Skip to main content

وسط دعوات للتهدئة.. الرئيس الأوكراني يناشد الغرب عدم إثارة الذعر

السبت 29 يناير 2022

ناشد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي الجمعة الغرب عدم إثارة الذعر بسبب الحشود العسكرية الروسية على حدود بلاده، مطالبًا في الوقت عينه الكرملين بخطوات تثبت أنّ هذه القوات لا تعتزم غزو بلده.

وأتت دعوة الرئيس الأوكراني في وقت اتفّق نظيراه الروسي فلاديمير بوتين والفرنسي إيمانويل ماكرون على "ضرورة نزع فتيل التصعيد" ومواصلة "الحوار" لحلّ هذه الأزمة، في حين أكّد البنتاغون أنّ الحرب "ليست حتمية" لكن إن وقعت فستكون كلفتها البشرية "مروّعة".

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن الجمعة أنّه سيُرسل عددًا صغيرًا من الجنود الأميركيّين إلى أوروبا الشرقيّة "قريبًا"، وسط تصاعد التوتّر مع موسكو في شأن أوكرانيا.

وسيُشكّل إرسال قوّات إلى دول أوروبا الشرقيّة وسيلة إضافيّة للضغط على بوتين.

من جهته يسعى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى تجنّب "إراقة الدماء" في أوكرانيا، وفق ما أكّدت متحدّثة باسم داونينغ ستريت مساء الجمعة، مشيرة إلى أنّه سيتّصل ببوتين لحضّه مرّة جديدة على "التراجع والانخراط دبلوماسيًا".

"لسنا في خضمّ حرب"

وقال زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي: "لسنا في حاجة إلى هذا الذعر"، مؤكّدًا أنّ "احتمال الهجوم موجود ولم يتبدّد، لكن لم يكن أقلّ خطورة في 2021 (..) لا نرى تصعيدًا يتجاوز ما كان موجودًا" العام الماضي.

وأسف الرئيس الأوكراني لأنّ متابعة وسائل الإعلام العالمية و"حتى قادة الدول المحترمين" تدفع إلى الاعتقاد "بأنّنا في خضمّ حرب" في كل البلاد، وأنّ "هناك جيوشًا تتقدّم على الطُرق. لكنّ الوضع ليس كذلك".

وأتى تصريح زيلينسكي بعيد إعلان الإليزيه أنّ الرئيسين الفرنسي والروسي اتفقا خلال مكالمة استغرقت أكثر من ساعة الجمعة على "ضرورة نزع فتيل التصعيد" ومواصلة "الحوار".

وقالت الرئاسة الفرنسية: إنّ "الرئيس بوتين لم يبدِ أي نية عدوانية"، موضحة أنّه "قال بوضوح إنه لا يسعى إلى المواجهة".

ومساء الجمعة، جدّد ماكرون في مكالمة مع زيلينسكي التعبير عن "تضامن فرنسا الكامل مع أوكرانيا"، مؤكّدًا "تمسّكه بالحفاظ على سيادة هذا البلد ووحدة أراضيه"، وفق الإليزيه.

من جهته، قال الكرملين: إنّ "بوتين شدّد على مسامع ماكرون على أنّ الغرب يتجاهل المطالب التي حددتها روسيا لخفض التوتر في الأزمة حول أوكرانيا".

ورفضت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي رسميًا الأربعاء مطالب تعتبرها روسيا حيوية لضمان أمنها، في مقدمها إنهاء سياسة التوسع التي ينتهجها الحلف الأطلسي "الناتو" وعودة الانتشار العسكري الغربي الى حدود 1997.

مخاوف روسيا

ونقل الكرملين عن بوتين قوله لماكرون: إنّ "أجوبة الولايات المتحدة والحلف الأطلسي لم تأخذ بالاعتبار مخاوف روسيا الجوهرية (..) لقد تم تجاهل المسألة الأساسيّة، وهي كيف تعتزم الولايات المتحدة وحلفاؤها.. تطبيق المبدأ القائل إنه يجب ألّا يعزز أي طرف أمنه على حساب دول أخرى".

وأشار الكرملين إلى أنّ روسيا "ستحدّد ردها المقبل" بعد أن تدرس بالتفصيل ردّ خصومها.

