اعتبرت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية إيلفا يوهانسون أن تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيد بشأن المهاجرين الأفارقة، "مقلقة"، مؤكدة أن الاتحاد الأوروبي سيواصل التعاون مع هذا "البلد الرئيسي" لمنع الهجرة غير النظامية إلى أوروبا.
ولدى وصولها اليوم الخميس إلى اجتماع لوزراء الداخلية الأوروبيين في بروكسل، قالت المفوضة السويدية: "نعم من الضروري التعاون مع تونس حتى لو كانت تصريحات الرئيس مقلقة جدًا".
"تونس بلد أساسي للتعاون"
وأضافت يوهانسون أن "تونس بلد أساسي للتعاون عندما يتعلق الأمر بمنع تهريب المهاجرين وبإعادة المواطنين التونسيين الذين يأتون إلى هنا وليسوا مؤهلين للحصول على الحماية الدولية، وكذلك للاستثمار في مسارات قانونية" للهجرة.
وشدّد الرئيس التونسي في خطاب في 21 فبراير/ شباط الماضي، على ضرورة اتّخاذ "إجراءات عاجلة" لوقف تدفّق المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء، مؤكّدًا أنّ هذه الظاهرة تؤدّي إلى "عنف وجرائم" وجزء من "ترتيب إجرامي لتغيير التركيبة الديمغرافية" للبلاد.
وبعد هذا الخطاب الذي أدانته منظمات غير حكومية ووصف بأنه "عنصري وبغيض"، تحدث مواطنون من إفريقيا جنوب الصحراء عن تصاعد في الهجمات ضدهم وتوجه عشرات منهم إلى سفاراتهم لإعادتهم إلى أوطانهم.
السلطات التونسية تتخذ جملة من الإجراءات بشأن أزمة المهاجرين الأفارقة#العربي_اليوم #تونس pic.twitter.com/dsFB1WreQN
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) March 6, 2023
وفي مسعى منه للتهدئة، أكّد سعيد لدى استقباله مساء الأربعاء بقصر قرطاج رئيس غينيا بيساو عمر سيسوكو إمبالو أنّ أفارقة جنوب الصحراء هم "إخوتنا"، وفق مقطع فيديو نشرته الرئاسة التونسية.
وفي كلمة ألقاها بالفرنسية أمام ضيفه، لفت سعيد إلى أنّه دعا فحسب إلى احترام قانون بلاده وسيادتها، مشدّدًا على أنّ "ما من بلد يقبل بوجود تشريعات موازية لتشريعاته".
ويعتبر الاتحاد الأوروبي تونس "شريكًا رئيسيًا"، مع مصر لمنع "المغادرة غير النظامية" للمهاجرين وعمليات الإنقاذ في البحر، كما أشارت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين في رسالة وجهتها في السادس من مارس/ آذار الماضي إلى رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني.
وكان سعيد قد دعا إلى التصدي للهجرة "غير النظامية"، متحدثًا عن وجود "ترتيب إجرامي" يهدف إلى "تغيير التركيبة الديمغرافية" في تونس، وهو ما أثار غضبًا دوليًا واسعًا.
كما اتهم بعض المهاجرين بارتكاب جرائم في البلاد، وقد أدى ذلك إلى موجة من عمليات الطرد من العمل والمساكن والاعتداءات اللفظية والجسدية.
مصرع 14 مهاجرًا غير نظامي
في غضون ذلك، أعلن خفر السواحل التونسي اليوم الخميس مصرع 14 مهاجرًا غير نظامي من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، إثر غرق مركب كان يتجه نحو إيطاليا.
وأوضح المتحدث باسم الحرس الوطني (الدرك) حسام الدين الجبابلي في بيان أن وحدات الحرس البحري تمكنت في أثناء تمشيط السواحل من اعتراض مجموعة تعرّض مركبها للغرق وأنقذت 54 مجتازًا (غير نظامي) من جنسيات إفريقيا جنوب الصحراء، وانتشلت 14 جثة.
وقال في بيان ثانٍ إنه ليل الأربعاء الخميس أيضًا "تمكنت وحدات تابعة لإقليم الحرس البحري بالوسط (المناطق البحرية بصفاقس، قرقنة والمهدية) وإقليم الحرس البحري بالساحل (منطقة المنستير)، من إحباط 14 عملية اجتياز (هجرة غير نظامية)".
كما تمكنت الوحدات بحسب البيان من "نجدة وإنقاذ 435 مجتازًا، بينهم 9 تونسيين و426 من جنسيات جنوب الصحراء.
وكان رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس أعلن إيقاف العمل مع تونس بعد تصريحات سعيد بشأن مهاجري إفريقيا جنوب الصحراء.
ويؤكد الناطق باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، أن الحكومة التونسية ورئاسة الجمهورية تحاول منذ أيام تصحيح "الخطأ الكبير" الذي ارتكبته الشهر الماضي، لكنها ما زالت في حالة "إنكار حقيقي" للأزمة وترفض الاعتراف بما اقترفته.
واعتبر بن عمر في حديث سابق إلى "العربي" من تونس، أن الرئاسة ما زالت تتحدث عن مؤامرة، مشيرًا إلى أن الإجراءات التي أعلنت عنها يضمنها القانون وليس فيها أي جهد جديد.