بدأت في تونس أخيرًا أولى خطوات صياغة مبادرة الإنقاذ، فأطراف المبادرة في أول اجتماعاتهم، يرون أن الوقت قد حان لإيقاف ما يصفونه بـ"العبث بمستقبل البلاد"، ففي رأيهم لا حلول لأزمات تونس بعيدًا عن الحوار والتشاركية في صياغة أسس جديدة لإنهاء الأزمة.
وستشكل ثلاث لجان لصياغة عناوين المبادرة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية قبل تقديمها للمنظمات الراعية، حيث سوف تصاغ مخرجاتها في شكلها النهائي.
وبدأ التنسيق بين المنظمات الأربع المشاركة فيما يعرف بـ"مبادرة الإنقاذ"، وبالتزامن مع ذلك، تواصل هيئة الانتخابات الاستعداد للدور الثاني من الاقتراع وسط غياب الحملات الانتخابية، وتراجع الاهتمام الشعبي.
ويقترع التونسيون الذين يحق لهم التصويت الأحد في الدور الثاني من الانتخابات التشريعية التي جرت في 17 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وتحت وطأة الأرقام الهزيلة للدور الأول، تستعد هيئة الانتخابات لإجراء الدور الثاني منها، إذ إن الخوف من المقاطعة كان هاجس الهيئة، حيث ترى عدة منظمات رقابية أنها اهتمت بتحسين نسبة الإقبال بغض النظر عن التوعية بالحدث بحد ذاته.
وفي الشارع لا يظهر ما يشير إلى موعد انتخابي قد تتشكل معه ملامح مسار الرئيس قيس سعيّد ومستقبل البلاد، وسط مواقف ترفض المشاركة وأخرى تريد إعطاء الفرصة لوجوه سياسية جديدة.
وقبل ساعات من فتح مكاتب الاقتراع ما تزال آراء الناخبين منقسمة بشأنه، في مشهد يراهن معارضو الرئيس أن حجم المقاطعة في الدور الأول سيتكرر معه لتكون رسالة الناخبين واضحة للداخل والخارج.
ملامح الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية
وفي هذا الإطار، أفاد مراسل "العربي" من العاصمة تونس، بأن الانطباع السائد الذي سجل قبل الدور الأول من الانتخابات التشريعية للبرلمان، يتشابه كثيرًا مع الدور الثاني، ما يعني غياب شبه كامل للحملات الانتخابية ومخاطبة ولقاء الناخبين خاصة في مدن تونس الكبرى وحتى بعض المناطق القريبة.
وأضاف أن منظمة "مراقبون" وهي من المنظمات التي ستشارك في مراقبة الانتخابات، أبدت ملاحظات بأن هيئة الانتخابات كانت قد اهتمت برفع نسبة المشاركة خلافًا للدور الأول، الأمر الذي اعتبر انتكاسة انتخابية حدثت بحصول 11,2% من نسبة الجسم الانتخابي الذين شاركوا في الدور الأول.
ولفت إلى أن ما يهم هيئة الانتخابات هو تحسين هذه النسبة، وهذا الأمر جاء بعد الخطاب الذي تبنته الهيئة خلال الفترة الأخيرة، وباعتمادها على حساب الأصوات فقط على التسجيل الإرادي، على عكس ما اعتمد في الدور الأول باعتماد تسجيل الجسم الانتخابي ككل، باعتبار أن هنالك حوالي مليوني ناخب تم تسجيلهم بشكل مباشر من قبل الهيئة.
ويشير مراسلنا إلى أنه لا شيء يشي بأن هناك دورًا ثانيًا للانتخابات في تونس أو حتى أن هنالك استعدادات، خلافًا للانتخابات السابقة التي حصلت منذ 2011.
مبادرة اتحاد الشغل
وبشأن ملامح مبادرة اتحاد الشغل، قال إنه من المبكر الحديث عن ملامحها، لكنه أشار إلى تصريحات للأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي التي أدلى بها في أولى الجلسات التنسيقية ما بين المنظمات الراعية والمنظمة للمبادرة، إذ قال بأنه دعا أولًا إلى الحوار وإلى ضرورة بناء تصور مشترك لإنهاء الأزمة دون إقصاء لأي طرف آخر.
انطلاق أولى جلسات مبادرة الإنقاذ الوطني في #تونس#العربي_اليوم تقرير: علي القاسمي pic.twitter.com/Kw8xwbxCPx
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) January 28, 2023
وقال الطبوبي بأنه ستتشكل ثلاث لجان أساسية ستعمل على صياغة المخرجات النهائية لهذه المبادرة، وهي لجنة قانونية سياسية واقتصادية واجتماعية، وسيتم بعد ذلك تقديم مخرجاتها إلى الأطراف المشاركة في المبادرة، على أن تقدم إلى الرأي العام والرئيس قيس سعيّد، حسب ما نقل مراسل "العربي".
وتابع مراسلنا أن عمادة المحامين والرابطة التونسية لحقوق الإنسان وحتى مرصد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية قالوا إن هذه المبادرة ربما تنفتح على الأحزاب السياسية، ولكنهم أكدوا بأن الباب مفتوح أمام كل منظمات المجتمع المدني.
وتعاني تونس أزمة اقتصادية ومالية تفاقمت حدتها جراء تداعيات جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا، إضافة إلى عدم استقرار سياسي تعيشه البلاد منذ بدء الرئيس قيس سعّيد فرض إجراءات استثنائية في 25 يوليو/ تموز 2021.
وتعتبر قوى تونسية إجراءات سعيد الاستثنائية "تكريسًا لحكم فردي مطلق"، بينما ترى فيها قوى أخرى "تصحيحًا لمسار ثورة 2011" التي أطاحت بالرئيس حينها زين العابدين بن علي (1987 ـ 2011).
أما سعيّد الذي بدأ في 2019 فترة رئاسية تستمر 5 سنوات، فقال إن إجراءاته "ضرورية وقانونية" لإنقاذ الدولة التونسية من "انهيار شامل".