بعد 11 عامًا ونصف العام من تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية، توافق وزراء الخارجية العرب خلال اجتماع استثنائي عُقد في القاهرة على استئناف مشاركة وفود حكومة النظام السوري في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها.
وأفادت أنباء بأن القرار اتخذ بالتوافق خلال اجتماع مغلق عقده الوزراء، مع تسجيل بعض الدول تحفظاتها عليه.
الحاجة لخطوات عملية نحو حل الأزمة
وبالإضافة إلى قرار استئناف المشاركة السورية في اجتماعات الجامعة العربية، أسفر اجتماع وزراء الخارجية كذلك عن خمسة قرارات أخرى، أبرزها التأكيد على ضرورة اتخاذ خطوات عملية وفاعلة للتدرج نحو حلّ الأزمة السورية، وفق مبدأ الخطوة مقابل الخطوة.
وفي معرض تعليقه على الموضوع، أشار وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى وجود اتفاق عربي على ضرورة الحوار المباشر مع الحكومة السورية للتوصل إلى حل شامل للأزمة.
وجاء قرار وزراء الخارجية العرب قبل أيام من انعقاد القمة المقبلة التي تستضيفها مدينة جدة السعودية في 19 من الشهر الجاري.
وفي هذا السياق، ليس واضحًا بعد ما إذا كان رئيس النظام بشار الأسد سيحضر القمة العربية المقبلة شخصيًا أو سيوفد من ينوب عنه.
حراك عربي
وجاء قرار استئناف مشاركة النظام السوري في اجتماعات الجامعة العربية عقب حراك قادته مؤخرًا بعض الدول العربية، وسط تبادل مسؤوليها الزيارات مع نظرائهم من النظام السوري.
#عاجل | الخارجية القطرية: موقف دولة #قطر من التطبيع مع النظام السوري لم يتغير pic.twitter.com/EGvfU4BIL3
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) May 7, 2023
كما تأتي هذه الخطوة عقب اجتماع تشاوري عُقد الأسبوع الماضي في العاصمة الأردنية عمان بشأن سوريا، وضم وزراء خارجية كل من الأردن والسعودية والعراق ومصر، بالإضافة إلى وزير خارجية النظام السوري.
"الحاجة لعودة سوريا لمحيطها العربي"
في هذا السياق، يوضح مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق للشؤون العربية وشؤون الدول الجوار محمد بدر الدين زايد، أن "موضوع عودة النظام السوري إلى منظومة جامعة الدول العربية مطروح منذ عدة سنوات، وأن النقاش يدور في كثير من الأوساط العربية الفكرية والدبلوماسية".
ويشير في حديث إلى "العربي" من القاهرة إلى أنه "لم يحدث منذ توقف الصراع العسكري أي حلحلة للأوضاع في سوريا لكي نقول إن عودة سوريا الآن ستعطل هذا الحراك السياسي".
كما يلفت زايد إلى عدد من الملفات المفتوحة في المسألة السورية، "ومنها إعادة تطبيع الأوضاع السياسية في المجتمع السوري وعودة النازحين وإعادة الإعمار واستقلال الدولة السورية في ضوء وجود قوات أجنبية على أراضيها".
ويعتبر أن "عودة سوريا إلى محيطها العربي هو أفضل ضمان لمحاولة تغيير المعادلات القائمة، وأن استمرار عزلها عن محيطها لن يحسن أوضاع النازحين خارج سوريا".
"طعنة للشعب السوري"
من جهته، يعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت عبد الله الشايجي أن "النظام السوري لا يزال هو نفسه".
ويرى الشايجي، في حديث إلى "العربي" من الكويت، أن ما يجري هو "طعنة للشعب السوري".
ويأسف الشايجي لما "نشهده من تعويم هذا النظام الذي ارتكب جرائم حرب وطرد وهجّر نصف شعبه بين لاجئ ومشرد".
ويتساءل الشايجي حول الرسالة "التي ترسلها الحكومات العربية إلى الشعوب العربية التي ترزح تحت وطأة الأنظمة القمعية، وعن تأثير وأهمية جامعة الدول العربية التي فشلت في حل جميع الأزمات العربية".
موقف المعارضة السورية
أمّا الرئيس السابق للائتلاف الوطني السوري نصر الحريري فيرى أن "البوصلة واضحة بالنسبة لنا كسوريين خرجنا بمطالب محقة وقدمنا تضحيات كبيرة ولم نتوان للحظة في بذل أي جهد للوصول إلى حل سياسي انتقالي".
ويقول الحريري في حديث إلى "العربي" من اسطنبول: "عندما تم تعليق العضوية ربما كانت المشكلة سورية فقط، لكنها اليوم أكبر من ذلك بكثير".
ويؤكد الحريري أن "الشعب السوري يعرف طبيعة النظام وماهيته وسكت عنه طيلة 5 عقود وقدم تضحيات جسيمة".
ويلفت إلى أن "أي خطوة تصب في مجال الانتقال الديمقراطي في سوريا ستكون محل ترحيب وتفاعل من قوى الثورة والمعارضة".