أكد المفوض الأوروبي لشؤون الاقتصاد باولو جنتيلوني اليوم السبت، أن الاتحاد الأوروبي "على استعداد جيد" في حال توقفت إمدادات الغاز الروسي بشكل كامل، بفضل التخزين وإجراءات اقتصاد الطاقة.
وقال للصحافيين على هامش المنتدى الاقتصادي الذي نظمه "البيت الأوروبي- أمبروسيتي" في تشرنوبيو على بحيرة كومو: "نحن على استعداد جيّد لمقاومة استخدام روسيا المفرط لسلاح الغاز".
وأضاف: "لسنا خائفين من قرارات (الرئيس الروسي فلاديمير بوتين)، نطالب الروس باحترام العقود، ولكن إذا لم يفعلوا ذلك، نحن مستعدّون للرد".
وأمس الجمعة، أعلنت شركة غازبروم الروسية العملاقة، أنّ خط أنابيب الغاز "نورد ستريم" الذي يربط روسيا بشمال ألمانيا -الذي كان من المقرّر أن يستأنف الخدمة السبت بعد انقطاع استمرّ ثلاثة أيام لعمليات الصيانة- سيتوقّف "تمامًا" حتى يتم إصلاح التوربين، من دون تحديد موعد نهائي.
وتأتي هذه الخطوة بعدما اتفق وزراء مالية مجموعة دول السبع على تحديد سقف لأسعار النفط الروسي في اجتماع عبر الإنترنت، بهدف تقليص إيرادات موسكو من النفط التي عللتها الدول الغربية بتمويل روسيا الحرب على أوكرانيا.
كما حذر الكرملين من أن فرض الدول الغربية سقفًا لسعر بيع النفط الروسي، سيزعزع استقرار سوق النفط العالمي.
مجموعة السبع تتفق على تحديد سقف لسعر شراء النفط الروسي وغازبروم تعلق نقل الغاز لأوروبا عبر خط نورد ستريم 1 #روسيا تقرير: حكيمة هرميش#العربي_على_أرض_عربية pic.twitter.com/wi4jTq5wv3
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) September 3, 2022
واعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين أن الوقت حان لتحديد سقف لسعر الغاز المستورد عبر خط الأنابيب من روسيا، ممّا يدعم تطبيق إجراء دعا إليه رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي.
وأشار جنتيلوني إلى أنّ "تخزين الغاز (في الاتحاد الأوروبي) بلغ حاليًا حوالي 80%، بفضل تنويع مصادر الإمدادات"، حتى وإن اختلف الوضع بين دولة وأخرى.
وأوضح أن الهدف "متابعة إستراتيجية أوروبا الموحدة التي تعمل ضد غزو أوكرانيا عبر استخدام السلاح الاقتصادي"، قائلًا: "نحن لا نشارك في الحرب، لا نشارك في التصعيد العسكري"، ولكننا "ندعم أوكرانيا" و"علينا فعل ذلك الآن بفاعلية أكبر".
"مشتريات مشتركة"
من جانبه، أيد وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير مبدأ تحديد سقف لسعر الغاز، مشيدًا بتصريح فون دير لايين في هذا الصدد.
لكنه أكد على هامش منتدى اقتصادي، أنه "كي يكون تحديد سقف لسعر الغاز فعّالًا، يجب أن تكون هناك مشتريات مشتركة".
واعتبر الوزير أيضًا أن مشروعًا مكلفًا بالنسبة لفرنسا هو "الفصل بين أسعار الغاز وهو طاقة أحفورية، وأسعار الكهرباء وهي طاقة خالية من الكربون"، ويجب ألا "ينتظر إصلاح سوق الطاقة، لأن ذلك سيستغرق أشهرًا".
وأشار إلى أن باريس تتمنى أن يحصل "الفصل في الأسابيع أو الأشهر المقبلة... يجب التحرك الآن، يجب الفصل نهائيًا الآن بين أسعار الغاز وأسعار الكهرباء".
ولدى سؤاله عن احتمال القطع الكامل للغاز الروسي، أكد لومير أن "فرنسا مستعدة جيّدًا" معتبرًا أن "الغاز يُستخدم كسلاح" من جانب روسيا، و"قد توقعنا ذلك، لن يشكل مفاجأة"، موضحًا أن نسبة "تخزين الغاز تتجاوز اليوم 90% (في فرنسا). سنحافظ على هدفنا ملء المخزونات بنسبة 100% وقد سرّعنا (عملية) تنويع الإمدادات".
وضع غير مستقر في ألمانيا
في المقابل، كشفت الشركة المنظمة لشبكة الغاز في ألمانيا، أن وضع إمدادات الغاز في البلاد آمن حاليًا لكنه "غير مستقر"، ولا يمكن استبعاد حدوث مزيد من التدهور، وذلك وقف تمديد شحنات الغاز عبر خط أنابيب "نورد ستريم 1".
وبعدما بررت موسكو سبب توقف الشحنات بوجود تسرب للنفط في محرك أثناء الصيانة، قالت الشركة المنظمة الألمانية في تقريرها اليومي عن وضع الغاز: "العيوب التي يزعم الجانب الروسي وجودها ليست سببًا فنيًا لوقف التدفقات".
صورة قاتمة مقبلة
وفي هذا الإطار، يشير نهاد إسماعيل الباحث الاقتصادي المتخصص في مجال الطاقة والغاز إلى أن أوروبا تواجه شتاء قاسيًا في ظل أزمة الطاقة، معتبرًا أن عام 2023 سيكون "بائسًا" في القارة بسبب الأزمة الاقتصادية الناتجة عن أزمة الطاقة.
ويلفت في حديث إلى "العربي" من لندن إلى أن المواطن الأوروبي يتوقع أن تتضاعف فاتورة الكهرباء، ما سيؤدي إلى مزيد من التضخم والبطالة، إضافة إلى انكماش وتراجع اقتصادي في ألمانيا ومعظم الدول الأوروبية وربما ركود اقتصادي حاد.
ويشدد على أن المواطن الأوروبي سيدفع ثمنًا باهظًا للأزمة في ظل صورة قاتمة مقبلة.