السبت 16 نوفمبر / November 2024

الهجوم الروسي على أوكرانيا.. مولدوفا تتخوّف من مصير مماثل

الهجوم الروسي على أوكرانيا.. مولدوفا تتخوّف من مصير مماثل

شارك القصة

تقرير حول مواقف الدول المجاورة لروسيا وأوكرانيا بخصوص الحرب على أوكرانيا (الصورة: غيتي)
بعد أيام من الصراع الذي يغيّر التحالفات ويقلب النظام العالمي، تلحق التداعيات بشكل مباشر بدول ما بعد الاتحاد السوفيتي.

تسود حالة من القلق في مولدوفا، مخافة أن تكون الدولة السوفيتية السابقة الهدف المقبل لموسكو بعد الهجوم على أوكرانيا.

ورصدت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أجواء المولدوفيين الذين يقوم بعضهم بتخزين العملات الأجنبية ووضع خطط للفرار.

ويخشى كثير من السكان، الذين يرون كيف انهارت الحياة فجأة في أوكرانيا، احتمال وقوع كارثة في بلدهم، إذ أن كل ما يتطلّبه الأمر هو أن يوسّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طموحاته.

وبعد عشرة أيام من الصراع الذي يغيّر التحالفات ويقلب النظام العالمي، تلحق التداعيات بشكل مباشر بدول ما بعد الاتحاد السوفيتي التي توازنت لسنوات بين الشرق والغرب، على غرار مولودفا التي تدرك الآن أن الأرضية الوسط لا يمكن الدفاع عنها.

الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي

وسرّعت الحرب من اتجاه مولدوفا نحو التوافق الكامل مع أوروبا. ووقّعت البلاد، الخميس، طلبًا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، فيما وصفه رئيس وزرائها بأنه تصويت لصالح "الحرية". وأشار رئيس الوزراء إلى أن مولدوفا سعت أيضًا لاستيعاب أكثر من 250 ألف لاجئ أوكراني عبروا حدودها.

وفي حين أن مولدوفا لم تشعر أبدًا بأنها أقرب إلى أوروبا، إلا أنها لم تشعر أيضًا بأنها أكثر عرضة للتأثر بالكرملين.

وقبل عدة أيام، عرض رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو خريطة لمعركة أظهرت سهمًا يشير إلى مولدوفا، قائلًا إن أيًا من الوحدات العسكرية في بلاده لم تتحرّك من قواعدها، لكن البلاد يمكن أن تحشدها في غضون يومين إلى ثلاثة أيام في حالة الخطر.

ويقول محلّلون أمنيون إن التقدم البطيء الذي حقّقته روسيا حتى الآن في أوكرانيا قد يقلّل من فرص أن يسعى بوتين لتوسيع نطاق الهجوم.

لكن ميهاي بوبسوي، نائب رئيس برلمان مولدوفا، قال إن "كل دولة سوفيتية سابقة تعاني من التخلّف، فمولدوفا لا تزال خارج الناتو وضماناته الأمنية، وأغلقت مجالها الجوي وأعلنت حالة الطوارئ، لأن الأحداث قد تنتقل إلى الجنوب يومًا ما".

ورأت الصحيفة أن هناك سببًا آخر لانكشاف مولدوفا، إذ تستقبل نحو 1500 جندي روسي داخل حدودها المعترف بها دوليًا. وتتمركز تلك القوات -التي تصفها روسيا بقوات حفظ السلام- في منطقة ترانسنيستريا، وهي جيب منفصل يعمل عمليًا كدولة مستقلة، حيث تعترف سلطات مولدوفا بأنها لا تسيطر عليها.

ومع بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا، وجدت السلطات المولدوفية نفسها مضطرة أن تنضمّ إلى قناة على تطبيق "تلغرام" تمّ انشاؤها لتقديم معلومات عن الصراع في أوكرانيا، وتتسابق لفضح شائعة تلو الأخرى.

ونفت السلطات الشائعات عن إطلاق القوات في ترانسنيستريا صواريخ على أوكرانيا، وحتى انضمام هذه القوات إلى الصراع في أوكرانيا.

الصراع على ترانسنيستريا

لكن إشارة واحدة كانت كفيلة بأن تدلّ على إمكانية حدوث توتر. فبعد يوم واحد من تقدّم مولدوفا بطلب للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، أصدر قادة ترانسنيستريا بيانًا أوضحوا أنهم غير معنيين بالأمر، مكرّرين مطالبتهم بإنشاء "دولتين مستقلتين".

