اكتشفت السفينة الشراعية العلمية "تارا أوسيان" مجموعة فيروسات غامضة منتشرة في المحيطات بصورة كبيرة، ويُحتمل أن تكون قريبة من فيروس الهربس.
وأفادت دراسة نُشرت اليوم الأربعاء، بأنّ هذه الفيروسات المُسمّاة "ميروس فيروس" ("ميروس" تعني "غامض" باللاتينية) والتي تنتمي إلى فيروسات الحمض النووي الريبي (فيروسات الـ"دي إن إيه")، تنتشر على سطح البحار والمحيطات في العالم، من خط الاستواء وصولًا إلى القطبين، وتُصاب بها العوالق.
وقال عالم الأحياء ومُعدّ الدراسة الرئيسي توم ديلمون إنّ ما اكتُشف "يأتي بين الفيروسات العملاقة التي تنتشر بكثرة أيضًا في المحيطات، وتُصيب الكائنات وحيدة الخلية فقط".
وجرى التوصّل إلى الاكتشاف في المركز الوطني الفرنسي للتسلسل الوراثي (جينوسكوب) في منطقة إيفري بضواحي باريس، حيث جرى وضع تسلسل للجينات التي جمعتها "تارا أوسيان".
وقال ديلمون، وهو متخصّص في علم البيئة الميكروبية، في حديث إلى وكالة فرانس برس "كنا نستكشف الكمية الهائلة من بيانات المهمة العلمية التي استمرّت بين عامي 2009 و2013، وتشمل 300 مليار تسلسل حمض نووي، عندما رصدنا إشارة تطوّرية غير عادية".
وكانت هذه الإشارة تابعة لجين محدّدٍ تحمله فيروسات عملاقة والـ"ميروس فيروس".
Cette découverte publiée dans @Nature permet d'apprécier l’étendue de la #biodiversité océanique et l’importance des #virus dans l'Océan. Ils ont une histoire évolutive étonnante, à mi-chemin entre virus de l’herpès/virus géants ! Pour en savoir +➡️ https://t.co/6H3o2kmVyg
— Fondation Tara Océan (@TaraOcean_) April 20, 2023
وقال الباحث: "كان الأمر بمثابة عثورنا بواسطة جهاز الكشف عن المعادن، على كنز على شاطئ رملي كبير".
وبعد سنوات عدة من التحاليل، تمكّن العلماء التابعون لاتحاد "تارا أوسيان" والمتعاونون معهم من تحديد سمات هذه المجموعة الجديدة من الفيروسات المعقّدة والمتنوّعة جدًا.
وسيُتيح الاكتشاف فهم التنوّع البيولوجي للمحيطات، وأهمية الفيروسات في هذه النظم الإيكولوجية بصورة أفضل.
وقال ديلمون: "لا ننظر إلى الفيروسات إلّا على أنها أمراض، لكنّ وجودها في المحيطات مسألة طبيعية ومفيدة، على غرار وجود أنواع من الميكروبات في أمعاء البشر".
وأوضح أنّ هذه الفيروسات "تُصيب الخلايا وتدمّرها، ما يؤدي إلى انتشار العناصر الغذائية في النظام الإيكولوجي، وهو ما يُتيح تجديد نشاط العوالق".
وتتمتّع هذه الفيروسات بتاريخ تطوّري مذهل، لأنّ تركيبة مجينها (جينها) المميّز تُشير إلى أنّها من سلالة "قريبة" من الهربس.
وتنتشر فيروسات الهربس لدى الحيوانات، وتُصيب أكثر من نصف سكان العالم، إلا أنها لا تطال الكائنات البحرية وحيدة الخلية، وهو ما يثير تساؤلًا لدى الباحثين.
وقال ديلمون: "يمكن أن يكون التفسير كالتالي: بفضل فيروسات ميروس فيروس، يمكن تخيّل ما كان عليه الفيروس الذي استوطن المحيطات قبل الهربس، ويمكن أن يكون قد أصاب الكائنات وحيدة الخلية في المحيطات منذ ملايين السنين، قبل أن يصبح فيروسًا يُصيب الحيوانات فقط".