وإذا كانت واشنطن والحلف الأطلسي قد رفضا المطالب الروسية الرئيسية، فقد عرضا العمل على فرض قيود مشتركة على نشر الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى في أوروبا، على أن يشمل ذلك أيضًا المناورات العسكرية في مناطق مجاورة للمعسكر الخصم.

من جهة ثانية، أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في بيان مشترك الجمعة العمل على تأمين "كميات إضافية من الغاز الطبيعي" لأوروبا لمواجهة أي عواقب في حال هاجمت روسيا أوكرانيا.

من جهته، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف صباح الجمعة أن بلاده "لا تريد الحرب" وتفضل "طريق الدبلوماسية"، لكنها مستعدة للدفاع عن مصالحها.

وأضاف: "إذا تُرك الأمر لروسيا، لن تكون هناك حرب. نحن لا نريد الحرب. لكننا لن نسمح أيضًا بأن يُستخفّ بصلافة بمصالحنا، أو بتجاهلها".

وتوعّدت موسكو بردّ واسع إذا رفِضَت مطالبها، لكن من دون أن تُحدّد طبيعة الرد.

واقترح نواب روس أن تعترف موسكو باستقلال المناطق الانفصالية الموالية لها في شرق أوكرانيا وأن تُسلّحها.

"ليس حتميًا"

وفي واشنطن، أكّد وزير الدفاع ورئيس الأركان الأميركيان الجمعة أنّ اندلاع نزاع بين موسكو وكييف "ليس أمرًا حتميًا"، لكن إذا حصل فإنّ كلفته البشرية ستكون "مروّعة"، محذّرين من أنّ روسيا حشدت على حدود أوكرانيا ما يكفي من القوات لاجتياح جارتها.

وخلال مؤتمر صحافي مع وزير الدفاع لويد أوستن، قال رئيس الأركان الجنرال مارك ميلي إنّه "بالنظر إلى نوع القوات المنتشرة: قوات برية، مدفعية، صواريخ بالستية، سلاح الجو.. يمكنكم تخيّل ما قد يبدو عليه الوضع في مناطق حضرية مكتظة بالسكّان"، متوقّعًا سقوط "عدد كبير من الضحايا" في حال اجتاحت القوات الروسية أوكرانيا.

وينتشر أكثر من مئة ألف جندي روسي على الحدود الأوكرانية منذ نهاية 2021، الأمر الذي تعتبره واشنطن مؤشرًا إلى اجتياح وشيك.

من جهته، شدّد رئيس الأركان الذي نادرًا ما يعقد مؤتمرات صحافية على أنّ "الأمر سيكون مروّعًا، سيكون فظيعًا"، مؤكّدًا أنّ حصول "هذا الأمر ليس ضروريًا"، ومضيفًا: "نحن نعتقد أنّ الحلّ دبلوماسي".

بدوره اعتبر وزير الدفاع أنّه "لا يزال هناك وقت ومجال للدبلوماسية"، مشدّدًا على أنّه ليس هناك "أيّ مبرّر" ليفضي هذا الوضع بالضرورة الى نزاع عسكري.

وقال أوستن "يستطيع السيد بوتين أيضًا أن يفعل ما ينبغي القيام به". وأضاف "يمكنه اختيار وقف التصعيد. يمكنه أن يأمر قواته بالانسحاب".

من ناحيته، لفت ميلي إلى أنّ السهول الأوكرانية الخصبة التي جعلت من هذا البلد "سلّة خبز" الاتحاد السوفياتي السابق، تتجمّد بسهولة بسبب انخفاض عمق منسوب المياه الجوفية.

وحذّر الجنرال الأعلى رتبة في الجيش الأميركي من أنّ "هذه ظروف مثالية" لتقدّم المدرّعات، مشدّدًا على أنّ المراكز الحضرية الأوكرانية الرئيسية تصبح والحال هذه مهدّدة بشكل مباشر"، مؤكّدًا أنّه "إذا اندلعت حرب على النطاق الممكن حاليًا، فإنّ السكان المدنيّين سيعانون بشكل رهيب".

وأضاف: "نحن نشجّع روسيا بقوّة على الانسحاب. القوة المسلّحة يجب أن تكون دائمًا الملاذ الأخير".

