارع أن هذه الموازنة ضريبية تغيب عنها التقديمات الاجتماعية كالطبابة والتعليم وبلا عدالة ضريبية تصاعدية.
ارتفاع قياسي بسعر الصرف
ويعتبرون أنها تستهدف الفئات الفقيرة بدلًا من أن تقدم تصورًا للحل الاقتصادي.
في المقابل، تقول الحكومة: إن إقرار الموازنة ضروري للتفاوض مع صندوق النقد الدولي لكنها لا تلتزم بطلب الصندوق في توحيد سعر صرف الدولار في ظل غياب الأرقام الدقيقة حول الإيرادات والنفقات، فضلًا عن أنها تتضمن عجزًا بنحو 850 مليون دولار.
ويأتي ذلك وسط ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية إلى أعلى مستوى له منذ بدء الأزمة الاقتصادية في لبنان قبل 3 سنوات، حيث لامس 38 ألف ليرة للدولار الواحد اليوم الخميس.
ارتفاع سعر الصرف قابله ارتفاع كبير في أسعار المحروقات حيث وصل سعر صفيحة البنزين إلى نحو 680 ألف ليرة أي ما يعادل الحد الأدنى للأجور التي لم يتم تصحيحها حتى اليوم.
أين تكمن المشكلة؟
وفي هذا الإطار، يشير مسؤول تحرير الملحق الاقتصادي في صحيفة نداء الوطن منير يونس إلى أن المشكلة تتمثل في أن أسعار صرف الدولار ترتفع يوميًا ما يُفقد الموازنة معناها لأنها معدة على أساس الليرة اللبنانية.
يونس قال في حديث إلى "العربي" من بيروت: "بينما كانت موازنة ما قبل الأزمة تقدر بنحو 17 مليار دولار، باتت اليوم لا تتخطى أرقامها المليار دولار، وبالتالي فإن الانهيار يأتي على ما تبقى من الدولة".
وشرح أن ارتفاع سعر الدولار في لبنان يعود إلى شح في العملة الصعبة، لافتًا إلى أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي يهدف إلى الحصول على 3 مليارات دولار ومن ثم الحصول على مليارات أخرى من الدول المانحة.
إلا أن يونس شدد على أنه بغياب أي اتفاق أو إصلاحات حتى الآن يرضى بها صندوق النقد فإن شح الدولار سيؤدي بشكل مستمر إلى ارتفاع سعر الصرف.
وفد من صندوق النقد يزور لبنان الأسبوع المقبل
واعتبر أن المشكلة تكمن في أن المنظومة الحاكمة لا تسرع عملية الإصلاحات، مشيرًا إلى أن هناك 5 إصلاحات مطلوبة من صندوق النقد لم يُقر منها شيء إلى الآن ما عدا تعديل قانون السرية المصرفية الذي اعتبره الصندوق غير كاف.
وقال: إن إقرار الموازنة اليوم بنسبة عجز عالية يناقد شروط الصندوق الدولي.
واليوم، أعلن صندوق النقد الدولي أن فريقًا من خبرائه سيزور لبنان الأسبوع المقبل لمناقشة أسباب التأخير في تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها والمطلوبة للحصول على قرض من الصندوق في ظل تدهور الأوضاع المعيشية في البلاد.
وأضاف المتحدث باسم الصندوق جيري رايس: "نتطلع إلى دعم لبنان بأقصى قوة ممكنة لدينا. إنه وضع صعب".
وتابع قائلًا: "كان هناك تقدم بطيء في تنفيذ بعض الإجراءات الضرورية التي نعتقد أنها لازمة للمضي قدمًا في برنامج (القرض)".