منذ بدء التصعيد على حدود لبنان الجنوبية بالتوازي مع عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، يلحظ سكان في بيروت، اضطرابًا في عمل الخرائط الإلكترونية على غرار غوغل المستخدم على نطاق واسع.
ففي أحيان عدة، عند فتح خريطة غوغل يظهر الشخص على أنه في مطار بيروت حتى لو لم يكن هناك.
ووفق وكالة الأنباء الفرنسية، يتعدى التشويش بيروت إلى جزيرة قبرص المجاورة حيث وجدت صحافية تابعة للوكالة نفسها على الخريطة في مطار بيروت، بينما كانت في مدينة لارنكا الساحلية.
تشويش متكرر
وأحيانًا، تسافر الخريطة بالمستخدم أبعد من ذلك بكثير كما حصل مع سائق الأجرة حسين خليل الذي يقود سيارته في بيروت، والذي عرض صورًا التقطها لشاشة هاتفه تظهره مرةً في رفح، ومرةً أخرى في مدينة بعلبك فيما هو على بعد أكثر من 60 كيلومتر، في بيروت.
ويقول السائق بتهكّم: "اتصلت بي الزبونة وسألتني: أنت في بعلبك؟! قلت لها لا، أحتاج إلى دقيقتين لأصل الى موقعك".
ويعود الاضطراب في تحديد المواقع عبر تطبيقات النقل على غرار "أوبر"، إلى تشويش إشارات نظام تحديد المواقع العالمي المعروف اختصارًا بـ"جي بي إس".
ويتهم لبنان إسرائيل بالتسبّب به عمدًا، ويشرح فريدي خويري المحلل الأمني لمنطقة الشرق الأوسط في شبكة "راين" لوكالة الأنباء الفرنسية أنّ "إسرائيل تستخدم التشويش على نظام تحديد المواقع العالمي لتعطيل اتصالات حزب الله أو إرباكها" بالدرجة الأولى.
وتلجأ إسرائيل كذلك وفق خويري، إلى "تقنية تزوير نظام تحديد المواقع العالمي، وهو تكتيك آخر يُستخدم لإرسال إشارات GPS زائفة، بهدف تعطيل وتشويش قدرات الطائرات بدون طيّار والصواريخ الموجهة بدقة على العمل أو ضرب أهدافها"، والتي يمتلك حزب الله "ترسانة كبيرة" منها.
وحتى 28 يونيو/ حزيران الماضي، يظهر مستوى التشويش في موقع "جي بي إس جام" المتخصص بجمع بيانات عن انقطاع إشارات تحديد المواقع الجغرافية، عاليًا فوق لبنان ومناطق من سوريا والأردن والأراضي الفلسطينية المحتلة.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن في بداية الحرب على غزة والتصعيد في جنوب لبنان، أن تل أبيب عطّلت نظام "جي بي إس" بشكل استباقي، وعزا ذلك إلى ما سمّاه "متطلبات تشغيلية مختلفة".
وأبلغ السكان بأن هذا الإجراء قد يعطل التطبيقات التي تستخدم نظام تحديد المواقع الجغرافية، بعدما ازدادت عمليات التشويش في اليوم التالي للسابع من أكتوبر/ تشرين الأول، حول غزة لكن أيضًا على طول الحدود مع لبنان.
التشويش على الملاحة الجوية
لبنان الذي يقلق من تأثير التشويش على الملاحة الجوية، رفع شكوى إلى مجلس الأمن الدولي في 22 مارس/ آذار، ندّد فيها بـ"اعتداءات إسرائيل على السيادة اللبنانية عبر التشويش على أنظمة الملاحة وسلامة الطيران المدني في أجواء مطار رفيق الحريري الدولي.. منذ بدء الحرب على غزة".
وأوعزت المديرية العامة للطيران المدني بدورها في تعميم إلى الطيارين "الذين يسيّرون طائرات من وإلى مطار بيروت منذ مارس.. بضرورة الاعتماد على التجهيزات الملاحية الأرضية وعدم الاعتماد على الإشارة التي يلتقطونها عبر جي بي إس نتيجة التشويش القائم في المنطقة"، وحفاظًا على السلامة وفق ما يوضح المدير العام للطيران المدني فادي الحسن.
وجراء ذلك، بات الطيارون يعتمدون على أجهزة الملاحة الأرضية، عوضًا عن استخدام نظام GPS كأساس وأجهزة الملاحة الأرضية كإجراء احتياطي.
ويقول الحسن: "لا يعقل أننا في زمن التكنولوجيا، ولا يستطيع طيار يريد الهبوط في مطارنا أن يستفيد من ميزة جي بي إس بسبب التشويش من العدو الإسرائيلي".
ويضيف: "هذا الأمر غير سليم ولا ينبغي أن يستمر. يجب أن يكون أمام الطيار وسيلتان يستخدمهما عند الهبوط في أي مطار".
مع ذلك، يؤكد حرص إدارته على "صيانة التجهيزات الملاحية الأرضية في كلّ الأوقات لكي تعطي الاشارات المطلوبة للطيارين للهبوط بشكل آمن بالمطار".