الخميس 21 نوفمبر / November 2024

ذاكرة النكبة.. كيف نجح الفلسطينيون في تأريخ أحداث عام 1948؟

ذاكرة النكبة.. كيف نجح الفلسطينيون في تأريخ أحداث عام 1948؟

شارك القصة

حلقة من برنامج "قراءة ثانية" تلقي الضوء على مساعي الفلسطينيين في جمع ذاكرتهم وتاريخهم (الصورة: غيتي)
لم يترك الفلسطينيون ثقافتهم وذاكرتهم عن النكبة تسلب منهم، بل سعوا إلى أرشفة تاريخهم والبحث عن وثائق من هنا وهناك لجمعها.

لم تكتفِ الصهيونية بسطوها على فلسطين عام 1948 باقتلاع البشر من أرضهم، بل سعت في خضم الحرب لسرقة أرشيف الصور والوثائق والمقتنيات الشخصية.

ولتحقيق هذه الغاية، نهبت العصابات الصهيونية المكتبات العائلية في فلسطين، كمكتبات عائلات الخالدي والنشاشيبي وغيرها، في حادثة أشار إليها المؤرخ آدم راز في كتابه "نهب الممتلكات العربية في حرب 1948"، الذي كشف كيف تمت السرقات وفق سياسة صهيونية ممنهجة.

تمسك فلسطيني بالتاريخ

فيما بعد، عرضت المواد المسروقة في المكتبة الوطنية الإسرائيلية، تحت عبارة "ممتلكات متروكة"، سعيًا من إسرائيل بحسب "غيش عميت" في كتابه "بطاقة ملكية"، إلى زيادة مخزونها من الكتب وترقية مكانة مكتبتها على حساب ميراث الفلسطينيين.

إلا أن الفلسطينيين لم يتركوا تاريخ حواضرهم وثقافتهم وذاكرتهم عن النكبة تسلب منهم، بل سعوا بمجرد الاستفاقة من هول صدمة الحرب والتهجير، إلى أرشفة تاريخهم والبحث عن وثائق من هنا وهناك لجمعها، ولملمة روايات من عاصروا تاريخ البلاد والحرب.

فظهر التاريخ الشفوي الفلسطيني الذي طوّرت من خلاله مناهج وأساليب لاستنطاق الحكاية من كبار السن والشخصيات الفاعلة، كما فعلت منظمة التحرير في مركز الأبحاث الذي نهبه الإسرائيليون في اجتياح بيروت عام 1982.

ومن الفلسطينيين من كتب مذكراته عن الحياة في فلسطين قبل الحرب، كالمعلم خليل السكاكيني وعارف العارف، فكانت مادة غنية عن مدى حداثة هذا المجتمع قبل الصهيونية.

وفي السياق نفسه، انشغل آخرون كعصام نصار واسطفان شيحا في كتاب "كاميرا فلسطين" بجمع صور واصف جوهري، التي تستعرض الأحداث التاريخية الكبرى وتطور نمط الحياة البرجوازية الحضرية في الحقبة العثمانية والاستعمار البريطاني في المدن الفلسطينية.

وقد تابعت عملية صون وحفظ ذاكرة الفلسطينيين مؤسسات ومراكز وأفراد عبر جمع كل ما هو متاح، وخوض صراعات في المحاكم الإسرائيلية للكشف عن الأرشيف، كمؤسسة الدراسات الفلسطينية والمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، عبر رعاية مشاريع معينة، كنشر المذكرات الفلسطينية وإطلاق مواقع إلكترونية تعنى بذاكرة فلسطين.

أهمية التاريخ الشفوي

في هذا السياق، يرى المؤرخ والأكاديمي عادل مناع، أن هناك فرقًا في تاريخ المدن الفلسطينية التي تم احتلالها عام 1948، وتلك التي احتلت عام 1967.

ويشير مناع، في حديث من مكاتب "العربي" في لوسيل، إلى أن "المدن التي احتلت عام 1948 شهدت تطهيرًا عرقيًا وتغييرًا ديمغرافيًا وجغرافيًا، ما جعل موضوع تأريخ الأحداث فيها أكثر صعوبة".

ويقول: "مهمة الحفاظ على الذاكرة وإعادة تاريخ المكان والإنسان في هذه المنطقة أصعب من باقي الأراضي الفلسطينية، خصوصًا بسبب تهجير أهلها".

وعن استخدام التأريخ الشفوي، يوضح مناع أن "هذا المنهج هو مدرسة بعينه، واستخدم في التأريخ لفلسطين في ظل غياب أرشيفات رسمية".

ويضيف: "تم اكتشاف وتطوير المعرفة باستغلال التاريخ الشفوي دون التركيز والاعتماد على هذا النوع، بل عبر دمجه مع مصادر أخرى لتعزيز الرواية الفلسطينية".

توحيد الشعب الفلسطيني

من جهته، يوضح الأكاديمي ورئيس تحرير مجلة "حوليات القدس" سليم تماري أن "احتلال عام 1967 وحّد الشعب الفلسطيني في كل المدن وأعاد اللحمة وساعد في تبادل الخبرات والذكريات بين الفلسطينيين".

ويقول تماري في حديث من مكاتب "العربي" في لوسيل: "برز جيل جديد من الباحثين والأكاديميين الذين استطاعوا إعادة تركيب وتفسير ما حصل باستخدام الأرشيف الشفهي".

ويضيف: "الأرشيف الصهيوني غني جدًا لناحية ما نهبوه في الحرب، والبعض استفاد من ذلك لإنشاء مدارس جديدة في كتابة التاريخ الفلسطيني".

ويتابع قائلًا: "الأجيال التي واكبت النكبة بدأت تختفي في السبعينيات والثمانينيات بسبب التقدم في العمر، وفي هذه اللحظة بدأ المؤرخون باستخدام التاريخ الشفوي لكتابة ما حصل في النكبة".

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close