Skip to main content

إشكاليات خطيرة في المفاهيم.. كيف نميّز بين الأسلحة الدفاعية والهجومية؟

الإثنين 13 فبراير 2023

أعادت الحرب الروسية على أوكرانيا تسليط الضوء على الجدل الذي ساد لقرون حول الفرق بين الأسلحة الدفاعية والهجومية.

ففي المراحل الأولى من الحرب، كانت معظم عمليات نقل الأسلحة الغربية إلى كييف تقتصر على أنظمة قصيرة المدى نسبيًا مضادّة للدبابات والطائرات، وذخيرة للأسلحة ذات العيار الصغير، ومعدات شخصية، ومعدات اتصالات.

ولكن مع استمرار الحرب، ازدادت المساعدة العسكرية الغربية لتشمل مركبات مدرّعة ودبابات وصواريخ أرض جو بعيدة المدى، وطائرات مقاتلة ومروحيات.

وبينما اعتبر البعض أن التحوّل إلى المساعدة في الأسلحة الهجومية أمر مناسب وضروري، انتقد آخرون الأمر باعتباره تحوّلًا غير مبرر إلى أسلحة هجومية لا تتّفق مع حالة أوكرانيا كونها في وضعية الدفاع، ومن المرجّح أن تثير تصعيدًا نوويًا كما هدّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرارًا.

ضبابية التمييز بين الأسلحة الدفاعية والهجومية

لكن صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية اعتبرت أن أيًا من الموقفين منطقي، لأن التمييز بين الأسلحة الهجومية والدفاعية "ضبابي إلى حد يجعله عديم الفائدة فعليًا".

وأوضحت الصحيفة أن محاولة الباحثين التمييز بين الأسلحة الهجومية والدفاعية سادت لأكثر من قرنٍ، موضحًا أن العديد من الباحثين اعتبروا أن مزيجًا من السمات على غرار الحماية المدرّعة والمدى والتنقّل، يجعل بعض الأسلحة مناسبة على نحو فريد للعمليات الهجومية، أي لغزو أحد الجيران بدلًا من الدفاع عن الحدود.

 وعلى سبيل المثال، غالبًا ما تُوصف الدبابات بأنها هجومية بسبب قدرتها على الحركة والحماية المدرّعة التي تملكها، بينما تُوصف الصواريخ أو الطائرات ذات الضربات الاستباقية على أهداف العدو بأنها "هجومية"، استنادًا إلى مداها.

وفي حقبة سابقة، غالبًا ما كان يُنظر إلى البوارج وحاملات الطائرات على أنها هجومية لأسباب مماثلة. وتمّ تقنين هذا حتى في معاهدات الأسلحة الدولية مثل معاهدة واشنطن البحرية لعام 1922، أو اتفاقية القوات التقليدية في أوروبا لعام 1990، والتي حدّت من أنواع الأسلحة التي يُنظر إليها على أنها "هجومية" بشكل فريد أو مزعزعة للاستقرار لصالح الأسلحة الأخرى التي يُنظَر إليها على أنها دفاعية.

ورأت الصحيفة أن الجهود لمنهجة الفروق بين الأسلحة الدفاعية والهجومية واستخدامها لتفسير الاختلافات في حدوث الحرب، وسباقات التسلُّح، وتشكيل التحالف، بل وهيكلة النظام الدولي، تكتنفها إشكاليات خطيرة في المفاهيم.

غالبًا ما تُوصف الدبابات بأنها هجومية بسبب قدرتها على الحركة والحماية المدرّعة التي تملكها - غيتي

يمكن استخدام معظم الأسلحة للهجوم والدفاع

تفيد الإشكالية الأولى بأنه على المستوى التكتيكي والذي تُخاض فيه المعارك الفردية، يمكن استخدام أي سلاح تقريبًا إما للهجوم أو للدفاع.

