أعلنت الشرطة الجزائرية، اليوم الثلاثاء، عن بلوغ عدد الموقوفين في قضية قتل وحرق شاب اتّهم خطأً بأنّه من مشعلي الحرائق في منطقة القبائل التي اجتاحتها النيران في الأيام الأخيرة، إلى 61 شخصًا على إثر توقيف 25 آخرين.
وقالت المديرية العامة للأمن الوطني في بيان: إنّ الشرطة أوقفت "25 آخرين" في عدد من ولايات البلاد.
وأوضح البيان أنّه بناء على تحقيق أولي، بلغ "العدد الإجمالي للموقوفين في ارتكاب هذه الجريمة البشعة 61 شخصًا، لهم المسؤولية بدرجات مختلفة في قتل، وحرق وتنكيل جثة، وتحطيم أملاك وانتهاك حرمة مقر أمني".
وتوجّه الاتهامات إلى حركة استقلال القبائل المعروفة اختصارًا باسم "ماك".
وقال بيان الشرطة: إن التحقيق أفضى إلى "اكتشاف شبكة مختصة في الإجرام، مصنفة كمنظمة إرهابية"، في إشارة إلى "ماك".
وفي شهادات جرى بثها عبر التلفاز الثلاثاء، أعلن بعض المشتبه فيهم أنّهم ينتمون إلى الحركة.
مقتل جمال بن إسماعيل
وأثار مقتل جمال بن إسماعيل (38 عامًا) بطريقة بشعة صدمة في البلاد رغم الخسائر البشرية والمادية التي تسببت بها الحرائق.
وكان بن إسماعيل، قد ذهب طوعًا إلى بلدة الأربعاء نايث إيراثن شمال البلاد، للمساعدة في إطفاء الحرائق التي أودت بحياة 90 شخصًا على الأقل في أسبوع.
وجمال بن إسماعيل، الذي يعرف باسم "جيمي" ويبلغ من العمر 38 عامًا، هو فنان موسيقي ورسام. وظهر في أحد الفيدوهات وهو يقول للصحافة المحلية: "أتيت البارحة ليلًا، لم أنم لأتمكن من الوقوف إلى جانب إخوتي الذين قدّموا لي درسًا في التضامن والشجاعة".
كما أنّه سلّم نفسه إلى الشرطة لدى معرفته بأنه من بين المشتبه بإشعالهم النيران.
وأظهرت صور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي حشدًا من الأشخاص الذين أحاطوا بسيارة الشرطة، وأقدموا على سحب الشاب منها بعد ضربه.
ثمّ قتل الشاب وأحرقت جثته، فيما كان عدد من الشبان يلتقطون صور "سيلفي" أمام الجثة.
قُتل وحُرقت جثته بعد اتهامه بإشعال الحرائق.. جريمة تهزّ #الجزائر ومطالبات واسعة بمحاسبة المتورطين@AnaAlarabytv pic.twitter.com/1Ja60AR2PE
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) August 12, 2021
حركة "ماك" تقف خلف الجريمة؟
وبثّ التلفزيون الجزائري الحكومي، الثلاثاء، ما قال إنها اعترافات لمتورطين في قتل الشاب حرقًا أقرّوا فيها بانتمائهم لحركة "ماك" الانفصالية التي تصنفها السلطات "إرهابية".
ولفت أحدهم إلى أنه عضو في حركة استقلال القبائل (ماك)، وإنه "نادم" على ما قام به في حق الشاب الذي قتل حرقًا، و"طلب الصفح من عائلة الضحية".
كما أقر آخر بانتمائه للحركة منذ 2012، بصفته أمين صندوق المال لديها، وعبّر عن ندمه على المشاركة في الجريمة التي أودت بحياة الشاب، بحسب التلفزيون.
و"ماك" حركة ذات توجه انفصالي تأسست عام 2002، ويتواجد معظم قادتها في فرنسا، وتطالب باستقلال محافظات يقطنها أمازيغ شرقي الجزائر، وأعلنت عام 2010 تشكيل حكومة مؤقتة لهذه المنطقة، وصنفتها الجزائر شهر مايو/ أيار الماضي "منظمة إرهابية".
تعليق الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان
من جهتها، قالت الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان: "وحده التحقيق العادل من شأنه كشف الحقيقة وتحقيق العدالة لجمال".
ونددت الرابطة بهذه الجريمة "التي لا توصف". وطالبت التحقيق الذي فتحته النيابة بإلقاء الضوء على "الملابسات المقلقة لهذا الحدث المأساوي، وفق القانون وبهدوء وسكون، والحكم على جميع المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في هذه الجريمة الفظيعة".
وذكرت الرابطة أن "المسؤولية الجنائية فردية، ولا يمكن إثبات ذلك إلا من خلال إجراء محايد يكشف الحقيقة الكاملة حول هذا الحدث المؤلم".
وواصلت فرق الإنقاذ الثلاثاء جهودها لإخماد ثمانية حرائق في خمس مناطق مختلفة.
وفي كل عام، تشتعل حرائق الغابات في شمال الجزائر. وعام 2020 أتت النيران على 44 ألف هكتار من المساحات الحرجية.