يعدّ المتحور الجديد من فيروس كورونا، "أوميكرون"، شديد العدوى "المسيطر" حاليًا في الجائحة، وهو معروف علميًا باسم BA.1، حيث تشير البيانات إلى أن معظم الإصابات بكوفيد-19 على مستوى العالم هي منه.
وعلى الرغم من أن حالات كورونا قد بلغت ذروتها بالفعل في بعض البلدان، إلا أن العلماء يتتبعون الآن ارتفاعًا قد يكون مقلقًا في الحالات الناجمة عن "ابن العم المقرب من أوميكرون" المعروف باسم BA.2، والذي بدأ يتفوق على BA.1 في أجزاء من أوروبا وآسيا.
وكانت وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة قد حددت السلالة الفرعية لمتحور "أوميكرون" من فيروس كورونا، منذ أكثر من أسبوع أطلقت عليها اسم "بي آي 2" حيث كانت قيد البحث من العاشر من يناير/ كانون الثاني.
فما الذي نعرفه حتى الآن عن المتغير الفرعي الجديد؟
لماذا "السلالة الشبح"؟
يشير تقرير لموقع "الغارديان"، إلى أنه على الصعيد العالمي استحوذت سلالة BA.1 على 98.8% من الحالات المسجلة في قاعدة البيانات العامة لتتبع الفيروسات GISAID اعتبارًا من 25 يناير/ كانون الثاني.
لكن العديد من البلدان أبلغت عن زيادات حديثة في BA.2، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، بينما كشفت وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة أن تحول سلالات عن "أوميكرون" كان متوقعًا على اعتبار أن التطور والتحور هو طبيعة الفيروسات.
فبالإضافة إلى BA.1 وBA.2، كشفت منظمة الصحة العالمية عن متغيرين فرعيين آخرين تحت مظلة "أوميكرون" هما BA.1.1.529 وBA.3. وجميعها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا وراثيًا، لكنّ كلًا منها يتميز بطفرات يمكن أن تغير سلوكها عند دخولها إلى جسم الإنسان.
وكان تريفور بيدفورد، عالم الفيروسات الحاسوبي في مركز فريد هتشنسون للسرطان في الولايات المتحدة والذي كان يتتبع تطور فيروس كوفيد-19، قد غرّد يوم الجمعة الفائت أن BA.2 يمثل حوالي 82% من حالات الإصابات في الدنمارك، و9% في المملكة المتحدة، و8% في الولايات المتحدة.
واعتمد تحليله وفق "الغارديان" على تسلسل البيانات من قاعدة بيانات GISAID وتعداد الحالات من مشروع Our World in Data في جامعة أكسفورد في المملكة المتحدة.
أما عن سبب تخوف بعض العلماء من المتحور الفرعي الجديد وتسميته بـ"الشبح"، فهو أن تتبع BA.1 من "أوميكرون" كان أسهل إلى حد ما من المتغيرات السابقة، وذلك لأن BA.1 يفتقد إلى واحد من ثلاث جينات مستهدفة مستخدمة في اختبار PCR الشائع، حيث يتم افتراض أن الحالات التي تظهر هذا النمط ناتجة عن BA.1.
في المقابل، لا يحتوي المتغير "الخفي" BA.2، على الجين المفقود نفسه، الأمر الذي يعقد تصنيفه وتعداد حالته، فبدلًا من الطريقة المستخدمة مع المتغير الفرعي الأول، يقوم العلماء الآن بتتبع هذه السلالة الجديدة بالطريقة الأولية التي استخدموها مع المتغيرات السابقة، بما في ذلك "دلتا"، من خلال تتبع عدد جينومات الفيروسات المقدمة إلى قواعد البيانات العامة.
فكما هي الحال مع المتغيرات الأخرى، يمكن اكتشاف الإصابة بـ BA.2 بواسطة مجموعات الاختبارات المنزلية لفيروس كورونا، على الرغم من أنها لا تستطيع الإشارة إلى المتحور تحديدًا، كما يقول الخبراء.