فعلى سبيل المثال، يمكن استخدام الدبابات للهجوم، لكنها عادةً ما تكون أيضًا أكثر الأسلحة فعالية للدفاع ضد دبابات العدو، خصوصًا أن مدى إطلاق الدبابات وإمدادات الذخيرة يتجاوز مدى معظم الأسلحة المضادة للدبابات التي يحملها المشاة، وتسمح حمايتها المدرعة بالصمود أمام وابل المدفعية الذي قد يقتل الطواقم المكشوفة للأسلحة المضادة للدبابات مثل صواريخ "جافلين" أو الأسلحة الخفيفة المضادة للدبابات من الجيل التالي المسماة "إن إل إيه دبليو".

أما فرق المشاة، فيمكن لها الدفاع، لكن صغر حجمهم وخفتهم الفائقة تمكّنهم من استغلال ميزات التضاريس الصغيرة للهجوم بطرق لا تستطيع الدبابات القيام بها.

وبالنسبة للصواريخ أو الطائرات البعيدة المدى فيُمكنها أن تضرب أراضي العدو، كما يمكنها أن تُساعد المدافعين عن طريق تدمير الإمدادات التي يحتاجها المهاجمون أو عن طريق تعطيل مستويات المتابعة اللازمة للحفاظ على زخم الهجوم.

ويمكن للصواريخ المضادة للطائرات أن تدافع عن دولة من القوات الجوية الغازية، ولكن يمكنها أيضًا حماية القوات البرية الغازية من القوة الجوية للمدافع.

الحرب الحديثة تجمع بين أنواع مختلفة من الأسلحة

أما الإشكالية الثانية، فتُفيد بأنه نادرًا ما تستخدم الجيوش سلاحًا وحيدًا أو منفردًا في المعارك الحديثة، لأن الغلبة باتت للأسلحة المشتركة منذ عام 1917، والتي تتطلب دمج الأسلحة الهجومية ظاهريًا مثل الدبابات مع الأسلحة الدفاعية ظاهريًا مثل المشاة للنجاح ضد الخصوم.

الدفاع عن النفس يتطلب الأسلحة الهجومية والدفاعية

وتتمحور الإشكالية الثالثة حول أن أي عملٍ عسكري على المستوى الوطني يتضمّن كلًّا من الهجوم والدفاع على المستوى التكتيكي، حيث يهاجم الغزاة عادةً في نقطة مختارة؛ لكنهم يدافعون في مكان آخر. وعادةً ما يدافع المدافعون عند نقطة هجوم الغزاة، لكنهم غالبًا ما يشنّون هجومًا مضادًا على أجنحة الغزاة، كما فعلت أوكرانيا في خاركيف وأماكن أخرى.

ويمكن للغزاة أن يكسبوا الأرض في وقت مبكر من المعركة، ما يستلزم من المدافعين القيام بهجومٍ مضادٍ إذا أرادوا استعادة ما فقدوه.

أي عمل عسكري على المستوى الوطني يتضمّن كلًّا من الهجوم والدفاع على المستوى التكتيكي - غيتي

طريقة استخدام الجيوش للأسلحة تؤثر في أساليبهم

وتكمن الإشكالية الرابعة في أن تأثيرات أي سلاح تتشكّل بقوةٍ من خلال مجموعة من المتغيّرات غير المادية، ولا سيما مهارات مستخدميها وأساليبهم.

وتُغرق الاختلافات في التكتيكات والمهارات والدوافع الآثار العسكرية لمعظم الاختلافات في الأسلحة أو المعدات.

وأحدثت تقنيات الدبابات والطائرات والاتصالات اللاسلكية التي يعتقد البعض أنها أثمرت انتصارات هجومية في حرب عامي 1939 و1940، حالة من الجمود في وقت لاحق من الحرب بعد أن تكيّف المدافعون معها.

وبحلول منتصف الحرب العالمية الثانية، استطاع المدافعون الذين تغيّرت أساليبهم منذ عام 1940، ردّ بعض أكبر هجمات الدبابات في التاريخ في مدينة كورسك الروسية عام 1943 أو عملية غودوود عام 1944، على أعقابها. وتُعدّ المعدات مهمة، لكن كيفية استخدامها أكثر أهمية.

المصادر:
العربي - ترجمات
شارك القصة