وتوقّع وزير الدفاع أنّ الرئيس الروسي لم "يتخّذ بعد قرار استخدام هذه القوات ضدّ أوكرانيا"، محذّرًا من أنّ بوتين "لديه الآن إمكانية واضحة" لغزو أوكرانيا لأنّه حشد على حدود جارته ما يكفي من القوات لغزوها و"لديه خيارات عدة، بما في ذلك الاستيلاء على مدن كبيرة وأراض شاسعة".

"مروحة واسعة" من الخيارات

وفي بروكسل، اعتبر الأمين العام للأطلسي ينس ستولتنبرغ الجمعة أنّ لدى روسيا "مروحة واسعة" من الخيارات ضدّ أوكرانيا، مشدّدًا في الوقت نفسه على أنّ إمكان إجراء مفاوضات ومحادثات سلام لا يزال متاحًا.

وقال الأمين العام في مؤتمر نظّمه مركز "أتلانتيك كاونسيل" الأميركي للأبحاث: إنّ "(الحرب) الإلكترونية هي أحدها، المحاولات الانقلابية لإطاحة الحكومة في كييف، التخريب - لديهم عملاء استخبارات يعملون في أوكرانيا في هذا الوقت بالذات. لذلك علينا أن نكون مستعدّين لمروحة واسعة من الإجراءات العدوانية الروسية المختلفة ضدّ أوكرانيا".

وأضاف: "من جانب الحلف الأطلسي، نحن مستعدّون للانخراط في حوار سياسي، لكنّنا مستعدّون أيضاً للردّ إذا ما اختارت روسيا نزاعًا مسلّحًا ومواجهة. لذلك نحن مستعدّون لكلا الخيارين".

وتابع: "نحن نعمل بجدّ لإيجاد أفضل حلّ سياسي سلمي، لكنّنا استعددنا أيضًا للأسوأ".

من جهتها، أعلنت روسيا الجمعة أنّها منعت دخول كثير من المسؤولين الأوروبيين إلى أراضيها، مشيرة إلى أنّها اتّخذت هذه الخطوة ردّاً على انتهاج بروكسل سياسة فرض "قيود أحادية عبثية".

وسارع الاتحاد الأوروبي إلى إبداء "أسفه"، مؤكدًا أنّ "هذا القرار يفتقر إلى مبرّرات قانونية وإلى الشفافية وسيلقى ردًّا ملائمًا".

هل تستطيع واشنطن تعويض إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا؟

وحول توريد الغاز إلى لأوروبا، أوضح رئيس قسم الاقتصاد في صحيفة "العربي الجديد" مصطفى عبد السلام أن روسيا التي تزود أوروبا بنحو 40% من الغاز، 30% منها عبر أوكرانيا، تريد عبر استغلالها لزيادة الطلب على الغاز، خصوصًا في فصل الشتاء، الضغط على الحلفاء الأوروبيين للتخلي عن موقفهم الداعم لواشنطن.

وفي حديث إلى "العربي" من الدوحة، أشار عبد السلام إلى عدم قدرة الولايات المتحدة وأوروبا على تعويض الغاز الروسي في حال قررت موسكو وقف توريده إلى أوروبا، وعزا الأمر إلى أن روسيا تورد الحصة الكبرى التي تقدر بـ40%، مقابل 17% من النروج و5% من دولة قطر، أما النسب الأخرى فتأتي من جهات أخرى.

وكشف أن الولايات المتحدة تراهن على الغاز القطري المتاح لحل الأزمة وتخفيف من حدتها، وذلك بعد اتصال أجراه وزير الخارجية الأميركي مع نظيره القطري للبحث في مسألة الغاز، بالإضافة إلى أن الرئيس الأميركي سيستقبل أمير دولة قطر في واشنطن.

ورجح عبد السلام أنه في حال غزت روسيا أوكرانيا فسيؤدي ذلك إلى توقف مشروع "نورد ستريم" الذي كان سيمد أوروبا بكميات ضخمة من الغاز، وخسارة أوكرانيا حوالي 1.5 مليار دولار من صفقات مرور الغاز عبرها، بالإضافة لتوقف مرور 30% من الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا، مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة، بالإضافة للعتمة في أوروبا.

المصادر:
العربي - أ ف ب
شارك القصة