قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول المنصرم، لم يكن أشد المتشائمين في تل أبيب قادرًا على توقع تعرض الاقتصاد الإسرائيلي لخسارة مباشرة تربو على 18 مليار دولار مع مرور اليوم الـ 73 من عمر العدوان على غزة.
فكل يوم يمر من عمر هذه الحرب يكبّد تل أبيب 250 مليون دولار من الخسائر الناجمة عن الفاتورة الباهظة لاستدعاء قوات الاحتياط، وعن امتلاء الفنادق بالهاربين من غلاف غزة والحدود الشمالية، هذا فضلًا عن تعرض قطاعات السياحة والصناعة والتكنولوجيا في إسرائيل، إلى شلل شبه تام.
هذه الخسائر، وضعت سلطات الاحتلال مخصصات لاحتوائها، لكن الأمر الذي لم تعدّ له إسرائيل العدّة هو تعرض سفن تقصد الموانئ الإسرائيلية إلى نيران جماعة الحوثي اليمنية أثناء عبورها باب المندب.
فالملاحة عبر باب المندب تضررت بشكل كبير، لا سيما وأن البضائع المصدرة أو المستوردة لإسرائيل يتحتم عليها المرور عبر هذا المضيق.
أضرار في تجارة إسرائيل
أما البديل فهو رأس الرجاء الصالح الذي يتطلب وقتًا وتكلفة باهظة، وهو ما يلحق بالتالي أضرارًا في تجارة إسرائيل مع عشرات الدول، فبعدما صدرت العام الماضي منتجات قيمتها 165 مليار دولار، لا تظهر قائمة أبرز شركاء تل أبيب التجاريين كلًا من مصر والأردن رغم مرور سنوات على إبرام اتفاقيتي كامب ديفيد ووادي عربة.
لكنها تكشف أسماء بلدان أخرى، يتحتم على إسرائيل استعمال مضيق باب المندب إن هي أرادت استمرار التجارة معها.
فالمضيق الذي قررت 4 شركات شحنٍ عالمية تعليق نشاطها الملاحي عبره، هو ذاته الذي تستعمله تل أبيب للتجارة مع الصين والهند اللتان تحلّان بالمركزين الثاني والثالث على التوالي بين أبرز شركائها بعد الولايات المتحدة وقبل المملكة المتحدة.
وتمثّل الشركات العملاقة التي جمدت نشاطها الملاحي عبر باب المندب 50% من نشاط نقل الحاويات، وهذه الشركات هي: "إمس إس سي" الأوروبية، و"ميرسك لاين" الدنماركية"، و"سي إم إيه سي جي إم" الفرنسية، بالإضافة إلى "هاباغ لويد" الألمانية.
وتعلّق إسرائيل آمالها على الدعم الأميركي غير المحدود، فواشنطن التي قدمت تسهيلات تجارية لكل من يطبّع مع تل أبيب هي ذاتها التي تنبري اليوم لتشكيل تحالف دولي في البحر الأحمر من أجل حمايه مصالحها الإستراتيجية، وحماية التجارة الإسرائيلية وكسر طوق الحصار المفروض عليها.