تولى تشارلز الثالث عرش المملكة المتحدة، بعد وفاة والدته الملكة إليزابيث الثانية عن عمر ناهز الـ96 عامًا، ليصبح ملكًا على بريطانيا و14 دولة من رابطة "الكومنويلث" البالغ عددها 53 دولة.
ويرأس الملك تشارلز الدولة في بريطانيا، وكندا، وأستراليا، ونيوزيلندا، إضافة إلى دولٍ أخرى أبرزها جمايكا، وبربادوس، والبهامس.
وبموجب القانون العام، يورث التاج لأبناء الملك ليصبح الأمير ويليام بالتالي وليًا للعهد، بينما يصبح ابن هذا الأخير الأمير جورج الثاني في تراتبية العرش.
فضلًا عن ذلك، ستتغير كلمات النشيد الوطني البريطاني، وسيتم وضع وجه الملك على العملات المعدنية المسكوكة، والأوراق النقدية المطبوعة حديثًا، كما ستحدّث الطوابع البريدية لتعكس التغيير في عرش البلاد.
كذلك سيرث الملك الجديد الثروة الشخصية لوالدته الراحلة إليزابيث، التي بلغت 370 مليون جنيه إسترليني هذا العام، لتضاف إلى ثروة الملكة الشخصية التي تقدر بنحو 100 مليون دولار.
أما جواهر التاج الشهيرة التي تقدر قيمتها بنحو 3 مليارات جنيه إسترليني، فستنتقل تلقائيًا إلى الملك الجديد.
نهاية حكم استثنائي
وانتهى حكم الملكة إليزابيث الثانية الذي استمر 70 عامًا برحليها يوم 8 سبتمبر/ أيلول، لينتهي معه الحكم الأطول على الإطلاق في تاريخ المملكة المتحدة، إذ تجاوزت الملكة الراحلة فترة حكم الملكة فيكتوريا التي اعتلت العرش عام 1837 عن عمرٍ يناهز 18 عامًا.
وتحتل الملكة إليزابيث المركز الثاني كأطول فترة حكمٍ في التاريخ، بعد ملك فرنسا الشهير لويس الرابع عشر.
فقد عاصرت الملكة الراحلة 15 رئيس وزراء توالوا على رئاسة الحكومة في بريطانيا بعهدها، كان أولهم ونستون تشرشل وآخرهم ليز تراس.
وخلال فترة حكمها وصل 14 رئيسًا لسدة الحكم في الولايات المتحدة الأميركية، حيث قابلت إليزابيث 13 منهم، كما زارت 117 دولة وساهمت في رسم السياسة البريطانية بشكلٍ أو بآخر.
صلاحيات الملك
ورغم أن الصلاحيات السياسية التي يتمتع بها ملك بريطانيا رمزية بشكل كبير، فإنه يستخدم بعضها فعليًا كما في حال إجراء الانتخابات العامة، أو في الأزمات، كما يستخدم وزراء الحكومة هذه الصلاحيات نيابة عنه عند الحاجة لتسهيل الأمور.
ومن ضمن هذه الصلاحيات، حلّ البرلمان واستدعاؤه للانعقاد إذ يحدث هذا عادةً عند انتهاء الدورات البرلمانية، كذلك يستدعي الملك البرلمان للانعقاد عند حضوره جلسته الافتتاحية.
أيضًا، للملك صلاحية التصديق على مشروعات القوانين التي يصدرها البرلمان والتوقيع عليها، لكي تكتسب صفة النفاذ، بالإضافة إلى تعيين وإقالة الوزراء وإعلان الحرب والعفو الملكي.
ويتمتع ملك بريطانيا بدورٍ أساسي بصفته رأس الدولة، لكنه لا يحكم بشكل واقعي، لأن الحكم وتصريف الأمور يقع على عاتق الحكومة.
يعرّف الموقع الإلكتروني للعائلة المالكة في المملكة المتحدة، الملكية البريطانية، بأنها ملكية دستورية أي أن الملك هو رئيس الدولة ذو المنصب السيادي، إلا أن صلاحية سن التشريعات تبقى من اختصاص البرلمان المنتخب من الشعب.
ونظريًا، يمكن للملك رفض المصادقة على القوانين، لكن المرة الأخيرة التي استخدم فيها هذا الحق كانت عام 1708 في عهد الملكة آن.
عسكريًا، يعتبر الملك القائد العام للقوات المسلحة البريطانية فضلًا عن الحاكم الأعلى لكنيسة إنكلترا، ولا يتدخل في القضاء لكن بإمكانه منح عفوٍ ملكي.
وبصفته رئيسًا للبلاد، يجب أن يبقى الملك محايدا تمامًا عندما يتعلق الأمر بالشؤون السياسية، ولا يحق له التصويت أو الترشح للانتخابات.
مستقبل الملكية الدستورية
من لندن، يرى مثنى العبد الله أستاذ العلوم السياسية بجامعة لندن، أن ما نشهده اليوم هو لحظة تاريخية في بريطانيا، وأن هذا الإرث الذي يمتد لمدة 70 عامًا لا يمكن إسقاطه على مرحلة أخرى.
وبالتالي، لا يزال هناك العديد من الأسئلة التي يجوز طرحها لقراءة مستقبل الملكية البريطانية، لا سيما وأن نسبة كبيرة من الشعب البريطاني تؤيد الملكية، مقابل جيل جديد لا يعترف بالملكية ولا يريدها، على حد قوله.
ويستشهد العبد الله في حديثه مع "العربي" أيضًا، بمواقف سابقة لرئيسة الوزراء البريطانية الحالية ليز تراس، كاشفًا أنها في بداية حياتها السياسية كانت تهاجم الملكية.
ويضيف أستاذ العلوم السياسية: "الملكية الدستورية في بريطانيا تعطي في البلاد شعورًا للآخرين بأنها حلقة زائدة في النظام السياسي.. فمشاكل البلاد لا دور للملكية في صنعها أو حلها".
لذلك، يميل بعض الموطنين إلى التساؤل عن جدوى دفع الضرائب الهائلة لصالحها، في وقت "لا تنفع ولا تضر فيه الملكية المجتمع البريطاني"، بحسب عبد الله.