أعادت الاضطرابات التي تشهدها فرنسا منذ مقتل الفتى نائل، إلى الأذهان أعمال شغب هزت البلاد عام 2005، إثر وفاة شابين صعقًا في محطة للكهرباء في أثناء اختبائهما من الشرطة.
وتعود الحادثة التي لم تهدأ من بعدها فرنسا لأسابيع، إلى السابع والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول 2005، وأدت إلى خروج مظاهرات احتجاجية ضد الشرطة، واتهم أهالي الشابين حينها وزارة الداخلية بالتسبب في مقتلهما.
في المقابل، وصف وزير الداخلية في ذلك الوقت نيكولا ساركوزي المتظاهرين بـ"الحثالة، وقال: إن الضواحي تحتاج إلى "تنظيف صناعي". ونفى قيام رجال الشرطة بملاحقة المراهقين.
وبينما استمرت التظاهرات 19 ليلة، أعلنت السلطات الفرنسية فرض حالة الطوارئ في 8 نوفمبر 2005 وتم تمديدها لمدة 3 أشهر.
وفي المحصلة، تم توقيف 2700 شخص في اضطرابات فرنسا عام 2005، وحرق 8700 سيارة وعدة مبانٍ عامة.
ما الذي حصل في 27 أكتوبر 2005؟
كان الخميس 27 أكتوبر 2005 يومًا آخر يقضي فيه المراهقون زياد البنا وبونا تراوري و8 من أصدقائهم، وقتًا في لعب كرة القدم في ملعب تراغاندان. بعد ذلك عادوا إلى حي كليشي سوبوا بضاحية سين-سان-دوني الباريسية.
وفي طريق العودة، توقفت سيارة بشكل مفاجئ وكان من فيها قوات شرطة بلباس مدني؛ روى شاهد عيان في حلقة أرشيفية من برنامج "كنت هناك" نقلًا عن شقيقه الذي كان من بين المراهقين أن رجال الشرطة "أشهروا عليهم الأسلحة مباشرة".
هرب المراهقون في اتجاهات مختلفة، وبينما تم إلقاء القبض على معظمهم، نجح زياد وبونا ومراهق آخر في الركض أبعد من الآخرين، وتسلقوا محطة للكهرباء احتميا فيها دون إدراك مدى الخطر المحدق.
أرقام قياسية وتاريخية لأعداد الموقوفين والمحتجزين في السجون الفرنسية👇#فرنسا pic.twitter.com/t8YrnIat1D
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) July 1, 2023
وبصعقة كهربائية توفي كل من زياد وبونا، بينما أُصيب المراهق الثالث بحروق بالغة وتمكن من طلب المساعدة، وفق ما تورده صحيفة "لوموند".
وبينما كانت المدينة الغاضبة ما تزال تعيش تحت وقع صدمة ما حصل، خرج رئيس الوزراء دومينيك دوفيلبان ووزير الداخلية نيكولا ساركوزي بتصريحات أولية تشير إلى أن الضحايا كانوا لصوصًا، مما أجج الغضب.
وفي نهاية أكتوبر، أدى انفجار قنبلة غاز مسيل للدموع أمام مدخل أحد المساجد حيث كان المصلون متجمعين إلى حالة من الذعر. فانتشرت أعمال الشغب على نطاق واسع.
وقد تحدث حينها ساركوزي عن أفعال "لم تكن عفوية" بل "منظمة بشكل كامل"، لكن تقريرًا صادرًا عن أجهزة المخابرات بعد ثلاثة أسابيع ذكر عكس ذلك، وفق الصحيفة.
وبعد أعمال الشغب التي استمرت في فرنسا لأيام، فرضت حالة الطوارئ في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005. وتم تمديدها لمدة 3 أشهر.
بحسب شاهد العيان سمير ميهي الذي تحدث لـ"كنت هناك"، تم تكذيب ما قيل عن أن قوات الأمن لم تقم بملاحقة زياد وبونا وكذلك اتهامهما بأنهما كانا يقومان بممارسات تخريبية، من قبل أجهزة المخابرات.
وأضاف أنه تم إثبات أن قوى الأمن كانت تطارد المراهقين، اللذين لم يقوما بأي أعمال سرقة من مشاريع بناء.
إلى ذلك، قدّم أهل الضحايا شكوى ضد ضباط الشرطة لعدم مساعدة شخص في خطر. وقد مثل شرطيان أمام المحكمة بهذه التهمة، وفي العام 2015 تمت تبرئتهما.