وظّف الطبيب التونسي محمد سيالة، مهارته بالعزف على أوتار آلة الكمان، في إدخال البهجة إلى نفوس المصابين بفيروس كورونا. في محاولة منه للمساهمة في تخفيف آلامهم.
يجول الطبيب ذو الـ25 عامًا في أروقة مستشفى الهادي شاكر بمحافظة صفاقس جنوبي تونس، ويعزف مقطوعات موسيقية للترفيه عن المرضى هناك.
ويقول سيالة الذي يعمل طبيبًا في المستشفى: إن فكرة العزف للمرضى كانت تراوده منذ دخول كلية الطب، ويضيف: "كنت أحلم بتوظيف ما تتقنه أناملي من معزوفات في معالجة المرضى".
ويتحدث الطبيب عن التأثر الذي يظهر على وجوه المرضى الذين أرهقهم "الفيروس اللعين" بينما يعزف لهم بعض المقاطع الغنائية، كمعزوفة "ست الحبايب" و"إنت فين والحب فين".
ويشير إلى أن بعض المرضى يقوم بالتصفيق أثناء العزف والبعض الآخر يغني، والآخر يتمايل ويبكي متناسيًا ألمه.
ويعبّر الطبيب عن انبهاره بالانتشار الواسع لفيديوهات عزفه التي شاركها رواد مواقع التّواصل الاجتماعي، وتداولتها وسائل الإعلام. ولاقى أحد المقاطع الذي قامت زميلته في العمل بتصويره بطريقة عفوية ومن ثم مشاركته، صدىً واسعًا.
طب وفن
وبالإضافة إلى مزاولته مهنة الطب، ينشط سيالة في فرقة موسيقية شبابية منذ صغره، حيث كان شديد التعلق بالموسيقى والآلات الأخرى على غرار الساكسوفون والبيانو.
ومن خلال تجربة العزف لمرضى كورونا، يرى سيالة أن الموسيقى توطد علاقة الثقة المتبادلة بين المريض والطبيب من جهة، وتجمع بين الإنسانية "ولا تعترف بالحدود في ظل التباعد المفروض من جهة أخرى".
ويشير سيالة إلى أن العزف جعل منه الطبيب المفضل بالنسبة لمرضى كوفيد-19؛ حيث يقول: "أحبوني وأعجبوا بما أقدم وأحسوا بوقوفي إلى جانبهم صحيًا ونفسيًا، فأصبحت أعزف لهم بشكل يومي تقريبًا".
بحث معمق عن علاقة الموسيقى بالعلاج النفسي
وشرع الطبيب العازف، مؤخرًا، في بحث معمق حول علاقة الموسيقى في علاج الآلام النفسية لمرضى كورونا. ويعد بصدور هذا البحث بمعلومات مهمة جدًا خلال أسبوعين "في سابقة هي الأولى من نوعها في تونس والعالم".
ويطمح الطبيب التونسي إلى تعميم تجربة الموسيقى مع مرضى آخرين، كمرضى السرطان مثلًا.
من جهته، قال سامي كمون، رئيس قسم الأمراض الصدرية بمستشفى الهادي شاكر: إن صفاقس كانت من أكثر المناطق التي سجلت مؤخرًا انتشارًا واسعًا للعدوى بفيروس كورونا، بمعدل أكثر من 300 إصابة يوميًا.
وأضاف أن مركز معالجة مرضى كورونا توصل إلى توفير طاقة استيعاب تبلغ 110 أَسِرَّة لمعالجة المصابين. وتوقع أن تصل طاقة الاستيعاب إلى 135 سريرًا قريبًا.
ويرى كمون في العزف لمرضى كورونا مبادرة طيبة؛ إذ تلتفت إلى الجانب النفسي للمرضى.
من جهة أخرى، ينفذ الأطباء الشبان تحركات على أكثر من صعيد في تونس احتجاجًا على نقص المعدات، كما يطالبون بإحداث هيئة وطنية لإصلاح قطاع الصحة ولانتدابهم في الوظيفة العمومية وصرف مستحقاتهم المالية، لا سيَّما الأطباء العاملين في مواجهة "كوفيد 19".