وصفت مسؤولة أممية عائدة من زيارة للسودان معاناة نساء وفتيات نزحن هربًا من الحرب المتواصلة منذ 17 شهرًا، مندّدة بتجريدهن "من كل ضرورياتهن الأساسية" ومواجهتهن نقصًا حادًا في الأغذية والمياه والأمان.
وقالت المديرة الإقليمية لصندوق الأمم المتحدة للسكان للدول العربية ليلى بكر: "نعلم جميعًا أن الحرب بشعة، لكن هذا واحد من أبشع الأوضاع التي شهدتها في مسيرتي المهنية".
"النزاع يضرب بقوة قلب السودان"
وأضافت بكر أمس الجمعة: "تخيلوا الآلاف من النساء مكتظات في ملجأ، حيث ليس لديهن مياه نظيفة، ولا نظافة، ولا طعام كافٍ لوجبتهن التالية، ولا رعاية طبية لهؤلاء النساء النازحات".
والحرب المندلعة في السودان منذ أبريل/ نيسان 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، أوقعت عشرات آلاف القتلى وأدت، وفق الأمم المتحدة، إلى واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم.
ونزح أكثر من عشرة ملايين شخص داخل السودان أو لجأوا إلى البلدان المجاورة منذ اندلاع المعارك، بحسب أرقام الأمم المتحدة.
وأشارت بكر "إلى أن النزاع يضرب بقوة قلب السودان"، مندّدة بنقص في تمويل جهود الدعم الإنساني.
ومن الأردن، أطلعت بكر الصحافيين في مقر الأمم المتحدة في نيويورك عبر الفيديو على ما شهدته خلال زيارتها إلى السودان.
"تعرضت للاغتصاب"
وروت المسؤولة الأممية مجريات لقائها امرأة تبلغ 20 عامًا في مركز إيواء مكتظ في بورتسودان.
وقالت بكر: "كانت خجولة، طلبت منها أن تجلس بجانبي"، وأضافت: "روت لي ما حدث وهي تهمس في أذني بلطف شديد، أنها تعرضت للاغتصاب".
وتابعت بكر بصوت متهدّج إن الشابة النازحة زينب "تعرضت للاغتصاب أثناء فرارها من منزلها في الخرطوم، حيث فقدت كل شيء. كانت هي المعيلة الوحيدة لأسرتها، وهذه امرأة تبلغ من العمر 20 عامًا وكان ينبغي أن تكون في أوج نشاطها وحياتها"، وفق الموقع الإلكتروني للأمم المتحدة بالعربية.
وأضافت بكر: "لقد عانت (زينب) 15 شهرًا من الصمت والألم حتى أتت إلى ذلك المركز. وهناك تمكنت من الحصول على المشورة النفسية الاجتماعية".
ودعت بكر إلى تعزيز جهود الدعم، لافتة إلى أنها شاهدت "حاضنات أطفال تغصّ" بالرضع، أحيانًا برضيعين أو ثلاثة معًا، وغرف عمليات تفتقر لأبسط وسائل مكافحة العدوى ومخزون محدود للأدوية.
وقالت إنها من خلال لقاءاتها مع النساء في السودان وما استمعت إليه منهن مباشرة "فإن ما يرغبن فيه أكثر من أي شيء آخر، أكثر من الماء، وأكثر من الطعام، هو الحماية الفورية من الحرب المستعرة".
وفي يوليو/ تموز الفائت، أطلقت المبادرة الإستراتيجية لنساء القرن الإفريقي "صيحة" تقريرًا صادمًا يوثق أكثر من 250 حالة اغتصاب في السودان، منها 75 حالة في ولاية الجزيرة وحدها، ارتكبتها قوات الدعم السريع.
وأكّد التقرير استخدام قوات الدعم السريع الاغتصاب والعنف الجنسي سلاحًا ضد المدنيين في ولاية الجزيرة في الفترة من ديسمبر/ كانون الأول 2023 إلى أبريل/ نيسان 2024.
وحينها قالت المسؤولة الإقليمية للمبادرة الإستراتيجية لنساء القرن الإفريقي "صيحة" هالة الكارب، بعض الضحايا يقررن الانتحار بعد حالة من الصدمة، مشيرة إلى أن هناك حالات انتحار منتشرة.
وأوضحت: "نحن وثقنا حالة سيدة رفضت تلقي العلاج حسب إفادات عائلتها والممرضة التي أشرفت على علاجها، وبعد خمسة أيام فارقت الحياة".