تحرّكت أزمة تشكيل الحكومة في لبنان على وقع "الاشتباك الكلاميّ" الذي استجدّ، أمس، بعد الكلمة المقتضبة لرئيس الجمهورية ميشال عون الذي طالب الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، بتأليف الحكومة "بالاتفاق معه"، أو "الاعتذار" عن استكمال المهمّة.
وأعلنت المديرية العامة للرئاسة اللبنانية، اليوم الخميس، أنّ عون "حدّد موعًدا" للرئيس المكلّف، عند الساعة الثالثة (بالتوقيت المحلي)، من بعد الظهر، لزيارة قصر بعبدا.
وجاء في بيان الرئاسة، أنّ الأخيرة "تعوّل على الحس بالمسؤولية الوطنية لدى الرئيس المكلف"، بحيث يأتي "حاملًا تصوّرًا لتشكيل حكومة تراعي مقتضيات التوازن والميثاقية والاختصاص، مستخلصًا بذلك عِبَر أشهر التكليف الخمسة".
وكان الحريري أكد، في ردّه على كلمة عون أمس، أنه زار القصر الرئاسي 16 مرة منذ تكليفه، كاشفًا عن نيته القيام بزيارة أخرى "في حال كان جدول الرئيس عون يسمح بذلك". لكنّ بيانه لم يَخلُ من التصعيد، حين اعتبر أنّ الانتخابات الرئاسية المبكرة هي "الوسيلة الدستورية الوحيدة القادرة على إلغاء مفاعيل اختياره من النواب لرئاسة الجمهورية قبل خمسة أعوام".
المديرية العامة للرئاسة: انّ رئاسة الجمهورية تعوّل على الحسّ بالمسؤولية الوطنية لدى الرئيس المكلف فيأتي حاملاً تصوراً لتشكيل حكومة تراعي مقتضيات التوازن والميثاقية والإختصاص، مستخلصاً بذلك أشهر التكليف الخمسة
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) March 18, 2021
هل يتصاعد "الدخان الأبيض"؟
ويرى الكاتب والمحلل السياسي أسعد بشارة أنّ ما يجري هو جولة أخرى من جولات عضّ الأصابع، وربما الجولة النهائية التي تسبق تنازل أحد الطرفين وتشكيل الحكومة، أو أننا سنشهد حلقة جديدة من مسلسل مدمّر للبنان.
ويعتبر بشارة، في حديث إلى "العربي"، أنه عوض أن يُستكمَل النقاش في الغرف المغلقة خرج إلى العلن بشكل كامل، لكنه يعرب عن اعتقاده بأنّ "سعد الحريري لن يتنازل ويبدو أنه مغطى عربيًا ودوليًا إلى حد ما".
وإذ يرى أنّ مطالب عون "هي مطالب لحزب الله لأنه يغطي هذا التعطيل ويدير اللعبة بين الأخير والحريري دون أن يكسر أحد الطرفين"، يشير إلى أنّ تصاعد "الدخان الأبيض" من قصر بعبدا سيشكّل، إن حصل، مفاجأة.
عون يرتكب "هرطقة دستورية"؟
ويلفت بشارة إلى أنّ "الخشية، حسب قراءة مسيرة عون منذ العام 1989، أنه حين يصطدم بمشكلة كبيرة يلجأ إلى الهروب إلى الأمام ويطلق قنابل دخانية".
وإذ يصف كلمة الرئيس أمس بأنها "قنبلة"، يعتبرها "هرطقة دستورية، فهو لا يحق له دستوريًا أن يحدّد سقفًا للتشكيل"، كما أن "مخاطبة الرئيس المكلف عبر وسائل الإعلام تحمل في طيّاتها خرقًا هائلًا للأعراف لم يسبق لرئيس جمهورية أن قام به".
"هروب من أصل الأزمة"
وأبعد من ذلك، يتوقع بشارة "أن يذهب عون أكثر فأكثر باتجاه تكريس أعراف دستورية خارجة عن الدستور، وهو ما قد يؤدي إلى احتدام طائفي حول معركة الصلاحيات".
ويتحدّث في هذا السياق عن "محاولة لنقل المشكلة من انهيار اقتصادي إلى مشكلة طائفية بين المسيحيين والمسلمين"، لكنّه يجزم بأن "هذه المحاولة للهروب من أصل الأزمة لن تمر هذه المرة".