يقال إن العين هي نافذة الروح وأول مفتاح لشخصية الإنسان، ويعرف أيضًا أن عيوننا تعكس مشاعرنا وتكشف عما يدور في خلد كل واحد منا.
ولا شك أن للون العيون تحديدًا تأثيره الكبير على جمال وجاذبية الوجه، حيث تغنّى أبرز شعراء العالم بتنوع ألوان العيون وتعددها.
فمنهم من تغزل بالعيون البنية الترابية التي تشع بالدفء، ومنهم من كتب عن العيون الزرقاء الشبيهة بأعماق البحار، أو العيون العسلية التي تشع بالغموض والسحر.
ولكن بعيدًا عن النظرة الشعرية، تعكف الدراسات الحديثة على فهم كيفية تكوّن لون العيون والعوامل التي تتداخل لتحديد هذه الألوان المتنوعة، فضلًا عن تأثير الجينات والوراثة في تحديدها واختلافها لدى كل فرد.
كيف يتكون لون العين؟
يتحدد لون العين بشكل أساسي من خلال كمية وتوزيع الصبغة البنية المسماة الميلانين في قزحية العين. والقزحية عبارة عن غشاء على شكل حلقة خلف القرنية، وهي مسؤولة عن توسع وتقلص حدقة العين، ما يسمح بدخول كمية الضوء المناسبة إلى العينين.
وتتكون القزحية أو البؤبؤ، من شبكة معقدة من العضلات والأنسجة، وتتكون صبغة بؤبؤ العين من الميلانين بحيث تحتوي العيون ذات اللون البني الداكن على الكثير من هذه المادة، أما العيون ذات اللون البني الفاتح فتحتوي على نسبة أقل، أما العيون الزرقاء الفاتحة فتحتوي على القليل جدًا من الميلانين.
ويشير ذلك في الغالب، إلى أن نقص الميلانين في الطبقة الأمامية أو الخلفية من القزحية يحدد لون العين، إلى جانب كمية وطريقة توزع الميلانين داخل الطبقات والطريقة التي ينتشر بها الضوء عبر الطبقات.
ويقول يوسيووما أبوغو من الأكاديمية الأميركية لطب العيون لموقع "هاو ستاف ووركس": "يرتبط لون قزحية العين الداكن بقدرة تشتت الضوء في العين.. فقد تكون هذه السمة وقائية للبشر أصحاب العيون الداكنة والذين يعيشون في ظل ظروف مناخية تتضمن أشعة شمس ساطعة وأشعة فوق البنفسجية عالية".
ما علاقة الجينات بلون العين؟
إذًا لون العين أمر فريد ومعقد في آن، تلعب في تحديده الجينات دورًا أساسيًا، فقد اكتشف بحث علمي أن ما يصل إلى 16 جينًا مسؤول عن تحديد لون العين، لكن اثنتين في الكروموسوم 15 تؤثران عليه أكثر من غيرها.
في هذا الصدد يقول أبوغو: "اعتاد الناس على الاعتقاد بأن لون العين يمكن تحديده بسهولة بناءً على عيون الوالدين، لكن جينات لون العين هي في الواقع أكثر تعقيدًا بكثير".
ويردف: "أظهرت الأبحاث أن لون عينك قد يكون مرتبطًا وراثيًا بلون بشرتك وشعرك في بعض الحالات. بشكل أساسي، يتم تحديد لون عينك من خلال مزيج معقد من الجينات، وبعضها لا يزال قيد الدراسة".
ما هو لون العينين الأكثر شيوعًا؟
بحسب تقرير لموقع "هاو ستاف ووركس"، يعد اللون البني الأكثر شيوعًا للعينين في العالم بحيث يتمتع ما بين 70 إلى 80% من سكان العالم بعيون بنية ذات ظلال مختلفة.
ويتدرج هذا اللون من البني الغامق إلى البني الفاتح.
كما يُعتقد أن جميع البشر القدامى الذين عاشوا قبل 10 آلاف عام أو أكثر كانت عيونهم بنية، ومن المحتمل أن تكون طفرة جينية تسببت في أن ينتج جسم أول إنسان ولد بعينين فاتحتين كمية أقل من الميلانين، وانتقلت هذه الطفرة إلى نسله.
ما هي أندر ألوان العيون في العالم؟
في المقابل، بينما يتمتع أغلبية سكان الأرض بألوان عيون تقليدية مثل البني، والأزرق، توجد بعض الألوان النادرة التي تعتبر استثناءات، ويتأثر تكوينها بعوامل وراثية وتنوع جيني معقد، يجعلها استثنائية وفريدة.
