تُعد "البوسيدونيا"، وهي نباتات استوطنت البحر، من الثروات الهامة، ومن أبرز مصادر تزويد المياه بالأوكسجين، حتى أن العلماء يقولون: إن نصف الأوكسجين الذي نتنفسه يأتي من المحيطات.
وتتعرض نباتات "البوسيدونيا" التي تلعب دورًا في تثبيت قاع البحر، بشكل متكرر للضرر والدمار في تونس بسبب النشاط البشري غير المدروس ما ينذر بعواقب بيئية واقتصادية وخيمة حسبما يؤكد علماء.
في هذا الصدد، توضح ريم زكامة سريب وهي عالمة بيئة بحرية، أن الغابات تخزن الكاربون على الأرض أو ما يسمى بـ"الكاربون الأخضر" ويشار إليه تحت الماء باسم "الكاربون الأزرق"، فهذه النظم البيئة و"البوسيدونيا" خاصة تجمع كميات كبيرة من الكاربون على مدى آلاف من السنوات.
وتضيف: "إذا قارنها بالنظم البيئة للأراضي فستكون أكثر إثارة للاهتمام من حيث تخزين الكاربون".
من جانبه، يكشف المهندس البحري في وكالة حماية وتنمية السواحل التونسية أحمد بن حميدة عن إنشاء 4 محميات بحرية وساحلية في تونس لحماية "البوسيدونيا" التي توصف بأنها "رئة البحر الأبيض المتوسط".
أهمية "البوسيدونيا"
من جهته، يشرح الخبير في البيولوجيا البحرية ياسين رمزي الصغير، أن "البوسيدونيا" موجودة في أغلب دول العالم وتمثل 300 ألف كيلومتر مربع من المعشبات (نباتات تزهر في البحر وهي أقرب إلى نباتات الأرض أكثر من الطحالب البحرية) الموجودة بالعالم.
ويضيف في حديث إلى "العربي" من العاصمة تونس، أن الأنشطة البشرية كالتلوث وتأهيل الشريط الساحلي، أثرت سلبًا على "البوسيدونيا"، مشيرًا إلى أنها تبدأ بالنمو من بداية شاطئ البحر إلى 35 متر داخله، ما يعني أن أي نشاطات بشرية ستؤثر مباشرة على "البوسيدونيا".
وأردف الصغير أن "البوسيدونيا" هي المكان الذي تعيش وتبيض وتكبر فيه الأسماك، إذ أن الإحصائيات تشير إلى أن 40% من الأسماك الساحلية التي تباع في الأسواق ناتجة عن هذه المعشبات، وأي تدهور يصيب "البوسيدونيا" يؤثر سلبًا على الصيد والاقتصاد.
وتابع أن "البوسيدونيا" تساعد أيضًا في تنقية مياه البحر، وتحمي الشريط الساحلي من الانجراف، مما يساهم في تعزيز قطاع السياحة في تونس التي تعتمد على السياحة الساحلية والشواطئ الرملية.
وحذر الصغير من أن استخدام "مراكب الجر" بطريقة غير قانونية يؤثر سبيًا على "البوسيدونيا"، لافتًا إلى أن معظم الصيادين التونسيين يطالبون بتكثيف المراقبة البحرية للحد من التدهور الحاصل لهذه المعشبات البحرية.