الإثنين 16 Sep / September 2024

من تونس إلى السودان.. هل باتت الوطنية حكرًا على المؤسسة العسكرية؟

من تونس إلى السودان.. هل باتت الوطنية حكرًا على المؤسسة العسكرية؟

شارك القصة

متظاهرون ضد الانقلاب العسكري في السودان
متظاهرون ضد الانقلاب العسكري في السودان (غيتي)
اختارت القيادة العسكرية في السودان "التوقيت المناسب" لإزاحة المدنيين تحت مبرّر تهديد القوى المدنية للأمن، وأن الجيش هو الضامن الوحيد لمصلحة السودان.

شهدت تونس والسودان تطورات سياسية متسارعة أعادت عقارب الساعة إلى الوراء في البلدين ووضعت الجيش، خصوصًا في الخرطوم، كسلطة أمر واقع.

فقد أمسكت المؤسسة العسكرية بمقاليد الحكم، وأزاحت المكوّن المدني من مراكز صناعة القرار عبر ما وُصِف بأنّه انقلاب عسكري.

ويبدو أنّ قيادة الجيش استثمرت في تذمّر السودانيين من تداعيات الأزمة الاقتصادية وحالة الانقسام السياسي.

هكذا، اختارت التوقيت المناسب لإزاحة المدنيين تحت مبرّر تهديد القوى المدنية للأمن والسلم في البلاد، وأن الجيش هو الضامن الوحيد لمصلحة السودان.

إزاء ذلك، تُطرَح علامات استفهام بالجملة، فهل باتت صفة الوطنية حكرًا على المؤسسات العسكرية والأمنية في إدارة الشؤون السياسية؟

ما حدث في السودان "ليس انقلابًا"

يرى اللواء المتقاعد والخبير العسكري عبد الهادي عبد الباسط أنّ ما حدث في السودان ليس انقلابًا لأن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان هو القائد العام ورئيس مجلس السيادة، وبالتالي لا يمكن أن ينقلب على نفسه، "وواجبه يحتّم عليه إذا رأى انحرافًا وترديًا في الفترة الانتقالية أن يصحح هذا الوضع".

ويشير عبد الباسط في حديث إلى "العربي" من الخرطوم، إلى أنّ ما حدث ببساطة أنّ القوات المسلحة هي التي لجأ إليها المتظاهرون في ديسمبر/ كانون الأول 2019، وقادت مفاوضات مع أحزاب الحرية والتغيير للوصول إلى حكومة مدنية وفق وثيقة دستورية واتفاق سياسي.

لكنّه يعتبر أنّ ما حصل خلال السنتين الفائتتين أنّ حكومة عبد الله حمدوك "خانت" هذه الوثيقة الدستورية، مضيفًا: "هذه الوثيقة نصّت بصورة واضحة على أن تدير الفترة الانتقالية حكومة مستقلة غير حزبية، وكان هذا أهمّ بند في الوثيقة الدستورية والاتفاق السياسي".

ويشير إلى أنّه "بعد أن ضمنت هذه الأحزاب توقيع المؤسسة العسكرية، انقلبت على هذه الوثيقة وقامت بتشكيل حكومة محاصصات حزبية ارتكبت أخطاء ضخمة جدًا في حق البلاد وتردت بالاقتصاد".

ويضيف: "لذلك بعد مراقبة شديدة جدًا من المؤسسة العسكرية وبعد عدد من النصائح للحكومة حتى تعود إلى الوثيقة الدستورية لم تفعل ذلك مما اضطر القوات المسلحة لإحداث هذا التغيير".

"انقلاب داخل الانقلاب"

في المقابل، يجزم الخبير في الشؤون السياسية السودانية خالد التيجاني بأنّ ما حدث بالمصطلح الفني هو ما يمكن وصفه بانقلاب داخل الانقلاب.

ويشرح في حديث إلى "العربي" من الخرطوم، أنّ الانقلاب من ناحية فنية هو استخدام أي نوع من القوة وبخاصة القوة العسكرية لتغيير المعادلة والواقع السياسي.

ويلفت إلى أنّ "هناك انقلابًا عسكريًا بدأ منذ 11 أبريل/ نيسان 2019 عندما تدخلت قيادة القوات النظامية وأطاحت بالرئيس السابق عمر البشير".

ويشير إلى أنّ ذلك أتى في إطار الثورة الشعبية التي استغرقت نحو خمسة أشهر وتمّ حسمها بتدخل الجيش، "لكن من ناحية فنية ما حدث هو حقيقة انقلاب عسكري على النظام السابق".

إلا أنّه يلاحظ أنّ هذا الانقلاب اعتُبر وقتها من قبل المدنيين تدخلًا حميدًا وكان مطلوبًا لذاته لتغيير النظام، كما لم يكن هناك ما يمكن وصفه باعتراض على مبدأ تدخل الجيش في تغيير المعادلة السياسية.

ويرى أنّ الأمر اختلف مع الأحداث الأخيرة، حيث أصبح المكون العسكري جزءًا من عملية سياسية وفق اتفاق سياسي. ويشدّد على أنّ استخدام الجيش للقوة المسلحة لتغيير المعادلة الراهنة بغض النظر عن مبررات ذلك هو بالمصطلح الفني أيضًا انقلاب داخل الانقلاب.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
تغطية خاصة
Close