ومن أبرز ألوان العيون النادرة:
1- العيون المغايرة:
أندر لون للعين في العالم ليس لونًا واحدًا فقط، إنما لونان، إذ يعيش بعض الأشخاص بحالة تسمى تغاير لون القزحيتين أو heterochromia iris، وهي عندما يكون لديهم قزحية بلون مختلف في كل عين.
ووفق "مايو كلينك"، لدى أقل من 1% من سكان العالم تباين في ألوان القزحيتين، وبهذه الحالة ثلاثة أنواع مختلفة وفقًا لما يلي:
- تغاير اللون الكامل حيث يكون لون العينين مختلفًا تمامًا. - تغاير اللون الجزئي حيث يختلف لون جزء من القزحية فقط عن البقية. - تغاير اللون المركزي وهو الجزء من العين الأقرب إلى المركز ويكون مختلفًا عن بقية القزحية.
2- العيون البنفسجية أو الحمراء
العيون البنفسجية ليست شائعة كثيرة، وغالبًا ما تشير إلى حالة تعرف باسم المهق، وهي حالة وراثية يولد فيها الشخص بنسبة قليلة جدًا من الميلانين أو بدونها في كامل الجسم.
ويؤثر المهق على مظهر ولون الجلد والشعر والعينين، كما يؤدي نقص هذه المادة إلى جعل عيون الشخص المصاب بالمهق شديدة الحساسية للضوء، مما قد يؤدي إلى ضعف البصر، من بين أمراض أخرى في العين.
ويمكن أن تظهر عيون المصابين بالمهق باللون الأزرق الفاتح أو الأرجواني أو حتى الأحمر في بعض الأضواء نتيجة انعكاس الضوء على الأوعية الدموية في العين، وعند وجود القليل جدًا من الميلانين، تختلط هذه الانعكاسات الحمراء مع الصبغة فتتكون عيون بنفسجية.
3- العيون الخضراء
وتعتبر العيون الخضراء من أندر ألوان العيون لدى الإنسان، حيث إن 2% فقط من سكان العالم تتميز عيونهم بهذا اللون.
والعيون الخضراء أكثر شيوعًا في أجزاء من أوروبا، وعادة ما تظهر لدى النساء أكثر من الرجال.
وبالنسبة للأشخاص ذوي العيون الخضراء، تحتوي الطبقة الأمامية والخلفية للقزحية على تركيز منخفض من الميلانين، وتختلط هذه الصبغة بالضوء ما يؤدي إلى انعكاس مماثل لما يجعل السماء تبدو زرقاء، فيختلط هذا الضوء الأزرق مع الميلانين وتنتج عنه عيون خضراء.
4- العيون الرمادية
على مر الزمن، غالبًا ما كان يتم الجمع بين العيون المائلة إلى الرمادية والزرقاء، لكن اكتشف الباحثون مؤخرًا أن هناك بعض الاختلافات الواضحة.
فحوالي 3% فقط من سكان العالم لديهم عيون رمادية، ومثل معظم العيون ذات الألوان الفاتحة، فإن التلوين هو نتاج القليل جدًا من الميلانين في القزحية.
وعلى عكس الحالة في العيون الخضراء، فإن الطبقة الأمامية للقزحية، لا تحتوي على صبغة على الإطلاق.
ومع ذلك، تحتوي العيون الرمادية على كمية من الكولاجين في الطبقة الأمامية للقزحية، مما يؤثر على طريقة تشتيت الضوء داخل القزحية.
5- العيون العسلية
على الرغم من عدم وجود الكثير من البيانات العلمية حول العيون العسلية، إلا أنه يُعتقد بأن حوالي 5% من سكان العالم لديهم عيون عسلية.
وتحتوي العيون العسلية على كمية معتدلة من الميلانين المنتشرة في جميع أنحاء القزحية.
وبالاقتران مع تشتت الضوء الذي يغير مظهر اللون اعتمادًا على ظروف الإضاءة، يظهر الميلانين في عيون البندق عمومًا لونًا بنيًا مخضرًا.
6- العيون الزرقاء
العيون الزرقاء شائعة نسبيًا، بحيث يتمتع بها ما بين 8 إلى 10% من الناس.
وعند انعدام اللون الناتج عن الميلانين في الطبقة الأمامية للقزحية، تعمل الألياف داخل العين على نشر وامتصاص شعاع الموجة الضوئية الأكثر طولاً الذي يدخل إلى العين.