مثل انفجار شارع الاستقلال في مدينة اسطنبول حدثًا بارزًا عام 2022، حيث عدت أنقرة هذا الاستهداف في أكثر شوارعها حيوية رسالة للنيل من السياحة في البلاد.
في ذلك اليوم، تحول شارع الاستقلال من قبلة للسياح إلى قنبلة بينهم، ففي 13 من نوفمبر/ تشرين الثاني الساعة 16:20 عصرًا، كان الآلاف يقصدون ذلك الشارع وسط منطقة تقسيم في موسم انتعاش السياحة التركية بعد ركود.
لكن بين السياح كانت هناك سيدة، تحميل حقيبة موت دوت في كل أرجاء البلاد، وفجرت قنبلة وسط الحشود أسفرت عن 6 قتلى وأكثر من 80 جريحًا.
#شاهد رصد مسار منفذة هجوم #اسطنبول قبل دخولها #شارع_الاستقلال حيث وضعت المتفجرات عند مقعد قبل أن تغادره مسرعة#تركيا pic.twitter.com/grkFGikQiW
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) November 17, 2022
ساعات فقط كانت كفيلة بإلقاء السلطات القبض على تلك الفتاة التي اعترفت بانتمائها إلى حزب العمال الكردستاني، في حين أن ثمة أعدادًا أخرى من المتهمين بين يدي الأمن التركي، قالت أنقرة إنهم كانوا في طريق الفرار إلى اليونان.
وبعيد الحادثة، توعدت السلطات التركية حزب العمال الكردستاني وأذرعه في الشمال السوري بالرد.
"المخلب السيف"
وبعد أسبوع واحد من الهجوم، انطلقت عملية جوية تستهدف ما قالت تركيا إنها "أوكار الإرهابيين" شمالي العراق وسوريا.
"المخلب السيف"، كان اسم العملية التي أطلقتها أنقرة، لكن المسؤولين قالوا حينها إنها جزء من الرد على الحادثة، فتأمين الحدود هو غاية قد تحتاج إلى أكثر من غضب المسيرات، حسب مراسل "العربي".
وبدت الحادثة فصلًا جديدًا من تاريخ العداء التقليدي بين تركيا وحزب العمال الكردستاني وما يدور في فلكه من نسخ سورية.
وبحسب السلطات التركية، فإن السياحة لم تصب بالنكسة التي أراد المنفذون تحقيقها، لكن ذلك لم يمنع الجدل في أوساط النخب وتوظيف الحادثة في معارك الانتخابات القادمة.
أبرز الأحداث والمسارات التي شهدتها تركيا
في المجمل، فإنّ ثلاثة عناوين يمكن أن تلخص أبرز الأحداث والمسارات التي شهدتها تركيا عام 2022، وهي عودة العلاقات مع دول عربية وإقليمية، ووساطة أنقرة لتوقيع اتفاق الحبوب بين روسيا وأوكرانيا، وتفجير اسطنبول الشهر الماضي.
ففي 2 فبراير/ شباط، بدأت تركيا قصفًا جويًا لمواقع حزب العمال الكردستاني شمال سوريا والعراق، ضمن عملية أطلقت عليها اسم "نسر الشتاء".
وبعد 5 أيام فقط، زار الأمين العالم لحلف الشمال الأطلسي "الناتو"، العاصمة التركية لعرض طلب فنلندا والسويد الانضمام إلى الحلف ومحاولة إقناع أنقرة أيضًا بالموافقة على طلب انضمامهما.
الرئيس الأميركي جو #بايدن يوقع على انضمام #فنلندا و #السويد إلى حلف شمال الأطلسي👇 pic.twitter.com/vcuKdhNgkl
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) August 9, 2022
وأواخر مارس/ آذار، استقبلت اسطنبول وفدين من روسيا وأوكرانيا، لإجراء جولة من المفاوضات وكان ذلك إثر اتصال هاتفي بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين.
وفي 23 مايو/ أيار، هدد أردوغان ببدء عملية عسكرية في الشمال السوري لتأمين حدود بلاده بعمق 30 كيلو مترًا داخل الأراضي السورية.
وبعد ذلك بشهر توصلت أوكرانيا وروسيا إلى اتفاق مع تركيا والأمم المتحدة بشأن نقل الحبوب الأوكرانية العالقة في موانئ البحر الأسود إلى الأسواق العالمية.
وفي 16 أغسطس/ آب، كشف وزير الخارجية التركي أنه أجرى محادثات قصيرة مع وزير خارجية النظام السوري في العاصمة الصربية بلغراد.
وبعد ذلك، أعلنت أنقرة شن عملية عسكرية جوية باسم "المخلب السيف" شمالي العراق وسوريا ضد المقاتلين الأكراد، وذلك بعد أسبوع من هجوم اسطنبول.
تنافس قوي في الانتخابات
وفي هذا الإطار، يشير الباحث السياسي التركي أوكتاي يلمز إلى أن بلاده أمام انتخابات رئاسية وبرلمانية تشريعية خلال 6 أشهر، لذلك بدءًا من العام الجديد سيشهد الشارع التركي تسخينًا وتنافسًا قويًا بين الأحزاب والمرشحين السياسيين للانتخابات التي ستكون مصيرية وتحدد مستقبل البلاد إلى حد بعيد.
ويضيف في حديث إلى "العربي" من مدينة اسطنبول، إلى أن العامل الاقتصادي والمعيشي وتراجع دخل الفرد في تركيا سيؤثر على الانتخابات، أكثر من أي تطور خارجي.
ويلفت يلمز إلى أن محاربة الإرهاب من أهم العوامل في قرار الناخب التركي، وهي مسألة وطنية ولا يوجد خلاف كبير حولها، مشيرًا إلى أنه لا يربط هذا الملف بالانتخابات التي قد تبدو مؤثرة نوعًا ما، لكنها ليست كتأثير العامل الاقتصادي.