السبت 16 نوفمبر / November 2024

مواقع الدردشة بالذكاء الاصطناعي.. هل انتهى عصر محرك البحث "غوغل"؟

مواقع الدردشة بالذكاء الاصطناعي.. هل انتهى عصر محرك البحث "غوغل"؟

شارك القصة

فقرة من "تواصل" تعرض الجدل الذي أثاره الذكاء الصناعي بعدما تمكن برنامج "شات جي بي تي" من النجاح في امتحان جامعة أميركية (الصورة: غيتي)
يشهد عالم التكنولوجيا تحوّلًا كبيرًا في مجال البحث على الإنترنت، حيث تلهث شركات التكنولوجيا الآن وراء تطوير محركات البحث لتعتمد على الذكاء الاصطناعي.

قبل 25 عامًا، كان محرّك البحث "ألتا فيستا" (Alta Vista) أول محرك بحث على الإنترنت، قبل أن يزيحه "غوغل" الذي سيطر على هذا المجال في معظم أنحاء العالم خلال كل هذه السنوات.

وجعل "غوغل" شركة "ألفابيت" واحدة من أكثر الشركات قيمة في العالم، إذ بلغت عائداتها 283 مليار دولار عام 2022، بقيمة سوقية تبلغ 1.3 تريليون دولار.

لكن مجلة "إيكونوميست" أكدت أن لا شيء يدوم للأبد، ولا سيما في مجال التكنولوجيا، والدليل على ذلك هو شركات مثل  "أي بي أم"، التي كانت تحكم حوسبة الأعمال ذات يوم، أو "نوكيا"، التي كانت ذات يوم رائدة في مجال الهواتف المحمولة، إلا أنّهما لم تصمدا في مواجهة التحولات التكنولوجية الكبيرة.

وأشارت المجلة إلى تحوّل كبير في مجال البحث على الإنترنت حيث تلهث شركات التكنولوجيا الآن وراء تطوير محركات البحث لتعتمد على الذكاء الاصطناعي.

وتتيح روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، جمع المعلومات عبر المحادثات المكتوبة.

ويقود هذا المجال تطبيق "تشات جي بي تي" (Chatgpt)، الذي ابتكرته شركة "أوبن أيه أي" الناشئة، واستقطب أكثر من 100 مليون مستخدم بحلول نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، أي بعد شهرين فقط من إطلاقه، مما يجعله "أسرع التطبيقات نموًا في التاريخ"، وفقًا لمجموعة "يو بي أس" الاستثمارية.

وبالفعل، يتمّ استخدام الذكاء الاصطناعي في العديد من المنتجات، ولكن "تشات جي بي تي" وضع هذا الذكاء في مركز الصدارة، من خلال السماح للمستخدمين بالدردشة معه مباشرة، ليشرح مفاهيم معقّدة، أو يلخص نصًا، أو يكتب مقالًا، أو بحثًا، أو حتى أشياء أخرى. كما يمكنه حتى (بشكل ضيق) اجتياز الاختبارات القانونية والطبية.

إصدارات متنوّعة

وبعد النجاح الساحق لـ"تشات جي بي تي"، تُحاول الشركات المنافسة اقتناص زمام المبادرة. ففي السابع من فبراير، كشفت شركة "مايكروسوفت"، التي استثمرت 11 مليار دولار في "أوبن أيه أي" عن إصدار جديد من محرّك بحثها "بينغ" يتضمن "تشات جي بي تي".

ويرى ساتيا نادالا، الرئيس التنفيذي لشركة "مايكروسوفت"، أن هذه فرصته لمنافسة "غوغل" من خلال إصدار "بينغ" الجديد.

من جانبها، أعلنت "غوغل" عن روبوت محادثة خاص بها باسم "بارد" (Bard)، يعمل إلى جانب محرك البحث الخاص بها. كما استثمرت 300 مليون دولار في شركة "أنثروبيك" الناشئة التي أسّسها موظفون سابقون في "أوبن أيه أي"، التي قامت ببناء روبوت محادثة باسم "كلود" (Claude).

