في ظل التأزم الحاصل بين إيران والمجتمع الدولي، وسط تعثر المفاوضات النووية، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي، إن استئناف مفاوضات فيينا لإحياء الاتفاق النووي الإيراني ضروري للغاية بوصفه الخيار الأكثر عقلانية.
واعتبر غروسي أن خطوة إيران بوقف عمل كاميرات مراقبة أنشطتها النووية لا يبعث برسائل إيجابية لجهة تقليص الشفافية، محذرًا من أن ذلك ينعكس سلبًا على فرص إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015.
والخميس، ندّدت الوكالة الدولية للطاقة الذرّية بقرار إيران "إغلاق 27 كاميرا" لمراقبة أنشطتها النووية، محذّرةً من "ضربة قاضية" للمحادثات حول هذا الملف الشائك إذا استمر التعطيل.
وكانت إيران أعلنت الأربعاء وقف العمل بكاميرتَين على الأقل تابعتَين للوكالة الذرية هدفهما مراقبة نشاطاتها النووية، بعد تبني مجلس محافظي الوكالة قرارًا ينتقد عدم تعاونها.
من جهتها، أعربت واشنطن عن قلقها من "استفزازات" طهران، وحذرت على لسان وزير خارجيتها أنتوني بلينكن من "أزمة نووية متفاقمة" و"زيادة العزلة الاقتصادية والسياسية لإيران".
ودعت برلين ولندن وباريس الخميس في بيان مشترك طهران إلى "إنهاء التصعيد النووي" و"القبول الآن بشكل عاجل بالتسوية المطروحة على الطاولة" منذ مارس/ آذار لإحياء اتفاق 2015 الذي يُفترض أن يمنع إيران من صنع قنبلة ذرية.
ما هي أسباب وقف طهران كاميرات المراقبة؟
وفي هذا الإطار، أفاد الأستاذ المحاضر في العلاقات الدولية خطار أبو دياب، بأن إيران لديها ما تخفيه، لذلك قامت بإخفاء الكاميرات، وكان يجب عليها أن تعطي أجوبة دقيقة حول آثار اليورانيوم المشعة في عدد من المواقع الممنوع زياراتها.
وأضاف في حديث لـ"العربي" من العاصمة الفرنسية باريس، أن سبب إخفاء طهران للكاميرات وعدم تسليمها الأفلام للوكالة الدولية هو سعيها إلى تركيب أجهزة طرد متطورة في بعض الأماكن، مشيرًا إلى أن طهران بهذه الخطوات يمكنها إنتاج قنبلة نووية بدائية.
وأوضح أبو دياب أن "الضربة القاضية" التي تلوح بها وكالة الطاقة هي إعلان وفاة الاتفاق النووي في حال عدم استئناف المفاوضات التي انطلقت في أبريل (نيسان) 2021، والذي كادت أن تصل إلى حل، لولا اشتراط طهران شطب اسم حرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب الأميركية، ليتعقد الأمر أكثر.
ولفت أن لدى الجمهورية الإسلامية مشكلة قد تعيدها إلى طاولة المفاوضات، بسبب تنافس إيراني روسي ضمن الثلاثي "الروسي الصيني الإيراني" على بيع النفط إلى بكين.
وتابع أبو دياب، أن الحرب الخفية (بين إيران وإسرائيل) لم تتوقف يومًا، مستبعدًا حدوث أي هجوم عسكري، مشيرًا إلى أن أي هجوم إسرائيلي على إيران بحاجة إلى غطاء أميركي، وأن ليس هناك قرار إسرائيلي أو إيراني بشن حرب شاملة.
وعام 2015، أبرمت طهران مع القوى الكبرى اتفاقًا بشأن برنامجها النووي، أتاح رفع عقوبات مقابل تقييد أنشطتها وضمان سلمية برنامجها.
إلا أنّ الولايات المتحدة انسحبت منه عام 2018 في عهد رئيسها السابق دونالد ترمب وأعادت فرض عقوبات على طهران في إطار سياسة "ضغوط قصوى". وردت إيران بعد عام ببدء التراجع عن كثير من التزاماتها الأساسية، أبرزها مستويات تخصيب اليورانيوم.
وانطلقت المحادثات الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي في أبريل 2021، وحققت تقدمًا كبيرًا قبل أن يطالها الجمود في مارس، مع تبقّي نقاط تباين بين الطرفين الأساسيَين، طهران وواشنطن.