هل "الشبح" أكثر قابلية على الانتقال؟
تشير التقارير الأولية حاليًا إلى أن "السلالة الشبح" BA.2، قد تكون أكثر عدوى من الشكل الأولي "لأوميكرون"، بحيث يقدر مسؤولو الصحة في الدنمارك أن قابليته على الانتشار قد تكون أكثر بمرة ونصف.
لكن من جهة أخرى، لا يوجد دليل حتى الآن على أن BA.2 قادر على التهرب من حماية اللقاح. كما أنه بناءً على البيانات الأولية، من المحتمل ألا يسبب مرضًا أكثر خطورة من شكل المتحور "أوميكرون" الأساسي.
ففي إنكلترا، يبين تحليل أولي لتتبع المخالطين من 27 ديسمبر/ كانون الأول إلى 11 يناير/ كانون الثاني من قبل وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة إلى أن الانتقال المنزلي كان أعلى بين الأشخاص المصابين بـ BA.2 بنسبة 13.4% مقارنة بحالات "أوميكرون" الأخرى التي سجلت 10.3%، فيما لم تجد الوكالة أي دليل على وجود اختلاف في فعالية اللقاح بينهما.
ولكن طرح الدكتور إيجون أوزر، خبير الأمراض المعدية في كلية الطب بجامعة نورث وسترن في فينبرج في شيكاغو، علامة استفهام حول ما إذا كان الأشخاص المصابون في موجة BA.1 سيكونون محميين من BA.2.
وهذا الأمر تحديدًا كان مصدرًا للقلق في الدنمارك، حيث أبلغت بعض الأماكن التي شهدت ارتفاع بعدد حالات الإصابة بـ BA.1 عن ارتفاع جديد بحالات الإصابة بـ BA.2.
ويقول أوزر: "إذا لم تحمي عدوى BA.1 السابقة من BA.2، يمكن أن يكون أن نشهد موجة من نوع من الإبل ذات حدبتين"، على حد وصفه. لكنه شدد على أنه "ما زال من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان ذلك سيحدث فعلًا".
بدوره يقول البروفيسور سيشادري فاسان، الباحث المتخصص في اللقاحات بوكالة العلوم الأسترالية، طمأن أنه حتى الآن، تظهر الأدلة من زملائنا في الدنمارك أنه "في حين أن ابن عم أوميكرون الجديد يمكن أن ينتشر بشكل أسرع، لا يوجد دليل على ارتفاع نسبة خطورته".
مضيفًا: "لذلك من المهم الحفاظ على الهدوء ومواصلة التدابير الحالية مثل تلقيح أنفسنا، بما في ذلك الجرعة المنشطة، واتباع التباعد الاجتماعي والأقنعة والمبادئ التوجيهية المحلية".
هل التفرعات الجديدة "لأوميكرون" مبعث قلق؟
من جهتها، تشرح منى كيال الاستشارية في تشخيص الأمراض الجرثومية والفيروسية من براغ لـ"العربي" أكثر عن "بي آي 2"، مؤكدة على أن هذه السلالة الفرعية لا تعني اكتشاف متحور جديد بل ما زلنا نتكلم عن "أوميكرون".
مشيرةً إلى أنه منذ نهاية عام 2021 وجدت حالات متفرقة من هذا النوع الثاني "لأوميكرون"، وهو منتشر اليوم في الهند والفلبين أيضًا وليس فقط في أوروبا.
أما عن خطورة التفرعات الجديدة "لأوميكرون" فتستعين كيال أيضًا بالبيانات الأولية قائلةً: "لا يبدو أن هناك اختلاف في سلوك هذين الفرعين من متحور كوفيد-19".
لكنها أردفت: "ربما يكون للشكل الثاني نوع من القدرة على أن يأخذ مكان الشكل الأول ولكن ما زال من المبكر الحديث عن موجة ثانية من أوميكرون، لأننا ما زلنا نتكلم عن متحور واحد بأعراض خفيفة".