فتحت وزارة العدل الأميركية تحقيقًا بشأن عملية تسريب أكثر من 100 وثيقة سرية للغاية تتضمن عملية تقييم وتقارير استخباراتية، مع جداول زمنية وعشرات الاختصارات السرّية المرتبطة بالحرب في أوكرانيا، وتحليلات أخرى تُثبت قيام الولايات المتحدة بعمليات تجسس على حلفائها.
وبعد انتشارها على وسائل التواصل الاجتماعي وقيام عدد من وسائل الإعلام الأميركية بنشرها، سارع مساعد وزير الدفاع للشؤون العامة الأميركية للقول: "إن التسريبات تشكّل خطرًا جسيمًا على الأمن القومي الأميركي، وإن لكشفها تداعيات كبرى، ليس فقط على الأمن الأميركي بل قد يؤدي إلى خسارة مزيد من الأرواح".
معلومات حساسة عن الحرب في أوكرانيا
وكشفت الوثائق الأميركية المسربة، التي يرجع بعضها إلى 6 أسابيع فقط، معلومات حساسة عن الحرب في أوكرانيا.
إذ تشير هذه التقارير إلى الخسائر التي تكبدها الجانبين الأوكراني والروسي ونقاط قوتهما عسكريًا إضافة إلى الوضع على جبهات القتال والجهود الدولية التي تُبذل لتعزيز قدرة كييف العسكرية.
ليس هذا فحسب، بل تشير الوثائق أيضًا إلى قيام واشنطن بعمليات التجسس على حلفائها، من إسرائيل حيث تم تسريب أن قادة في الموساد شجّعوا موظفي الجهاز على المشاركة في التحركات الاحتجاجية ضد التعديلات القضائية، وصولًا إلى كوريا الجنوبية والضغط الذي يُمارس عليها أميركيًا لتزويد أوكرانيا بالأسلحة، وهو أمر ترفضه سول.
صفقة مصرية روسية
كما أشارت هذه الوثائق إلى عمل القاهرة على إنتاج وتصنيع نحو 40 ألف صاروخ لتزويد روسيا بها بشكل سري.
وأمام حجم المعلومات التي كشفتها الوثائق المسربة، تضاربت الآراء الأميركية بين نفي صحتها وتأكيد ذلك.
وثيقة أميركية مسربة.. #مصر تخطط سرا لإنتاج 40 ألف صاروخ لصالح #روسيا #تواصل pic.twitter.com/ZijDHohDhf
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) April 11, 2023
وردّ الحلفاء على ما انتشر. ورغم نفيهم صحته أيضًا، إلّا أنهم يخفون امتعاضًا واضح المعالم، وقد يحتاج الأمر وقتًا لإعادة ترميم الثقة بينهم وبين واشنطن.
تسريب خطير
وحول مدى خطورة تسريب الوثائق، يؤكد ضابط الاستخبارات والباحث في شؤون السياسة الخارجية الأميركية مايكل بريجنت أنه خطير جدًا، حيث نتحدث عن وثائق توضح أن الولايات المتحدة تتجسس على حلفائها، اثنان منهم في الشرق الأوسط.
ويقول في حديث إلى "العربي" من واشنطن: "إنه أمر مقلق أن يكون حليفان للولايات المتحدة في الشرق الأوسط يعملان لصالح روسيا بحسب الوثائق".
وإذ يلفت إلى الخطر الذي يمثله التسريب على الأمن القومي الأميركي، يضيف بريجنت: "حين يتعلق الأمر بإسرائيل فإن هذا يشعل حربًا بين إدارة بنيامين نتنياهو والموساد".
ويلفت بريجنت إلى أن حلفاء واشنطن يتساءلون عن مدى تعرض اتصالاتهم السرية مع واشنطن للخطر.
شكوك حول الوثائق
من جانبه، يعتبر الكاتب الصحافي أندريه مورتازين أن الوثائق المسربة لا تتضمن أي سر عسكري لأنها قديمة وتعود إلى شهر فبراير/ شباط الماضي.
ويقول في حديث إلى "العربي" من موسكو: "هناك الكثير من الشكوك حول الأرقام الواردة في هذه الوثائق".
ويرى أن الأرقام حول عدد القوات الأوكرانية الموجودة على الجبهة وعدد القتلى بينهم ليس سرًا بالنسبة للاستخبارات الروسية.
ويرى مورتازين أن الحديث عن تزويد مصر لروسيا بالأسلحة أمر مضحك، فلطالما كانت موسكو هي من يزوّد القاهرة بالأسلحة والصواريخ.
تسريبات مجهولة المصدر
وحول مكامن الخلل التي تجعل تسريب الوثائق أمرًا يتكرر مع تعاقب الإدارات الأميركية، يشير الخبير الأمني والإستراتيجي بول جيبسون إلى أن أسباب التسريب وآليته مجهولة.
ويشير جيبسون، في حديث إلى "العربي"، إلى أن هذه الوثائق تضر بالولايات المتحدة الأميركية وحلفائها الخائفين من مشاركة أي معلومات.
ويرى أنه غالبًا ما تأخذ قضية التسريبات وقتًا طويلًا ولا يُصار إلى كشف الجهة المسؤولة عنها في نهاية المطاف.