تكاد عبارة "تنذكر وما تنعاد" ترادف عبارة الحرب الأهلية اللبنانية، التي اندلعت شرارتها في سبعينيات القرن الماضي.
فكلما حلّ الثالث عشر من نيسان، ذكرى اندلاع هذه الحرب، تكررت العبارة في بلد قلما عرف الاستقرار ويعيش سكانه تحت وطأة أكبر أزمة مالية في تاريخه.
كثيرة هي المآسي التي تعكسها الصور التي يعاد نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي تذكيرًا بالحرب، وتتناول مسبباتها والخسائر التي نجمت عنها.
لا تخفى أجواء الاحتقان في بلد تكرست الطائفية في نصوصه وأعرافه منذ التأسيس، تقابلها محاولات للتنبيه والتحذير؛ اختصارًا بـ"تنذكر وما تنعاد" ووجوب تعلم الدروس وأخذ العبر حول التآلف والوحدة الوطنية والعيش المشترك، وفق ما كتب محمد ومن قبله سارة.
لكن حسين في تغريدته بدا أقل تفاؤلًا بالإشارة إلى أن "من الواضح في ذكرى الحرب الأهلية، ومن جيل إلى جيل، أن شيئًا لم يتغير والأسلحة والمتاريس موجودة في قلوب الناس، حتى وإن تم التوصل إلى هدنة نفسية مرحلية"، على حد تعبيره.
بدورها ريان، أشارت إلى أنه بمضي 48 سنة على الحرب الأهلية اللبنانية ما يزال السياسيون نفسهم قادرين على التحكم بعقول الشعب، وفق ما كتبت.
شرارة الحرب الأهلية اللبنانية
اندلعت شرارة الحرب الأهلية اللبنانية في 13 نيسان 1975، إثر حادثة عين الرمانة أو مجزرة البوسطة التي راح ضحيتها 27 فلسطينيًا مدنيًا.
حينها اتُهمت أطراف لبنانية بارتكابها لتتوسع دائرة الأحداث في ما بعد وتستمر الحرب اللبنانية بتشعباتها الإقليمية والدولية 15 عامًا، دفع ثمنها لبنان آلاف القتلى والجرحى والمختفين قسرًا واللاجئين.
فقد قُدرت الخسائر البشرية بـ150 ألف قتيل، و17 ألف مفقود ومختطف، وعدد لا يحصى من الجرحى. كما تركت الحرب لبنان مقطعًا ومشرذم الأوصال من دون أدنى مقومات الأمن الاجتماعي والحياة الكريمة.
اندلعت عام 1975 وقُدر عدد ضحاياها بـ 150 ألف قتيل و300 ألف جريح وآلاف المفقودين.. صور من الحرب الأهلية اللبنانية في ذكراها الـ 48👇#لبنان pic.twitter.com/iRIwLkntiO
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) April 13, 2023
في خلال الحرب انقسمت العاصمة اللبنانية بيروت إلى شطرين بين شرقية وغربية، واجتاحت إسرائيل لبنان في عام 1982، ما أدى لانسحاب منظمة التحرير الفلسطينية بعد حصار استمر لـ3 أشهر للعاصمة.
بعد 15 عامًا من الاقتتال، أنهى اتفاق الطائف أو "وثيقة الوفاق الوطني" الحرب الأهلية اللبنانية معيدًا هيكلة المؤسسات الرئاسية ومكرسًا العرف السائد بشأن المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في الحكم، في دولة كانت تعد مواطنيها وما تزال بإلغاء الطائفية السياسية يومًا.
وكان لبنان شهد "بروفا" حرب أهلية في خمسينيات القرن الماضي، عندما وقعت مواجهة مسلحة بين مسلمين يناصرون جمال عبد الناصر والرئيس الماروني كميل شمعون ومعه الجيش، بعدما رفض شمعون الدخول في وحدة مع مصر وسوريا وكان مدعومًا من أميركا.
وانتهت البروفا حينها بنزول 14 ألف جندي أميركي إلى بر لبنان وقمع المعارضين لشمعون، وعقد تسوية انتهت باستقالة الأخير ومجيء فؤاد شهاب رئيسًا بدلًا منه.
وما يزال الشارع اللبناني ينزلق بين الحين والآخر، إلى مواجهات جراء الانقسامات السياسية المستمرة، فيحضر فيها السلاح ويسقط قتلى وجرحى.