افتحت النيابة العامة الفدرالية في ألمانيا تحقيقًا في جرائم حرب مفترضة، ارتكبتها القوات الروسية منذ بدء هجومها على أوكرانيا، حسبما أعلنت السلطات اليوم الثلاثاء، وسط سخط دولي إزاء استهداف مدنيين وبنى تحتية حساسة.
وقال وزير العدل ماركو بوشمان لصحيفة "باساوير نيو برس": "سنجمع كافة الأدلة على جرائم حرب ونؤمن حمايتها".
وفتح مكتب المدعي العام الفدرالي في كارلسروه ما أطلق عليه تحقيقًا هيكليًا، لبدء جمع أدلة، كما قال.
ويعد هجوم روسيا على أوكرانيا "انتهاك خطير للقانون الدولي لا يمكن تبريره بأي شيء" وفق بوشمان.
وأضاف وزير العدل الألماني: "يتعين مقاضاة (مرتكبي) انتهاكات محتملة للقانون الجنائي الدولي بشكل متسق".
ولا يستهدف التحقيق الهيكلي مشتبهًا بهم بحد ذاتهم، لكنه يسعى إلى جمع أدلة على جرائم مفترضة وتحديد الهياكل التي تقف وراءها، مثل سلسلة القيادة. وبعد ذلك يمكن استخدام الأدلة في إجراءات جنائية مستقبلية ضد أشخاص مشتبه بهم.
وتأتي الخطوة الألمانية، فيما تدخل العملية العسكرية في أوكرانيا التي أطلقتها موسكو في 24 فبراير/ شباط أسبوعها الثاني، في وقت بدأ فيه اليوم الثلاثاء سريان وقف إطلاق النار المؤقت في أوكرانيا، بغية إجلاء المدنيين من 5 مدن بينها العاصمة كييف.
"جرائم حرب"
وذكرت صحيفة "دير شبيغل" أن المدعين الألمان تحركوا إثر تقارير عن استخدام روسيا قنابل عنقودية، وعقب مشاهد أظهرت استهداف مناطق سكنية وشن هجمات على خط أنابيب غاز ومنشأة للنفايات النووية ومنشأة طاقة.
وكانت روسيا قد تعرضت لانتقادات متزايدة على خلفية قصفها مدنًا أوكرانية، في عمليات قالت كييف وحكومات غربية إنها شملت هجمات على مدارس ومستشفيات وأبنية سكنية.
والأحد، أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن واشنطن اطلعت على "تقارير موثوقة جدًا" عن أن روسيا ارتكبت جرائم حرب خلال هجومها على أوكرانيا.
وأعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي الأسبوع الماضي أنه ماضٍ في تحقيق في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبت في أوكرانيا منذ الهجوم الروسي.
وطالبت الشرطة البريطانية، الجمعة، شهودًا بتقديم إفاداتهم بشأن جرائم حرب محتملة ارتكبت في أوكرانيا للمساعدة في التحقيق الذي فتحته الجنائية الدولية بعد بدء العملية العسكرية الروسية.
وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة صوّت يوم الجمعة، بغالبية كبيرة لصالح إطلاق تحقيق عالي المستوى في الانتهاكات التي ارتُكبت في أعقاب الهجوم الروسي على أوكرانيا.
كما أدان المجلس الذي يتخذ من جنيف مقرًا له بـ"أشد العبارات انتهاكات حقوق الإنسان وانتهاك القانون الإنساني الدولي الناجم عن عدوان جمهورية روسيا الاتحادية على أوكرانيا".
وسبق أن نظرت ألمانيا في السابق في دعاوى قضائية تتعلق بارتكاب انتهاكات خارج أراضيها مثل الحرب في سوريا.
وتطبق ألمانيا في ذلك المبدأ القانوني للولاية القضائية العالمية، الذي يسمح لقضائها بمحاكمة مرتكبي الجرائم الخطرة، ومها جرائم حرب وإبادة، بغضّ النظر عن جنسيتهم أو مكان ارتكاب الجرائم.
وفي يناير/ كانون الثاني، أصدر القضاء الألماني حكمًا بالسجن مدى الحياة على ضابط سابق في الاستخبارات السورية، لضلوعه في مقتل 27 معتقلًا وتعذيب أربعة آلاف آخرين على الأقل في معتقل سري في دمشق قبل عقد من الزمن.