وترانسنيستريا عبارة عن أرض صغيرة، يبلغ عدد سكانها حوالي 550 ألف نسمة، وتبدو على الخريطة وكأنها سلسلة من التلال.

ولدت ترانسنيستريا من رحم حرب قصيرة في أوائل التسعينيات وسط الانهيار السوفييتي. فبينما أرادت مولدوفا الاستقلال وتجريم اللغة الروسية باعتبارها لغة رسمية، أرادت ترانسنيستريا الحفاظ على العلاقات السوفيتية. لكن بعد فترة طويلة، بعد وصول الحرب إلى طريق مسدود، رأى القادة الروس بمن فيهم بوتين، أن من مصلحتهم المساعدة في دعم حكومة ترانسنيستريا ماديًا.

"لا تمتلك خططًا عدوانية"

دفعت ترانسنيستريا ثمن عزلتها النسبية. فهي غير معترف بها من قبل الأمم المتحدة، تستخدم عملة الروبل، التي لا قيمة لها تقريبًا خارج حدودها. لا تعمل البطاقات المصرفية الدولية في أجهزة الصراف الآلي الموجودة فيها. رواتب الموظفين فيها منخفضة. وعلى الرغم من كل النفوذ الروسي، فإن القوة الأكبر في ترانسنيستريا هي شركة احتكارية باسم "شريف"، تعمل بإشراف ضئيل وتتحكّم في كل شيء من محطات الوقود إلى محلات السوبر ماركت إلى نادي كرة القدم.

هذه التعقيدات تجعل من الصعب تحديد دور ترانسنيستريا في صراع محتمل. بعض مواطني ترانسنيستريا لديهم جوازات سفر روسية، على سبيل المثال، بينما يحمل آخرين جوازات سفر مولدوفية. تذهب معظم صادرات ترانسنيستريا إلى الاتحاد الأوروبي.

وقال الرئيس فاديم كراسنسيلسكي، الأحد، إن ترانسنيستريا "لا تشكل تهديدًا عسكريًا، ولا تمتلك خططًا ذات طبيعة عدوانية".

لكن من الواضح أيضًا أن ترانسنيستريا تتبع روسيا في التقليل من شأن الحرب، التي أشار إليها بوتين فقط على أنها "عملية عسكرية خاصة". ونادرًا ما تذكر الصحف والقنوات التلفزيونية في ترانسنيستريا الصراع، وقد تلقى الأشخاص الذين يعيشون هناك إشارة إلى أن الموضوع محظور.

وجاء اتفاق السلام الموقع عام 1992 بين ترانسنيستريا ومولدوفا بعد حرب خلفت حوالي ألف قتيل. واليوم، لا تزال المباني تحمل آثار المعركة.

ويمثّل هدف مولدوفا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي إلحاحًا لإيجاد طريقة للخروج من محادثات التسوية التي وصلت إلى طريق مسدود منذ سنوات. وبينما تمكنت قبرص من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، يقول العديد من الخبراء إن مولدوفا ستمنح المصداقية للاتحاد الأوروبي عبر محاولة حل الصراع المجمد الذي يشمل القوات الروسية.

لكن الطريق نحو العضوية لا يزال طويلًا. في نفس الأسبوع، تقدّمت مولدوفا بطلب للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، وكذلك فعلت جورجيا. وكلاهما مدفوعتان بالأحداث الدراماتيكية في أوكرانيا.

أكثر من ثلثي سكان مولدوفا يؤيدون فكرة عضوية الاتحاد الأوروبي. لكن العديد من الشباب، الذين نشأوا بعد الانهيار السوفياتي، يقولون إن بلادهم تعاني من نقاط ضعف ملحة لن تتمكن عملية استمرت لسنوات من حلها.

وتحدّث بعض الموظفين بخوف عن احتمال اندلاع الحرب، مشيرين إلى أن جيش مولدوفا ضعيف وصغير، ويمكن أن تقع الدولة تحت السيطرة الروسية بسرعة مقلقة، وبالتالي يتجّه هؤلاء إلى المغادرة قبل تجنيدهم في حرب وصفوها بـ"الخاسرة".

تابع القراءة
المصادر:
العربي - ترجمات
Close