كما قفز سعر سهم محرك البحث "بايدو" (Baidu)، المعروف باسم "غوغل الصين" (Google of China)، بمجرد إعلانها عن إطلاق برنامج دردشة باسم "إيرني" (Ernie)، في مارس/ آذار المقبل.

لكن المجلة شككّت في إمكانية الوثوق ببرامج الدردشة الآلية، وما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيضع تلك الشركات الناشئة في القمة.

وأكدت أن الإجابة على هذه التساؤلات يعتمد على الخيارات الأخلاقية، وتحقيق الدخل، واقتصاد الاحتكار.

وأوضحت أن الضجة التي يثيره "تشات جي بي تي"، إلا أنه يثير ايضًا تساؤلات حول الرقابة والموضوعية والحقيقة، مضيفة أنه على عكس محرّكات البحث، التي توجّه الأشخاص في الغالب إلى صفحات أخرى ولا تدّعي صحتها، تقدّم روبوتات المحادثة إجاباتها على أنها "حقيقة منزلة"، رغم أنها تقدّم أحيانًا إجابات غير دقيقة أو متحيّزة، بناء على ما تجده في شبكة الإنترنت.

هل تجني شركات التكنولوجيا الأموال من هذه الابتكارات؟

وأوضحت أن "أوبن أيه أي" تُصدر إصدارًا متميّزًا من "تشات جي بي تي"، يكلّف 20 دولارًا شهريًا للوصول السريع، حتى في أوقات الذروة. 

أما "غوغل" و"مايكروسوف"، اللتان تبيعان بالفعل الإعلانات على محرّكات البحث الخاصّة بهما، فستعرضان الإعلانات جنبًا إلى جنب مع ردود "تشات بوت".

وعلى سبيل المثال، إذا سألت عن نصائح للسفر، ستجد إعلانات لها صلة بهذا الموضوع، لكن نموذج العمل هذا قد لا يكون مستدامًا، إذ يتطلب تشغيل روبوت المحادثة قوة معالجة أكبر من تقديم نتائج البحث، وبالتالي يكلف أكثر، مما يقلّل هوامش الربح.

ولذلك تتوقّع المجلة أن تظهر نماذج أخرى من عمليات جني الأرباح، على غرار فرض رسوم أكبر على المعلنين مقابل القدرة على التأثير في الإجابات التي تقدّمها روبوتات المحادثة، أو تضمين روابط لمواقعهم الإلكترونية في الردود، أو تقديم توصية لمنتجات معينة بناء على احتياجاتك.

قد تكون برامج الدردشة المستقبلية أكثر استعدادًا لتقديم توصية. ولكن هل سيستخدمها الناس إذا تمّ المساس بموضوعيتهم من قبل المعلنين؟ 

ورجّحت المجلة أن تتحسّن قدرات روبوتات المحادثة وتتطوّر مع الوقت، وقد تُصبح واجهة لجميع أنواع الخدمات، مثل إجراء حجوزات الفنادق أو المطاعم، خصوصًا إذا تم تقديمها كمساعدين صوتيين مثل "سيري" و"أليكسا".

وبينما تجذب الشركات الناشئة اليوم، مثل "أوبن أيه أي"، و"أنثروبيك"، الكثير من الاهتمام والاستثمار من "غوغل" و"مايكروسوفت"، فإنّ الشركات الأصغر لديها فرصة للمنافسة في هذا المجال الجديد، وفقًا للمجلة.

وتوقّعت المجلة أن تتعرض الشركتان الناشئتان لضغوط كبيرة لبيعهما.

ولكن ماذا لو طوّرت شركة "chatbot" حديثة النشأة تقنية فائقة ونموذج عمل جديد، وأصبحت هي محرك البحث الجديد؟

أكدت المجلة أن "هذا ليس بعيد، فهو ما فعلته غوغل في السابق"، مضيفة أن روبوتات الدردشة تثير أسئلة صعبة، لكنها توفر أيضًا فرصة لجعل المعلومات عبر الإنترنت أكثر فائدة وسهولة في الوصول إليها، تمامًا كما حدث في تسعينيات القرن الماضي، عندما ظهرت محركات البحث لأول مرة.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - ترجمات
تغطية خاصة